حققت هيلاري كلينتون المرشحة المحتملة لتمثيل الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الاميركية فوزا مستحقا على منافسها الاشتراكي بيرني ساندرز في آخر "ثلاثاء كبير" تشهده الانتخابات التمهيدية.

وخلافا لكل الادعاءات التي حاولت اضفاء ضبابية على معركتها بهدف اضعاف حملتها، تمكنت من مفاجأة استطلاعات الرأي عبر اكتساحها ولاية كاليفورنيا، أكبر ولاية اميركية، واستطاعت تحقيق بون شاسع في عدد الاصوات التي صوتت لها، وفازت بعدد كبير من المندوبين المنتخبين، ما سمح لها بالحصول على الاصوات الضرورية لإعلان الفوز من دون احتساب اصوات المندوبين الكبار.

Ad

واعتبر محللون أن تأجيل كلينتون خطاب الفوز أربعاً وعشرين ساعة رغم ضمانها اكثر من 2383 مندوبا العدد الضروري للفوز، خطوةً مدروسة لضمان الحصول على تأييد الجمهور الداعم لمنافسها في الانتخابات العامة.

وحين خاطبت جمهورها في نيويورك، أمس الأول، توجهت بالتحية أولاً إلى منافسها ساندرز وإلى حملته، احتراما وحفاظا على أصوات جمهوره الذي فرض عليها تبني خطاب أكثر تقدمية مقارنة بما بدأته قبل اكثر من عام.

واعتبر المراقبون أن حرصها على اعادة توحيد الحزب الديمقراطي كان السبب نفسه الذي منع الرئيس الاميركي باراك اوباما من اعلان تأييده لها مباشرة بعد اعلان فوزها بعدد المندوبين، سواء مساء الاثنين قبل انتخابات الثلاثاء الكبير أو بعده.

وعلى العكس، أعلن البيت الأبيض أن أوباما اتصل مساء الثلاثاء بكلينتون وساندرز، وهنأهما على الحملة التي خاضاها معا، لكنه هنأ كلينتون على فوزها محجما عن تأييدها قبل لقاءه بساندرز اليوم الخميس.

وبحسب أوساط الحزب الديمقراطي فإن الرئيس اوباما سيقوم بتنسيق الكثير من الخطوات والمناسبات مع أقطاب الحزب ومع حملة ساندرز لجعل مؤتمر الحزب في نهاية يوليو المقبل مؤتمرا ناجحا، وقد شفي من الجروح التي أصيب بها جراء انقسامه الشديد خلال الانتخابات التمهيدية بين كلينتون وساندرز.

وتضيف تلك الاوساط أن مسار اعادة توحيد الحزب لن يكون تلقائيا ويحتاج إلى أسابيع عدة وعمل دؤوب، خصوصا أن كلينتون مطالبة بإعادة بناء حملتها لتشمل معارضيها والمستقلين على السواء. وهذا ما سيفرض عليها ان تتبني اسلوبا وخطابا مختلفا للفوز بتأييد القاعدة الشابة المعترضة على المؤسسة الحزبية التي صوتت لساندرز، والعمل على إعادة تأطير رموز وقيادات حملته وضمها الى حملتها.

كان واضحا أن المهمة قد لا تكون بالسهولة التي يتصورها البعض، وهو ما ظهر في أصوات الغضب والاعتراضات التي أبداها الحشد الذي استمع إلى خطاب ساندرز في سانتا مونيكا في كاليفورنيا، مساء الثلاثاء، خلال متابعته نتائج فرز الأصوات.

موقف ساندرز الذي أصر على خطابه وعلى الاستمرار بحملته رغم هزيمته في كاليفورنيا، فسره المحللون على أنه محاولة من قبله لضمان تثبيت "التنازلات" التي قدمتها كلينتون مع تبنيها خطابا اكثر راديكالية، نتيجة ضغوط خطابه عليها.

في المقابل فإن نجاح كلينتون بضمان الفوز بغالبية اعداد المندوبين المنتخبين، شكل صفعة لساندرز الذي كان يمني نفسه بالفوز على الاقل بأكثر من نصف عدد مندوبي ولاية كاليفورنيا الـ 475، ما يمنح ادعاءاته صدقية امام مؤتمر الحزب ويجبر كبار المندوبين على تغيير ولائهم لمصلحته. واعتبر البعض أن اداء كلينتون المميز خلال الاسبوع الماضي منذ خطابها عالي النبرة ضد منافسها الجمهوري دونالد ترامب، هو الذي سمح لها بتحقيق الفوز في انتخابات الثلاثاء الكبير. كلينتون التي كررت ان ترامب لا يصلح بتاتا ليكون رئيسا للبلاد، أجمعت التعليقات على القول إن نهجها الذي ستدير من خلاله حملتها ضده، سيعتمد على المواقف السياسية وعلى نقاش القضايا، مبتعدة عن اسلوب التهجم الشخصي ضده.

وعلى العكس واصل ترامب حملته الانتخابية من دون تعديل في أسلوبه، ما عدا تخفيف تهجمه على القاضي الفدرالي غونزالو كوريل الذي يتابع ملف جامعته بسبب اصوله اللاتينية، بعدما بلغ حجم الانتقادات ضده وخصوصا من قيادات الحزب الجمهوري حدا لا يمكن مقاومته.

ترامب ألقى خطابا مساء الثلاثاء كرر فيه اتهاماته المعروفة ضد كلينتون وتعهد بإعادة توحيد الحزب الجمهوري، واعدا بخطاب رئيسي سيلقيه الاثنين المقبل يحدد فيه برنامجه السياسي ورؤيته وفلسفته لقيادة الولايات المتحدة.

يبقى ان كلينتون تمكنت من الفوز بأربع ولايات من اصل ست صوتت أمس الاول، أكبرها كاليفورنيا (475 مندوبا) يليها نيوجيرسي (126 مندوبا) ونيومكسيكو (34 مندوبا) وساوث داكوتا (20 مندوبا). في حين فاز ساندرز بولاية مونتانا (21 مندوبا) ونورث داكوتا (18 مندوبا) التي لم تشهد انتخابات تمهيدية.

من هم كبار الناخبين الديمقراطيين؟

المندوبون الكبار أو كبار الناخبين هم أعضاء الحزب الديمقراطي الذين ينتخبون إلى الكونغرس، يضاف إليهم أعضاء الهيئات الوطنية للحزب الديمقراطي، واللجنة الوطنية الديمقراطية، والأعضاء المميزون، وهم الرؤساء ونواب الرؤساء السابقين، والرؤساء السابقون للجنة الوطنية الديمقراطية.

وهذا العام، يشكل كبار المندوبين نحو 15 في المئة من مجموع المندوبين، أي ما يقارب 714 شخصاً سيشاركون في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الذي سينعقد في فيلادلفيا من 25 إلى 28 يوليو.

وكبار المندوبين لهذا العام هم 20 حاكم ولاية، و45 سناتوراً، و193 نائباً من أعضاء الحزب، بما في ذلك ممثلو الأراضي الأميركية. يضاف إلى هؤلاء أكثر من 400 شخص هم أعضاء الهيئات الوطنية للحزب الديمقراطي، واللجنة الوطنية الديمقراطية.

ويعتبر من كبار الناخبين كذلك 20 عضوا مميزا في الحزب هم الرئيس باراك أوباما، ونائب الرئيس جو بايدن، والرئيسان السابقان بيل كلينتون وجيمي كارتر، والرؤساء السابقون للجنة الوطنية الديمقراطية. وذكرت وكالة "اسوشيتد برس" أن 571 من كبار الناخبين يدعمون هيلاري كلينتون مقابل 48 لبيرني ساندرز، لكن خلافاً للناخبين الذين يتم اختيارهم في الاقتراع التمهيدي، فإن هؤلاء الناخبين الكبار ليسوا ملزمين البقاء على موقفهم الأولي.

(واشنطن - أ ف ب)