الأغلبية الصامتة: الإسلام... الانتشار الآخر
![إبراهيم المليفي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1612377050504273100/1612377064000/1280x960.jpg)
لقد انشغلت قبل سنوات بقراءة قصص انتشار الإسلام في الدول والمناطق التي لم يصلها الإسلام بالفتح العسكري، ووجدت في جزر القارة الآسيوية قصصا عن دول كاملة دخلت إلى الإسلام بسبب كلمة طيبة صادقة قيلت لوجه الله من تاجر أو داعية غيرت مسار حياة شعوبها بالكامل، من بين تلك الجزر هي إندونيسيا التي يشكل المسلمون غالبية السكان فيها، والذين يناهزون ربع مليار نسمة، وقد دخلها الإسلام عن طريق التجار الذين وُجِدوا في جزيرة سومطرة، ومنها انتشر الإسلام لبقية الأرخبيل الإندونيسي، أما ماليزيا فقد دخلها الإسلام قادما من جزيرة ملقا ويوجد في المتحف الوطني الماليزي في العاصمة كوالالمبور ركن خاص يصور قصة إسلام سلطان ملقا على يد مجموعة من التجار، وكيف كانت تلك الجلسة نقطة محورية في تاريخ ماليزيا، القصة الأخيرة تخص الداعية المغربي الأمازيغي أبو البركات يوسف البربري الذي تمكن من إقناع سلطان المالديف بالدين الإسلامي، وعلى يديه نطق بالشهادتين.العبر من هذه القصص لا يمكن أن تنحصر في تفسيرات سطحية، فهذا النمط السلمي غير الموجه من الانتشار للدين الإسلامي حصل في فترات زمنية متداخلة مع نمط الفتوحات العسكرية لا بعدها الأمر الذي يدعونا إلى التفكير مجددا في أهمية استعمال الكلمة الطيبة والسلوك الحسن في تعاملنا مع الآخر غير المسلم، وكذلك مراجعة تاريخ الفتوحات الإسلامية التي دلتنا قصة فتح سمرقند عنوة قبل دعوة أهلها إلى الإسلام أو دفع الجزية لضرورة ما تم تدريسه لنا في المدارس، فلولا عدالة الخليفة عمر بن العزيز لما سجل لنا التاريخ بوضوح قصة شكوى أهل سمرقند من جيش المسلمين وقرار الخليفة بسحب ذلك الجيش.الأمر الثاني وهو يخص الحاضر ويتلخص في أسئلة مفصلية عن الدول الإسلامية في شرق آسيا وجنوبها، ففي بنغلاديش وباكستان وصلت المرأة وبقوة إلى منصب رئيس الوزراء، فهل إسلامنا مختلف عن إسلامهم؟ في ماليزيا تحققت معجزات اقتصادية وصناعية على يد رئيس الوزراء الأسبق مهاتير محمد، فهل تخلت ماليزيا عن دينها كي تحقق نموذجها الخاص؟ وهل يوجد لدى إندونيسيا وصفة سحرية تتقاسمها مع ماليزيا للتعامل مع الأقليات الدينية والعرقية التي تعيش معها بسلام وتعاون؟الأسئلة التي تنبشها «المراجعة العقلية» لا تنتهي لكنها أرشدتني إلى فكرة مهمة أقترحها على وزارة التربية، بحيث يوزع فيها تاريخ انتشار الإسلام على قسمين: الأول الفتوحات العسكرية، والثاني الفتوحات السلمية، مع تعزيز الثاني وإبرازه لأني لا أذكر أن أستاذ التاريخ أو الدين قد تحدثا عنه.