في أحد الأيام من ماضٍ عبر وقف طفل على شرفة منزله يراقب حركة الناس وتصرفاتهم، وكرر وقفته مرات ومرات إلى أن امتشق قلمه وخرطش على الورق رؤيته لحركة هؤلاء الناس، وإذا برسم يظهر أقرب إلى السخرية، لا من الناس بالذات بل من الأوضاع التي تفرض عليهم، في معظم الأحيان، تصرفاتهم.
ومع الوقت كبر الطفل واتسعت نظرته الثاقبة إلى ما يدور من حوله، وكان القلم والورقة وسيلة تعبيره الرافضة والمتمردة والثائرة، وشيئاً فشيئاً اتضحت موهبة بيار صادق وسار في مشوار الحياة أكثر من 50 سنة، يرصد الأمور اليومية على الصعد كافة ويترجمها رسوماً كاريكاتورية، إلى أن... خانته صحته فسخر من المرض لكنه في النهاية استسلم له وترك ريشته ومضى، فبقيت رسومه تخبر عنه. لتخليد ذكراه أنشأت عائلته «مؤسسة بيار صادق»، من أولى مهامها إلإعلان عن جائزة «ريشة بيار» هذه الريشة التي لم تبارح قلبه ويده طوال 53 سنة.عشق بيار صادق الحرية ووضعها شعاراً له على مدى مشواره في الحياة وفي الفن، وهذا الشعار بالذات تبنته مؤسسة بيار صادق، واتخدته عنواناً لنشاطها الأول، وهو عبارة عن مسابقة في الرسم الكاريكاتوري، أطلقتها اخيراً في جامعة الألبا في بيروت بالتعاون مع école Estienne paris ما يمنح الجائزة طابعا عالمياً، لا سيما أن بيار صادق معروف في فرنسا من خلال رسومه. تتوجه المسابقة إلى طلاب الجامعات في لبنان لتعريفهم على فكرة بيار صادق الأساسية، الحرية التي آمن بها ولم يتخلّ عنها رغم الإغراءات التي عرضت عليه، لأن الفنان من دون الحرية، كعصفور مسجون في قفص، على أمل أن يحمل الشباب المشعل الذي أضاءه بيار صادق ويتابعوا رسالته الوطنية والإنسانية. تكمن ميزة بيار صادق ليس في كونه من اوائل رسامي الكاريكاتور في الشرق، اختطّ لنفسه اسلوباً مميزاً ينم عن شخصيته وهويته فحسب، بل لأنه ابتكر الكاريكاتور التلفزيوني، وحجز لنفسه مكانة في ختام نشرة الأخبار، أطلّ فيها بشكل يومي على المشاهدين، منذ ثمانينيات القرن العشرين لغاية وفاته. كان يرصد الأخبار على مدى اليوم ويرسم الكاريكاتور الذي تُختتم به نشرة الأخبار.
ريشة بيار
الجائزة مسابقة سنوية تنطلق في سبتمبر مع بداية العام الجامعي، يمكن للطلاب التسجيل للمشاركة فيها وتقديم أكثر من رسم واختيار الموضوع بحرية شرط ان يتعلق ببحث جرى خلال 2016.تتألف لجنة التحكيم من متخصصين يدرسون الرسوم ويختارون الأفضل، ويشمل النشاط معرضاً للرسوم وكتيبا يعرّف بالطلاب المشاركين، على أن يعلن اسم الرابح في حفلة ضخمة. أما الجائزة فهي سفر الى جامعة Estienne في باريس للمشاركة في احد المعارض المنظمة هناك، اضافة الى مبلغ مالي.تشكل المسابقة فرصة لاكتشاف مواهب في الفن التشكيلي والكاريكاتور، وتعطي قيمة للصحافة من خلال الكاريكاتور باعتباره عملاً صحافياً يعكس الأحداث ويترجمها عبر الرسم، خصوصا ان هذا الفن يتمتع بحرية التعبير في لبنان.محطات من سيرة
درس بيار صادق الفن التشكيلي في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة. عمل في صحف لبنانية وعربية من بينها: النهار، الأنوار، العمل، الجمهورية، الديار، النهار العربي والدولي، السياسة.نقلت رسومه وكالات أنباء وصحف ومجلات عالمية منها: أسوشياتد برس، يونايتد برس إنترناسيونال، مجلة تايم، لو ماتان، فرانس سوار، واشنطن بوست، مجلة أطلس، جون أفريق، سود دويتشه زايتونغ.ابتكر الكاريكتور المتحرك المتلفز عبر شاشتي المؤسسة اللبنانية للإرسال (1986 - 2002) وتلفزيون المستقبل (2002 - 2013).قدّم رسومه ولوحاته في معارض محلية وعالمية من بينها: فندق السان جورج، لبنان (1969) في عنوان «الحرب والسلام»، الكويت (1972)، المملكة العربية السعودية (1977) «بيار صادق 80» في غاليري دامو، لبنان (1980)، «هذا هو لبناني» واشنطن ( 1984).من مؤلفاته: كاريكاتور صادق (1964)، إضحك مع بيار صادق على السياسيين (1972)، كلنا عالوطن (1977)، بشير (1983).نال جوائز عدة من بينها: جائزة سعيد عقل (1965) و (2003)، جائزة كمال المر (1988)، درع المكتبة الوطنية، بعقلين (2000)، جائزة نادي دبي للصحافة (2000)،جائزة الليونز (2000)، جائزة الليونز ليبرتي (2010)، جائزة تقدير من المهرجان الدولي للفنون التشكيلية، تونس (2013).حاز على وسام الأرز الوطني من رتبة فارس في عهد الرئيس سليمان فرنجية (1972)، ومن رتبة ضابط في عهد الرئيس الياس الهراوي (1997)، ومن رتبة كومندور في عهد الرئيس ميشال سليمان (2012).