في الدراما الرمضانية، وهو ليس مصطلحاً نقدياً أو علمياً، بل إشارة إلى المسلسلات التي تُعرض في الشهر الفضيل سنوياً، يصبح الناقد والمتابع في حيرة نتيجة زحام الشاشات الفضائية الرسمية والخاصة، التي تتسابق من أجل الحصول على المردود المادي من الإعلانات، وهي فرصة لا تعوض بالنسبة لملاكها أو القائمين عليها، لذا يتسابقون من أجل الحصول على عروض حصرية أو عرض أول لأعمال نجوم الشاشة الرمضانية.ولعل التخمة في عدد الأعمال التي ملأت الفضائيات، تجعل المشاهد والناقد، في الأيام الثلاثة الأولى، يضع المنخل لبعض المسلسلات، لتمييز ما هو جيد وما هو رديء، وكذلك ينصب اهتمامه على العمل المناسب لوقته، فلا يعقل أن يجلس 24 ساعة لمتابعة كل الأعمال.
وقبل الولوج إلى ثلة من أفضل الأعمال الدرامية، حسب متابعتنا لها، فإن الإعلانات التجارية باتت هي المسيطرة، وقد أفسدت سير المتابعة لسلسلة الأحداث الدرامية لكل المسلسلات من دون استثناء، ومن السخرية أن نقول إن الإعلانات فواصلها الدراما، لكثرتها وتجاوزها التنسيق المدروس، فإذا ما تابعنا أي مسلسل غربي يعرض على شاشة أجنبية يكون الإعلان في بداية الحلقة وأخيراً عند نهايتها، وعندنا يكون الأمر إعلانات يتخللها العمل الدرامي، كي تتابع مسلسل مدته 30 دقيقة فإنك تعيش مع إعلانات تستغرق نفس المدة.
ساق البامبو
من المستغرب، أن ترفض الرقابة بوزارة الإعلام نص "ساق البامبو" الحاصل على جائزة البوكر للروائي الكويتي سعود السنعوسي ومن ثم منع عرض المسلسل ومنع تصويره في الكويت، فتم تنفيذ تصويره في إمارة دبي والفلبين. هذا العمل المرفوض من الرقابة الكويتية، وتسابقت على شراء عرضه مجموعة من القنوات الخليجية، ، لنكتشف بعد عرضه هو واحد من أفضل الأعمال الدرامية الكويتية، من حيث القصة والمعالجة الدرامية للكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن والإخراج المتميز لمحمد القفاص، والأداء اللافت للفنانة القديرة سعاد عبدالله وكذلك الفنان عبدالمحسن النمر ومن أدت شخصية الخادمة، يتناول هذا العمل الذي تفوق شكلاً ومضموناً قضية اجتماعية واقعية حول زواج المواطن من الخادمة، ورفض العائلة لهذا الزواج ونتاجه من أبناء أو بنات.مأمون وشركاه
من جهة أخرى، ينجح الفنان القدير عادل إمام في كسب المشاهدين كعادته من خلال مسلسل "مأمون وشركاه" بشخصية البخيل التي برع فيها، كما أبدع ابنه المخرج رامي إمام في التنقل من حدث إلى آخر ومن مشهد إلى التالي بسلاسة، واللقطات الجميلة، تجعل المتابع مستمتعاً بكل منظر.نص يوم
أما مفاجأة هذا العام، فهو مسلسل "نص يوم" للمنتج صادق صبّاح، الذي ينجح في تقديم مسلسلاته المأخوذة عن أفلام أجنبية، بمعالجات درامية ملائمة، نص "نص يوم" قوي في بنيته الدرامية، وفي اختزال الحوارات، كما أبدع المخرج سامر برقاوي في هذا العمل من خلال التصوير والتنقلات من مشهد إلى آخر بحرفية شديدة وبلقطات متنوعة تشد انتباه المشاهد، وكذلك الاعتماد على تعابير الممثلين والموسيقى التصويرية المناسبة والمعبرة عن كل حدث، إضافة إلى أداء الممثلين غير المتصنع، خاصة الفنان المبدع تيم حسن والفنانة ندين نجيم.أداء متميز
وعلى الرغم من زحمة الأعمال لا ننسى الأداء العالي للفنانتين القديريتين حياة الفهد ومريم الصالح في المسلسل التراثي "بياعة النخي" عن "شيخة" وابنة خالها التي تضمر لها الحقد والكراهية لأنها ارتبطت بحبيبها، ويستمر هذا البغض حتى في الكبر، وتميزت الفنانة القديرة هدى حسين في مسلسل "جود" بشخصية الفتاة البسيطة التي تعاني هي وشقيقاتها تسلط وجبروت والدهن.خلاصة القول، الكبار من نجوم الفن عملة نادرة ومتفوقة في دراما رمضان.