سيد قطب... والحديث النبوي (2)

نشر في 10-06-2016
آخر تحديث 10-06-2016 | 00:09
 خليل علي حيدر يلاحظ د. الخالدي أن سيد قطب في تفسيره "لم يقل شيئاً في الأحاديث الصحيحة الكثيرة التي تقرر نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان على الأرض ليحكم بالإسلام. وكيف ينزل إذا كان قد توفي على الأرض ثم رفع إلى السماء؟ والنصوص تخبرنا أنه من خرجت روحه من جسده فلا تعود إليه الا عند البعث!! وعيسى عليه السلام ينزل قبل يوم البعث!! ثم كيف يجمع الله على عيسى عليه السلام موتتين؟".

ويضيف د. الخالدي: "قال الإمام الطبري في ترجيح رفع عيسى بروحه وجسده ونزوله في آخر الزمان: "ومعلوم أنه لو كان قد أماته الله عز وجل، لم يكن بالذي يميته ميتة أخرى، فيجمع عليه ميتتين، لأن الله عز وجل إنما أخبر عباده أنه يخلقهم ثم يميتهم ثم يحييهم، كما قال جل ثناؤه: "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ...".

المأخذ الرابع عشر "حديثه عن معابد الجاهلية واعتزالها، وتعميم أمر موسى لبني إسرائيل بجعل بيوتهم قبلة، تعميم هذا على المسلمين في بعض الأحيان": "وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" يونس: 87.

فسر سيد قطب هذه الآية مركزاً على ما يمكن للإخوان المسلمين أن يفهموه منها، فيقول: "قد يجد المؤمنون مطاردين في المجتمع الجاهلي، وقد عمت الفتنة وتجبر الطاغوت، وفسد الناس، وأنتنت البيئة".

وهو يقصد هنا ظروف مطاردة الأحزاب الدينية في الظروف الحالية، وظروف مصر بعد مطاردة الإخوان، ويقول إن الآية ترشدهم في هذه الحالة إلى:

1- اعتزال الجاهلية بنتنها وفسادها وشرها- ما أمكن في ذلك– وتجمع العصبية المؤمنة الخيرة النظيفة على نفسها، لتطهرها وتزكيها، وتدربها وتنظمها حتى يأتي وعد الله لها.

2- اعتزال معابد الجاهلية، واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي، وتزاول فيها عبادتها لربها على نهج صحيح، وتزاول بالعبادة ذاتها نوعاً من التنظيم في جو العبادة الطهور...".

وكان لتفسير قطب هذا عواقب وخيمة، فقد بنى بعض المسلمين عليه نتائج "خطيرة خاطئة"، يقول د. الخالدي، حيث تركوا الصلاة في مساجد المسلمين في هذا الزمان لأنها "معابد الجاهلية"، واتخذوا زوايا بيوتهم مساجد، وتركوا الجُمع والجماعات، وكفروا رواد المساجد من المصلين".

ويضيف د. الخالدي: "صحيح أن سيد لم يقل تلك الترهات، لكن استنتاجه السابق من الآية غير دقيق، والأمر الذي خرج به من الآية، وهو اعتزال معابد الجاهلية واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد، غير منضبط، ويمكن أن يوسع ويستدل به لأحكام خاطئة! ولا يمكن أن نطبقه على مساجد المسلمين القائمة، ولا أن نقول بترك صلاة الجماعة فيها... وإذا فعلنا ذلك فماذا نفعل في الأحاديث الصحيحة حول إجابة النداء للجماعة والسعي إلى المساجد؟ وبمن نتوجه للدعوة إن نحن هجرنا رواد المساجد وجمهور المجتمع، واعتزلناهم في زوايا بيوتنا؟

ولذلك لا نرى تعميم هذا الأمر الذي صدر الى بني إسرائيل زمن موسى عليه السلام، على المسلمين المعاصرين، بل يجب قصره عليهم، فشرع من قبلنا ليس شرعاً لنا، وبخاصة إذا أتى شرعنا بضده ومقابله، كما في الأمر السابق لبني إسرائيل والأوامر لنا بصلاة الجماعة".

المأخذ الخامس عشر، يقول د. الخالدي "اختياره وقت الإمساك للصائم الذي ورد بقوله تعالى: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ..."، وأنه يكون قبل طلوع الشمس بقليل! يقول: "أي حتى ينتشر النور في الأفق وعلى قمم الجبال وليس هو ظهور الخيط الأبيض في السماء وهو ما يسمى بالفجر الكاذب".

ويعلق د. الخالدي قائلاً: "وهو لا يتفق في اختياره هذا مع جمهور الفقهاء، فالفجر المستطير هو الفجر الصادق الأحمر المعترض في الأفق... وهو يسبق طلوع الشمس بزمن وليس قبلها بقليل كما قال السيد، فذلك هو الإسفار. والفجر الصادق المستطير يسبق الإسفار".

back to top