مع أنها كانت مباغتة وموجعة، إلا أن الأردن كان يتوقع عملية إرهابية، كالعملية الأخيرة التي أسفرت عن استشهاد 5 من "مرتبات" المخابرات الأردنية، فتنظيم "داعش"، الذي بات يتعرض لضغط فعلي وحقيقي في سورية والعراق، وأيضاً في ليبيا، بات بحاجة إلى بعض عمليات ما يسمى "الذئاب المنفردة"، إنْ في هذه المنطقة، وإنْ في أوروبا، وإنْ في أي مكان، لإثبات أنه لا يزال موجوداً وفاعلاً، وبإمكانه "الضرب" حتى في الدول التي تعتبر نفسها قوية ومحصنة.

صحيح أنه ثبت أن العملية الإرهابية الأخيرة في الأردن قام بها شخص واحد، وأن هذا الشخص لا ارتباطات ذات طابع تنظيمي له، لا مع "داعش"، ولا مع غيره، لكن ما ثبت أيضاً، أنه متأثر بهذا التنظيم، ومتابع لتعليماته، عبر ما يسمى "الشبكة العنكبوتية"، وحقيقة إن هذا هو ما أصبح يشكل خطراً على الدول التي ليس فيها لما يسمى "الدولة الإسلامية" أي وجود على الإطلاق، وبأي صيغة من الصيغ التنظيمية.

Ad

ثم وحسب معلومات الجهات الأمنية الأردنية، فإن هذا "الإرهابي" الذي ارتكب جريمة يوم الاثنين الماضي كانت تحوم حوله شبهات كثيرة، وأنه كان قد استُدعي لـ"الاستجواب" أكثر من مرة، لكن وفي كل الحالات فقد ثبت سابقاً ولاحقاً أنه لا ارتباط تنظيمياً له لا مع "داعش" ولا مع غيره من التنظيمات الإرهابية، وأنه تعرف على هذا التنظيم وغدا تابعاً له من خلال الشبكات العنكبوتية (الإنترنت) ومن طرفٍ واحدٍ... من طرفه هو فقط.

وحقيقة، إن هذا هو الجانب الخطير بالنسبة لهذا الأمر، إذ إن هذا الإرهابي استطاع لأنه بمفرده ولا ارتباطات تنظيمية له أن "يباغت" المخابرات الأردنية، المعروفة والمشهود لها بالتفوق والخبرة الطويلة في التعاطي مع مثل هذه الأمور، والدليل أنها - أي المخابرات الأردنية - بقيت قادرة على إلقاء القبض على الجناة، بعد كل عملية إرهابية، ومن بينها حتى عملية استهداف ثلاثة من فنادق عمان عام 2005.

هناك معلومات جرى تداولها بعد عملية يوم الاثنين الماضي ثبت أنها غير صحيحة، وهناك تقديرات وتكهنات زجت بعامل التركيبة السكانية الأردنية في هذا الأمر، على اعتبار أن هذه العملية الأخيرة جرت بالقرب من مخيم "البقعة" للاجئين الفلسطينيين، ثبت أن وراءها بعض الجهات المغرضة. والصحيح أن هذا الإرهابي كان وحده، ولم يكن معه لا شقيقه ولا أي إنسان آخر، وإن إحدى وكالات الأنباء المعروفة التي زجت بالعلاقات الأردنية - الفسلطينية في هذا الشأن، إما أنها لم تتوخَّ الدقة، أو أنها وقعت ضحية بعض الجهات المغرضة المشبوهة.

وهكذا، فإن السؤال الذي لابد من طرحه في النهاية، هو: هل من الممكن أن يتكرر هذا الذي جرى يوم الاثنين الماضي في الأردن؟

الجواب نعم... إن هذا من الممكن أن يتكرر، رغم يقظة المخابرات الأردنية وتفوقها، ورغم تماسك الشعب الأردني ومتانة وحدته، ولكن بصيغة "الذئب المنفرد"، لأن الأردن لا تنظيم فعلياً فيه لا لـ"داعش" ولا لغير "داعش".