من الشخصيات الكويتية التاريخية التي كان لها أثر بالغ في تاريخ الكويت الديني والتعليمي والأدبي والسياسي والاجتماعي والتوثيقي والإنساني شخصية الشيخ يوسف بن عيسى السري القناعي، المولود عام 1872م بالكويت. سنتحدث عنه في مقال اليوم، وربما في مقال آخر، وسنعرض لكم وثيقة تنشر للمرة الأولى أهداني إياها أحد أبناء عائلة القناعات. رجعت إلى مقابلة العم سيف مرزوق الشملان مع الشيخ يوسف بن عيسى في عام 1966، وفيها تحدث الشيخ يوسف عن حياته ومسيرته، وألخص لكم أهم ما جاء في المقابلة كما يلي:● والده، رحمه الله تعالى، كان تاجراً، وكان يملك سفينة من نوع "البغلة" حملها 4 آلاف "مَنْ"، لكنه تعرض لنكسة وخسارة كبيرة عندما غرقت السفينة عام 1309هـ (1891م) وهي في عمق البحر ومات أكثر من نصف البحرية ومن ضمنهم ابنه محمد.
● درس على يد الشيخ عبدالله بن خالد العدساني، ثم بمدرسة الملا دخيل الجسار، ثم درس الفقه على يد الشيخ الجليل عبدالله الخلف الدحيان.● قرر السفر إلى خارج الكويت طلباً للعلم الشرعي، فقضى تسعة أشهر في الإحساء، ثم عاد إلى الكويت، ثم سافر إلى مكة وقضى فيها 18 شهراً يحضر فيها دروس العلم ويتابع التفقه بالدين.● يقول عن نفسه إنه حفظ ألفية ابن مالك، وحفظ كتاب "التيسير" (2600 بيت شعر)، وإنه كان يقرأ في اليوم الواحد سبع ساعات على الأقل. نبغ الشيخ يوسف بين الناس في كل ميدان شارك فيه، فقد شارك في أول مجلس شورى في الكويت، وكان عضواً فيه وذلك عام 1921م، وكان صاحب فكرة إنشاء بلدية للكويت عام 1930م، وكان معلماً ناجحاً له مدرسته الخاصة، وأول مدير للمدرسة المباركية التي كان له دور أساسي في تأسيسها عام 1911م. كما كان أول مدير للمدرسة الأحمدية التي تأسست عام 1921م. ولا يمكن أن نتجاهل دوره السياسي في أحداث المجلس التشريعي عام 1938-1939م، حيث كان لاعباً محورياً في التطورات رغم حساسية وخطورة ما وقع من أحداث استثنائية. له دور في التاريخ من خلال ما دونه لنا في كتابين أولهما "صفحات من تاريخ الكويت"، وثانيهما "الملتقطات" الذي تضمن معلومات لشاهد عيان على أحداث تاريخية كويتية كان له دور فيها أو عاصرها وهو بكامل وعيه وعقله. وكلما قرأ الإنسان في سيرة حياة هذا الرجل الفذ، وجد فيها ما يفتخر به أمام الآخرين من وجود شخصية كويتية موهوبة بالكثير من المميزات الحضارية التي انعكست في إنجازات واضحة ملموسة. إنني عندما أمتدح هذه الشخصية الكويتية، فإنني لا أبالغ في القول بأن الشيخ يوسف بن عيسى القناعي رجل حباه الله تعالى إرادة صلبة وصادقة، وإخلاصاً ناصعاً، وحباً واسعاً لبلاده وأهلها، وعقلاً راجحاً ينظر إلى المصالح الوطنية بعين ثاقبة، وقدرة كبيرة على رؤية بعيدة للأمور والتحديات، وتميز برأي موزون بالرؤية الشرعية ومواكبة الزمان، وجرأة في قول الحق وكلمة الصدق. في المقال المقبل بإذن الله تعالى، سنبدأ القراءة في رسالة رائعة كتبها الشيخ يوسف بن عيسى القناعي عام 1950 تتضمن الكثير من العبر والفوائد ولم تنشر من قبل.
أخر كلام
صورة لها تاريخ : الشيخ يوسف بن عيسى أدى دوراً في معظم ميادين النهضة بكويت الماضي
10-06-2016