شهدت السنوات القليلة الماضية زيادة لافتة في أوساط المستهلكين بالولايات المتحدة لمصادر الطاقة المتجددة النظيفة، مثل الرياح والشمس وغيرهما. وتوفر هذه المصادر نحو 60 في المئة من الطاقة التي تخلو من انبعاثات الكربون الضارة، وفق إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

ويقول تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، أخيراً، إن الولايات المتحدة بدت في السنوات القليلة الماضية وكأنها قررت التخلي عن الطاقة النووية بصورة نهائية، وهو ما تبين من عدم إكمال أي شركة تعمل في هذا الحقل لأي مصنع للطاقة النووية طوال عقود من الزمن، كما أن الكارثة التي تعرضت لها محطة فوكوشيما باليابان عام 2011 ساهمت في تنفير العامة من هذا المصدر الحيوي للطاقة بالولايات المتحدة وفي دول أخرى، على حد سواء.

Ad

وفي تطور بارز، عرض مؤتمر باريس حول تغير المناخ الولايات المتحدة، بصورة خاصة، لضغوط هدفت إلى دفعها لخفض انبعاثات بيوت الدفيئة، وهي خطوة اعتبرها بعض المسؤولين الأميركيين مثل دعوة إلى التركيز على الطاقة النووية، التي تشكل جزءا من هذا الهدف، وهم يجهدون في الوقت الراهن من أجل إنقاذ تلك المصانع القائمة، التي تبدو غير قادرة على المنافسة على الصعيدين الاقتصادي والعملي في أسواق يغرقها الغاز الطبيعي الرخيص.

وكان من نتيجة ذلك، أن بدأت سلسلة من الجهود الرامية إلى إنقاذ المصانع النووية التي تواجه خطر الإغلاق في ذلك البلد، وهو ما حدث في إيلينوي وأوهايو ونيويورك، إضافة إلى العمل على طرح تشريعات بهذا الشأن في الكونغرس.

ويوضح تقرير «نيويورك تايمز» أن الطاقة النووية تواجه عقبات كبيرة، تتمثل في الشكوك المحيطة بسجلها في جوانب السلامة، وخاصة بعد كارثتي محطة فوكوشيما ومفاعل تشيرنوبيل، إضافة إلى احتمال تحويلها إلى مصانع لإنتاج الأسلحة، وكان من حصيلة ذلك، أن تعرض مستقبل أكبر مصدر للطاقة النظيفة إلى أخطار مجهولة.

وفي السنوات الأخيرة بدأ التوجه نحو التركيز على مصادر الغاز الطبيعي، وهو ما حدث في كاليفورنيا ونيو إنغلاند.

ويقول التقرير إن مصانع الطاقة النووية تواجه الآن مشكلة تتمثل في طول فترة استخدامها، إضافة إلى أن أكثرية المفاعلات الـ99 في الولايات المتحدة تعمل منذ أكثر من 30 سنة، وساعدت على خفض أسعار الكهرباء والمنافسة في أسواق الطاقة بصورة عامة، كما أن الفترة التي كانت فيها أسعار الوقود عالية بشكل نسبي مكنت المصانع النووية من تحقيق أرباح كبيرة، بسبب رخص تكلفتها.

وعلى أي حال، فقد أفضى التباطؤ الذي حدث أخيرا في الطلب على الكهرباء والتخمة في إمدادات الغاز الطبيعي، نتيجة عمليات التكسير، إلى هبوط في الأسعار، كما شكل تحديا بالنسبة للمصانع النووية التي تحتاج إلى تحديث مكلف وإلى العديد من عمليات الإصلاح والصيانة خلال سنوات عملها. ومضى التقرير إلى القول إن مؤيدي الإنقاذ، سالف الذكر، يؤكدون أن الأسعار الحالية تخفض من قيمة الطاقة النووية، إضافة إلى عجزها عن المنافسة مع التقنيات النظيفة، مثل الشمس والرياح، التي تحصل على مساعدات، وعلى دعم يرمي إلى تعزيز دورها في طرح طاقة نظيفة.

أما أنصار خطط إنقاذ الطاقة النووية، والذين يشملون دعاة حماية البيئة، فيقولون إن الفوائد المناخية الناجمة عن استخدام تلك الطاقة تتفوق إلى حد كبير على أخطارها المحتملة.

في المقابل، يقول خصوم هذا الاتجاه إن هذه الصناعة حصلت على دعم استمر إلى عقود من الزمن، وحقق للشركات العاملة في هذا الميدان الكثير من الربح، وإن تقديم المزيد من الدعم إلى الطاقة النووية سيبعد الزخم والاستثمار عن مصادر الطاقة المتجددة، مثل الرياح والشمس.

وخلص تقرير «نيويورك تايمز» إلى القول إن الجهات التنظيمية وافقت في مارس الماضي على خطط تهدف إلى وضع معدلات من أجل الحصول على الطاقة من بعض المصانع النووية، حتى مع طرح المنشآت الأخرى في السوق لأسعار أقل.