Ad

تعمَّد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، منذ اليوم الأول لتوليه المنصب في 8 يونيو 2014، إعلان سعيه لإحداث طفرة في المشروعات القومية الكبرى، معتبرا أنها طريقة مثالية لامتصاص كثير من المشكلات المزمنة في مصر، مثل البطالة وغياب الهدف القومي، وتراجع معدلات الإنتاج والتنمية، منذ قيام ثورة 25 يناير 2011، التي أنهت حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي استمر نحو 30 عاماً.

وبينما يرى مناصرو الرئيس أن المشاريع التي بدأ العمل بها خلال عامي حكمه هي الدليل الأبرز على أنه ينتمي إلى قائمة الحكام المصريين البنائين في التاريخ، يعتقد معارضو السيسي أن كثرة المشاريع الكبرى حملت الاقتصاد المصري أعباء ضخمة، وضربوا مثلا بقناة السويس الجديدة التي لم تحقق الإيرادات التي توقعتها الحكومة، مع تراجع حركة التجارة العالمية العام الحالي، ما تسبب في نقص العملات الأجنبية وأضر بالاقتصاد المتداعي.

ويقول معارضو الرئيس إن إصراره على حفر القناة، خلال عام واحد فقط، بدلاً من ثلاثة أعوام، في وقت تعاني مصر تراجعا اقتصاديا بعد تضرر قطاع السياحة جراء الأحداث الإرهابية وعزوف المستثمرين الأجانب، أدى إلى انخفاض سعر صرف الجنيه بشكل حاد وهو ما انعكس بالسلب على جميع قطاعات الخدمات من صحة وتعليم في مصر.

«التفريعة»

العام الأول لتولي السيسي شهد عدة إنجازات، في مقدمتها إنشاء "تفريعة" جديدة لقناة السويس بتبرعات المصريين، أحد أهم الممرات الملاحية في العالم، حيث تم جمع 64 مليار جنيه من الشعب المصري، لضخّها في المشروع خلال 10 أيام فقط.

وبدأ الحفر في "القناة الجديدة" أغسطس 2014، وانتهى في الشهر نفسه عام 2015، بطول 72 كيلومترا، وبلغت تكلفة المشروع نحو 8.2 مليارات دولار، حيث أعطى السيسي إشارة البدء في اتخاذ الخطوات التنفيذية في مشروع إنشاء "المركز اللوجستي العالمي للحبوب والغلال والسلع الغذائية" بدمياط، بتكلفة استثمارية إجمالية تبلغ نحو 13.1 مليار جنيه.

إلى ذلك، أعلن السيسي أن الدولة ستعمل على تطوير الزراعة وشبكة الطرق من خلال تأهيل وتطوير 3 آلاف كيلومتر من شبكة الطرق البالغ عددها 24 ألف كيلو متر، بما يمثل 10 في المئة خلال سنة، وقامت الحكومة بإطلاق المشروع القومي للطرق لإنشاء 39 طريقا بأطوال 4 آلاف كيلومتر وبتكلفة قدرها 36 مليار جنيه، وتضمنت المرحلة الأولى من المشروع تنفيذ 15 طريقا انتهت أعمالها في أغسطس 2015.

إضافة إلى ذلك، أعلن الرئيس نيته استصلاح 1.5 فدان من أصل 4 ملايين فدان منطلقا من مدينة الفرافرة في محافظة الوادي الجديد على الحدود الغربية الجنوبية، وتشمل المرحلة الأولى زراعة 7500 فدان بالفرافرة، بينها 1500 فدان قمح، و6 آلاف فدان شعير، كنواة للمشروع، لسد الفجوة في محاصيل الحبوب والأعلاف.

وتضمن المشروع تحديد مساحات المرحلة الأولى في 9 مناطق، وتضم المرحلة الثانية من المشروع 9 مناطق تروى بالمياه الجوفية بمساحات 490 ألف فدان، والمرحلة الثالثة والأخيرة للمشروع بإجمالي مساحات 510 آلاف فدان، إضافة إلى افتتاح 32 مشروعاً جديداً في 19 محافظة، بينها 21 مشروعاً في مجال "الطرق والمواصلات"، وتأسيس "حي الأسمرات" في منطقة المقطم لنقل سكان العشوائيات إليه، وافتتاح مشروع الإسكان الاجتماعي في مدينة 6 أكتوبر غرب القاهرة.

كان السيسي قد افتتح الشهر الماضي 32 مشروعا جديدا، شملت وحدات إسكان اجتماعي في مدينة بدر تضم 8688 وحدة سكنية بتكلفة 1.1 مليار جنيه، إضافة إلى مشروعات الإسكان الاجتماعي في العديد من المحافظات، إلى جانب مشروعات معالجة المياه، والصرف الصحي، ومشروعات في قطاع النقل وإنشاء الطرق والكباري والسكك الحديدية.

انتقادات

وبينما ألمح اقتصاديون إلى أن تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار يعتبر نتيجة طبيعية لضخ كثير من الأموال في مشروعات ليست ذات عائد سريع قناة السويس الجديدة، أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة إلى صعوبة تقييم المشروعات الحالية، التي وعد بها السيسي تقييماً دقيقاً، لأن هناك مشروعات أولى بالإنفاق، بينها بناء المصانع وفتح المصانع المغلقة واستصلاح الأراضي الزراعية بدلاً من إنشاء قنال السويس الجديدة وتأسيس عاصمة إدارية جديدة.

وأضاف نافعة، لـ"الجريدة"، أن "نظام السيسي يهمّش ويعطل السياسة، مستنداً إلى تحريك عجلة الاقتصاد، لكن هذا سيدخله في مأزق في ظل تردي الأوضاع السياسية في مصر، وهو ما سيؤثر سلبا على الاقتصاد".