لا يزال الناخب الكويتي يدلي بصوته وفق العديد من الخلفيات سواء كانت قبلية أو طائفية أو فئوية، إلى غير ذلك من معاول تضرب في أساسات المجتمع؛ ومما ضاعف الأمر تعاطي الحكومات المتعاقبة، بتعمد أو بجهل، مع القضايا التي تمس الطوائف والمكونات المجتمعية بطريقة سلبية، مما أدى إلى ازدياد الاحتقان داخل المجتمع الكويتي. فقد تم التعرض لإحدى الطوائف من خلال قناة مقربة من السلطة في برنامج على مدى أيام متتالية على خلفية قضية التأبين المشهورة، مع العلم أن المؤبنين هم فئة معينة من الطائفة، وكذلك تم الهجوم على أبناء القبائل من خلال أذرع إعلامية ونشطاء مقربين من السلطة، وتم التشكيك في ولاء أبناء القبائل والمطالبة بسحب "جناسيهم"، ولم يتوقف هذا النهج بل زادت وتيرته حتى وصل الخلاف بين بعض أبناء العوائل التجارية وأبناء الشيوخ إلى حد التشابك بالأيدي داخل أروقة المحاكم الكويتية.
وفي خضم هذا الجو "المتكهرب" قفزت بعض الأصوات النشاز من جميع الأطراف لتصبح ممثلة للقبيلة والطائفة والعائلة تحت قبة البرلمان، مستغلة العاطفة واللعب على وتر الطائفية والفئوية والقبلية للوصول إلى كرسي المجلس؛ لهذا نحتاج اليوم إلى وعي سياسي واجتماعي يمكن المواطن الكويتي من كسر كل القيود التي تعطل مسيرته السياسية، ولينطلق باختياراته باتجاه مصلحة الكويت، وهذا يأتي من خلال التخلص من جميع المصالح الشخصية والمناطقية والطائفية، ليكون هناك مثال يحتذى به، وما حدث في المجتمع البريطاني هو خير دليل على ذلك حينما انتخب المسلم "صادق خان" وهو من أصل باكستاني وابن لسائق حافلة لمنصب "عمدة لندن"، والذي يعتبر أحد أهم المناصب السياسية في بريطانيا. وكذلك نحتاج إلى الوعي المجتمعي، وما حصل في فرنسا حيث دعم المجتمع الفرنسي المغربية الأصل "نجاة بلقاسم" التي كانت ترعى الأغنام في قرى المغرب الريفية في الثامنة من عمرها، وأصبحت وزيرة للتعليم الفرنسي، يدل على أن هذه المجتمعات تحمل الكثير من الوعي السياسي والاجتماعي المتطور. ولكي يكون لدينا مثل هذا الوعي في مجتمعاتنا يجب علينا أن نحقق عدداً من المتطلبات، أولها أن يكون هناك إدراك للواقع السياسي والتاريخي للمجتمع الكويتي وتطلعاته وطموحاته وهمومه؛ وكذلك دور الأفراد في العملية السياسية من حيث المشاركة والسلوك الانتخابي المحصن من أي استقطابات سواء قبلية أو طائفية أو فئوية... إلى غير ذلك، كذلك علينا التعرف جيداً على الاتجاهات والانتماءات السياسية والاعتماد على كل هذه المتغيرات في تقويم الواقع السياسي للمجتمع الكويتي، وتمييز ما ينبغي دعمه أو تغييره.ختاماً: إن المعيار الحقيقي لمعرفة درجة الوعي السياسي لدى المواطن الكويتي هو اختفاء المرتزقة السياسيين من المشهد نهائياً؛ ليحل مكانهم أفراد وطنيون يحملون الكويت في قلوبهم. ودمتم بخير.
مقالات - اضافات
High Light: الوعي السياسي مدخل رئيسي للإصلاح
11-06-2016