صدر مؤخراً في القاهرة لوزير الأوقاف المصري، محمد مختار جمعة، كتاب جديد بعنوان: "في فضاء الثقافة"، تمت ترجمته إلى 10 لغات، منها الإنكليزية والفرنسية والساحلية واليونانية والإسبانية والألمانية والعبرية، ويتناول الكتاب العلاقة الشائكة بين الدين والثقافة، وأسباب الصدام والخلاف بين المثقفين والعلماء، وكيفية علاج ذلك وتفاديه من جانب الطرفين.

وتناول المؤلف حالة الالتباس بين الجانبين، مشيراً إلى أن إزالة كثير من وجوه الالتباس والاشتباك بين علماء الدين الإسلامي وبعض المثقفين تكمن في التفرقة بوضوح بين النص المقدس الثابت غير القابل للمساس أو الافتراء عليه، المتمثل في القرآن والسنة وبين التراث الفكري البشري الناشئ حول هذين النصين القرآني والنبوي، المبني عليهما فهماً أو تفسيراً أو استنتاجاً أو تأويلاً، مما يقبل الاجتهاد بضوابطه نظراً لتغيُّر الزمان والمكان والحال.

Ad

ويحوي الكتاب الصادر عن المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف المصرية مجموعة من المقالات العصرية المتنوعة دينياً، وثقافياً، وفكرياً، واجتماعياً، ووطنياً، للكشف عن العلاقة بين الثقافة والدين، والتأكيد على كسر التقابل الخاطئ في أذهان بعض الناس بين الدين والثقافة، فالأمر على العكس من هذا التقابل الخاطئ، إذ ينبغي أن يكون العالم أو الفقيه أو الخطيب على قدر كبير من الثقافة المتنوعة، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، مع ضرورة مراعاة مقتضى الحال والمقام الذي يعد ركنًا أصيلاً من أركان البلاغة والبيان، ما يتطلب أن يكون العالم شديد الاتصال بمحيطه ومجتمعه وبما يموج به العالم من أحداث وتحديات، ملماً بواقعه غير منعزل ولا منفصل عنه.

وأكد الوزير في كتابه: "عانينا لفترات طويلة في عالمنا العربي والإسلامي من ضيق الأفق الثقافي أو محدوديته لدى كثيرين، وربما انسداده أو انغلاقه في بعض الأحايين، وصارت أحادية البعد الثقافي ظاهرة تستحق المناقشة، حيث يركز الباحث أو الدارس على علم أو فن بعينه يستغرقه فكريا أو أكاديميا، ينحصر فيه دون سواه، ما يخرج لنا جيلاً ربما نجد فيه عالما غير مثقف، أو غير قادر على العمل الجماعي بروح الفريق أو التواصل المرن مع مجتمعه، لعدم إلمامه بأدوات العصر واتجاهاته الثقافية والمعرفية، وربما ينحرف بالمتحدث أو الكاتب إلى معالجة خاطئة لبعض القضايا، أو ينجرف به إلى الصدام مع المتلقي مشاهدا كان أو سامعا أو قارئا.

وتمنى الكاتب أن يتفرغ كل إنسان لما يتقنه وما يحسنه، ليصبح التفاهم بيننا أشد، ومساحات التلاقي أوسع، مشدداً على ضرورة أن يكون العالم مثقفاً، وأن يكون المثقف على قدر من الاتصال ومن الإلمام بالثقافة الدينية ولو في أساسياتها وقضاياها الكبرى.