أنجب المفكر الإسلامي الراحل د.عبدالصبور شاهين (1929 – 2010)، خمسة أبناء هم الدكتور عمرو ويعمل في جامعة مريلاند بأميركا، بعد أن نال الدكتوراة في الطب من هناك، والدكتور هشام وهو استشاري بكلية طب قصر العيني والمهندس مروان وهو يعمل في شركة اتصالات في فرنسا، والدكتورة أميرة وهي أستاذة في أمراض العظام في طب قصر العيني، والمحاسبة لبنى وتعمل في الأعمال الحرة.

"الجريدة" تواصلت مع أميرة شاهين، حيث استعادت ذكرياتها مع والدها، وقالت: أحاول أن أتذكر نصائح أسداها لي والدي فلم أتذكر، لكنني وجدت أن كل ما تركه لنا هو أفعال قام بها ورأيناها وتعلمناها، فقد رأيناه يقضي كل وقته يعمل كمن يتعبد ويسير إلى مكان عمله في كلية دار العلوم، كمن يسير إلى الحج، فتعلمنا أن نقدس أعمالنا ونتقرب بها إلى الله تعالى تفانياً وإتقاناً.

Ad

وتشير إلى أن والدها لم يكن يتدخل في اختياراتهم طالما أنها لا تتعارض مع الدين، وكانت علاقته بهم مبنية على الصداقة والصراحة ويحرص على التحدث معهم في كل شيء، لذلك كان صديقاً مقرباً لأبنائه، مضيفة: والدي كان متعلقاً بنا فكنا نرافقه في سفرياته الخاصة بالعمل، حينما عمل في جامعة الكويت إبان إنشائها مُعارًا من جامعة القاهرة من عام ١٩٦٩ إلى ١٩٧٣، وحينما سافر مُعارا مرة ثانية للعمل في جامعة البترول والمعادن (الملك فهد حالياً) من عام ١٩٧٩ إلى ١٩٨٣.

وتحكي أميرة أن د. عبدالصبور كان في بيته أرق الناس مع أهل بيته وأعف الناس لسانا في محاورتهم وأحلى الناس في صحبتهم، فالدين عنده ليس فقط أحاديث تروى وأحكاما تتلى قدر ما هو خلق وسلوك وممارسات وأفعال، كما كان يستمع إلى الصوت الجميل ويطرب للنغم الأصيل، وكان عف اللسان ضاحك السن، لا يقرب إلا جميل القول ولا ينطق إلا حلو الحديث كثير التصدق بالتبسم في وجه إخوانه ولا يغضب أبداً.

وتقول: تعلمنا من والدي أن كل خير العلم نناله إن تعلمناه وعلمناه حينما رأيناه لا يضن بعلم مّن الله به عليه ولا يمنع سبيلا إلى نور هداه الله إليه، بل كانت سعادته تصل إلى مداها إذا جلس إليه طالب علم، كما تعلمنا منه أنه على قدر أهل العزم تأتي العزائم، وعلى قدر الكرام تأتي المكارم، حينما رأيناه يضع هدفه في عمله أمامه مثل ترجمة كتاب بحجم كتاب "دستور الأخلاق في القرآن" فيبذل جهده لتحقيقه ويشرع في الوصول إليه، متيقناً أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، كما تعلمنا منه أن الحياة بحلوها ومرها ما هي إلا خطوات نخطوها ابتغاء وجه الرحمن.