يتناول الكتاب الراوي في النص الشعري المعاصر، بما ينقل النص من المجال الشعري إلى المجال السردي، إذ يتشكل النص ضمن إطار حكائي في القصيدة، يصل بالنص إلى أعلى درجاته اللغوية السردية التي يتعامل معها السرد الشعري، وهو اتجاه قليل في الشعر المعاصر، ولا يكتفي الراوي الجديد بذلك بل يحاول المزاوجة بين رؤية التاريخ والواقع عبر تقنيات حكائية جديدة، تنفعل بشكل واضح في الواقع والذات المتجادلة مع أطراف المعادلة الجمالية المتمثلة في الشاعر والتراث والقيمة التي يتعايش معها، بالإضافة إلى الأسلوب المعاصر.

يحتوي الكتاب فصولا ستة: «من الراوي في النص الشعري»، «السرد وحكاية القول»، «السرد والتشكيلات الحكائية»، «حكاية التراثية في الشعر المعاصر»، «الحكاية التراثية وبناء النص»، «التشكيل الزمني السردي».

Ad

يؤكد زيدان في كتابه أن «السرد الشعري المعاصر» اتجه نحو بيان تداخل الشعر مع السرد بوصف هذه الظاهرة أحد ملامح البلاغة الجديدة في الشعر المعاصر، إذ يحفل الشعر الذي يكتب الآن بملامح سردية واضحة متخلياً عن المجازات والطرائق البلاغية القديمة.

والمرجعيات التي تعد أساس السر للسرد الشعري المعاصر ماثلة في أنواع السرد المختلفة في التراث العربي مثل: السرد القرآني والشعبي وغيرهما، وثمة نتائج لهذا التداخل منها: حضور ملامح سردية في الشعر كالراوي واللغة الحكائية وموضوع قصصي، ورغم وجود هذه الملامح في الشعر القديم، ولكن هذه الظاهرة شاعت في الشعر الحديث لا سيما مع شعر التفعيلة.

ويتماس ذلك مع ما كتب زيدان عن رواية «عام جبلي جديد» للأديب فكري داود، وقال إنها «رواية تتقارب فيها أدوات الحكاية تقارباً شديداً، حتى تتحد مع بعضها البعض في لغة مصفاة إلى درجة كبيرة، وقد حدد مؤلفها لنفسه، منذ البداية، الأبعاد الزمنية والمكانية والإنسانية، والراوي  يستحوذ على أكثر من نصف الرواية، ويقدم  صورة شاملة، لعلاقات الذوات الحاضرة في النص، ورؤيته التي تتضمن تفسيراً قسرياً لبعض الأحداث، بالإضافة إلى بُعد مهم من أبعاد النص، وهو البعد المكاني، ويشمل حيزاً فاعلاً في الحكاية».