«أنا آسف يا أمي»

نشر في 12-06-2016
آخر تحديث 12-06-2016 | 00:09
أعلنت مفوضية شؤون اللاجئين غرق 10 آلاف من المهاجرين عبر البحر المتوسط هربا من التنكيل والحروب في بلدانهم منذ عام 2014 حتى اليوم، ومن نجا إلى بر أوروبا واجهته معضلة الاندماج.
 مظفّر عبدالله أول العمود:

إعلان نتائج امتحانات الثانوية العامة حدث كبير يستحق حلقة تلفزيونية بحضور الطلبة المتفوقين برفقة وزير التربية وقياديي وزارته، للحديث عن ظروف سير العمل ومناقشة بعض الظواهر ومنها الغش الإلكتروني.

***

ما هذا الذي يطفو على أمواج سطح البحر الأبيض المتوسط؟ من بعيد هو شيء غير واضح المعالم، حاوية صدئة تعلوها أجساد مكومة هربت من جحيم، لا شيء لديها لتخسره، ولا تبالي بمرافقة أسماك القرش في رحلتها إلى دولة يختارها متعهد الرحلة الذي ابتلع مدخرات هذه الجثث المفترضة كالقرش تماما.

أجساد ودعت أقرباءها كل حسب عذره، منهم من ترك أمه وقال لها "أنا آسف يا أمي"، أو عائلته، أو بقايا أقربائه وذهب للساحل المشؤوم أملاً في أن تطأ رجلاه أرض أوروبا لتواجهه طامّة أخرى عنوانها الاندماج.

آلاف من أبيات الشعر وسطور النثر والروايات وصفت جمال البحر وسحره، لكنه اليوم بالنسبة إلى السوريين والليبيين وغيرهم أصبح أكثر قبحاً؛ لأنه يبتلعهم ويغدر بهم، ويقدمهم طعاما لأسماك وحشية.

بقايا الجثث المهشمة تطفو، وحاجيات الأطفال سكنت قاع البحر تلفّ حولها أسماك ملونة مستغربة، وبعد كل هذه المآسي كيف لأقرباء مرتادي القوارب الصدئة أن يجلسوا على البحر بحثا عن الهدوء والصفاء؟ هذا البحر الموسوم بـ"المتوسط" ابتلع عشرة آلاف إنسان، هكذا على دفعات وهشم أمانيهم بالعودة بعد نهاية الجحيم في بلدانهم، رقم أعلنته مفوضية شؤون اللاجئين وأرّخت لهذه المأساة بدءاً من عام ٢٠١٤ حتى اليوم.

البحر بالنسبة إلى السوريين والليبيين ذكرى مزعجة، سيبصقون عليه بعد أن كانوا يصطادون منه ويتسامرون على شواطئة ويمشون حفاة على تراب سواحله.

بلغ القبح غاية معانيه في بلداننا، لا معنى للطفولة، ولا وقار للأمومة، ولا احترام لشيخ طاعن في السن… بلغ القبح مداه، فالمقابر فاضت على اليابسة وجاء دور البحر ليتمم مراسم المأساة بوحشيته المعهودة.

back to top