وافق مجلس الأمة مؤخراً على قانون جديد للمناقصات العامة في مداولته الأولى، اجتهدت لأعرف ما هي النقلة النوعية الكبيرة التي أحدثها فلم أجد إلا بعض التعديلات الشكلية، وعقوبات وغرامات لأفعال يصعب إثباتها، ولم أجد ما يفك احتكار المناقصات في الكويت من الشركات العائلية وأفراد متنفذين أو السماح للشركات العالمية بالمنافسة على المناقصات الكبرى بشكل مباشر وسهل دون وكيل محلي أو مضايقة من متنفذين يضعون عواقب أمامها للجوء إليهم، وآلية تسعير صارمة تحد من قيمة المناقصات المبالغ فيها جداً عندنا.الوزير والنائب الأسبق وعضو المجلس الأعلى للتخطيط الحالي أحمد باقر، وهو بتلك الصفات والخبرات يعتبر رجل دولة، قال قبل فترة - وأيده في ذلك زميله الذي يمتلك نفس الخبرات أحمد المليفي، والذي كان عضواً سابقاً في لجنة المناقصات المركزية - إن "... 4 شركات غير مدرجة في البورصة حصلت على مناقصات من الدولة في 2015 بقيمة 30 مليار دولار، لا تدفع عنها سوى 1 في المئة زكاة... ولا تعود فائدتها على الشعب الكويتي والاقتصاد الكويتي بأي شيء"، طبعاً لو قيل هذا الكلام في دولة لديها برلمان فاعل وتمثيل شعبي صحيح لقامت الدنيا ولم تقعد، ولهرع النواب لتغيير القوانين وتعديلها... ولكن!
هل تصدقون يا أهل الكويت أن الحكومة التي نتهمها بمحاباة أصحاب النفوذ وضعت مادة في قانون المناقصات الجديد تلزم بأن تكون الأولوية في المناقصات الحكومية بمبلغ معين للشركات المدرجة في سوق الكويت "البورصة"، لتنشيط الاقتصاد وفك الاحتكارات وتشجيع المؤسسات والشركات على الإدراج في البورصة وخاصة العائلية منها، نظراً لأن الإنفاق المهم والأكبر في الكويت هو الإنفاق الحكومي؟! هل تصدقون أن نواب الأمة ألغوا هذه المادة بـ"كُبرها"...؟! نعم شطبوها من القانون!النواب الأفاضل مسحوا المادة لأنه كما يدعي بعضهم هناك 500 شركة ستتضرر، أسألكم بالله يا أهل الكويت أن تراجعوا سجلات لجنة المناقصات فإن استطعتم أن تحصوا أسماء مئة شركة محلية تقدمت في كل مناقصة من المناقصات الكبرى خلال السنوات العشر الأخيرة، والأهم من فاز بها منها، فسيكون ذلك معجزة حقيقية، وهو ما يثبت أن المبررات واهية، وأن اليد العليا في صياغة القوانين لدينا لأصحاب النفوذ والمحتكرين الذين يجدون لهم من يضع المبررات ويسبب الأسباب.منذ أيام كتب الزميل المحترم د. بدر الديحاني مقالة مهمة بعنوان "مشروع المطار الجديد... كم فرصة عمل؟!"، فصل فيها كيف أن الاقتصاد الكويتي والمواطن الكويتي لن يستفيدا اقتصادياً شيئاً إطلاقاً من مليار و300 مليون دينار ستصرف على مناقصة المطار، وفي هذه الأثناء يقر مجلس الأمة قانون مناقصات جديداً دون أي اعتبار لذلك، ومليئاً بأمور فنية وإدارية يمكن أن يضعها أي وزير مخلص وحريص على مصلحة البلد في اللائحة التنفيذية للقانون في ما بعد.الواقع أن ما يحدث هو إعادة صياغة بعض القوانين القديمة دون أي تغيير فعلي ونوعي يغير مصالح الكبار لمصلحة العامة والاقتصاد الوطني، كما حدث في قانون الوكالات التجارية، تصوروا لو أن المادة موجودة وتم إقرارها بإلزام المناقصات الكبرى بأن تكون للشركات المدرجة في البورصة لتهافت المستثمرون الأجانب لشراء حصص في الشركات الكويتية المدرجة ليفوزوا بالإنفاق الحكومي الكويتي الكبير، ولشهدت البلاد نشاطاً استثنائياً ضخماً، ولكن أبى نوابنا ذلك، وفضلوا إضافة إنجاز كرتوني جديد لسجل إنجازاتهم العظيم!
أخر كلام
«المناقصات»... إنجاز كرتوني جديد!
12-06-2016