علمني أبي: دعاء أحمد السايح: تعلمنا من والدي تقبّل الآخر
الدكتور أحمد عبدالرحيم السايح أستاذ العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر الذي رحل عن دنيانا في منتصف عام 2011، هو أحد المفكرين الذين أنفقوا حياتهم على نشر الفكر الإسلامي الوسطي والمعتدل، دون تعصب لفكر أو لمذهب أو لفرقة معينة، وكان انتماؤه إلى ما يعتقد أنه صحيح الإسلام.تقول ابنته دعاء السايح لـ"الجريدة": والدي كان يتعامل معنا بحب وحرية شديدة، وكان يشجعنا على القراءة والعلم والمعرفة منذ الطفولة، وكان يعلمنا كيف نتقبل الآخر، وكيف نستمع لجميع الآراء والأفكار، وكان يعمل على غرس المبادئ الإسلامية فينا منذ الطفولة، وكان متفتحا ومتطور الذهن والفكر والأدوات.
تتابع: الوالد كان يؤمن بموهبة كل فرد من الأبناء ويحفزه على إنجاز مهامه، وكان يؤمن بحرية الرأي والكلمة، وأتذكر أني ناقشته في أمور كثيرة في تفاسير بعض الآيات وسمح لي أن أعترض في بعض الأمور وكان يناقشها معي بكل سهولة وكان يراقبنا من بعيد، وإذا لاحظ تصرفا خاطئا من أحدنا يجمعنا ويتحدث عن الخطأ دون الإفصاح عن صاحبه، وكان صبورا في الاستماع، وكان حكيما عند إبداء رأيه، وإلى الآن نشتاق إلى رأيه، وحينما يصادفني موقف معين أقول يا ترى بابا ماذا سيكون رأيه في هذا الموقف؟وأشارت إلى أن والدها كان يعطيهم الحرية في التعليم، فمع التحاق البعض بالتعليم الأزهري إلا أنهم التحقوا بالجامعات العامة بعد ذلك دون اعتراض منه، ولم يكن يفرق بين الأبناء في التعامل وكان يقف في صف البنات ولم يفرض عليهن ارتداء الحجاب، وكان يقول هذه حرية، فإذا سأله أحد أصدقائه عن ذلك كان يقول أنا معلمهم ومربيهم على المبادئ الإسلامية، وكان مع عمل المرأة ويشجع عليه، فكان أسلوب التعامل مع الأبناء في نطاق الاحترام وتفاهم الآخر، وكان كل جمعة يحرص على تحفيظهم القرآن قبل الصلاة، ويعمل حافزا ماديا لمن يحفظ جيدا.وأوضحت أن للسايح ثمانية أبناء، 5 اناث وثلاثة ذكور هم، عبير حاصلة على بكالوريوس لغات وترجمة إسباني من إحدى الجامعات الخاصة، وتعمل مترجمة ومرشدة سياحية، وغادة حاصلة على بكالوريوس إعلام وتعمل مذيعة ومراسلة أخبار، وهيبة وهي طبيبة بقصر العيني، ومحمد يعمل في مجال التسويق، وآية تعمل بمجال التسويق، ومحمود طالب في كلية التجارة، وعمرو طالب بكلية الهندسة، إلى جانب دعاء نفسها التي تعمل في مجال النقل البحري الدولي.وتقول: كان والدي يقول لأمي إيماني بأننا نحن على هذه الأرض ضيوف عابرون، فلنحسن الرسالة ونسأل الله السلامة، فلم يترك فقيرا ولا غنيا كبيرا أو صغيرا إلا وترك فيه ذكرى طيبة الأثر، وترك لنا كنزا لا يقدر بثمن هو مكتبته التي تضم آلاف الكتب القيمة نكاد نسمع صوته فيها، وكان يسعد جداً بمساعدة الآخرين سواء بعلمه أو بالعطاء خاصة طلبة العلم.