تثير الفوازير جدلاً واسعاً بسبب تقديم بعض النجوم لها على استحياء، وتتوقف بين عام وآخر بعدما كانت أقرب إلى «ماركة مسجلة» أو أبرز المواد الفنية التي تعرض في الشهر الفضيل وينتظرها الجمهور على أحرّ من الجمر، بل ثمة نجوم صنعوا نجوميتهم من خلال الفوازير على غرار نيللي وشريهان وسمير غانم، وآخرون لم يكتب لهم التوفيق فيها، فتأثرت نجوميتهم على غرار المبدع يحيى الفخراني الذي خاض التجربة مرة وحيدة لم يكررها.

عرف الجمهور الفوازير في أواخر الستينيات من خلال فرقة ثلاثي أضواء المسرح جورج سيدهم وسمير غانم والضيف أحمد، فحققت نجاحاً وانتشاراً ما رفع نجوميتهم لا سيما في الترويج للفوازير كعمل فني لم تعرفه الشاشة على هذا النحو من قبل، أي فوازير ممزوجة باستعراضات وغناء.

Ad

نيللي وسمير وشيريهان

مع ظهور نيللي والمخرج فهمي عبدالحميد تغير شكل الفوازير، وازدادت جرعة الاستعراضات التي تميزت بها نيللي، وعاماً تلو الآخر ثبتت النجمة الاستعراضية مكانتها، خصوصا بعد إضافة الرسوم المتحركة وغيرها من العناصر المساعدة التي ساعدتها على تحقيق مزيد من النجاح، فتربعت نيللي على عرش الفوازير سبع سنوات متتالية.

بعدها قرر المخرج فهمي عبدالحميد ابتكار نوع جديد من الفوازير، فقدمها بشكل مختلف مع سمير غانم وابتكر شخصية «فطوطة» التي كتبها المؤلف عبدالرحمن شوقي، فحققت نجاحاً وقدمها سنوات متتالية، بعدها سيطرت شريهان على الفوازير وتربعت على عرشها أسوة بفوازير نيللي، وقدمت لسنوات «ألف ليلة وليلة».

مجدداً أعادت شريهان إلى الأذهان رونق الفوازير «فملأت الدنيا وشغلت الناس» لشدة الإبهار وروعة الأداء الذي قدمته شريهان ومن قبلها نيللي، ولم تستطع أي من الفنانات اللواتي قدمن الفوازير بعد ذلك بلوغ مرتبتهما في الاستعراض وامتلاك قلوب المشاهدين.

 «نيللي وشريهان» ظلتا الصورة الاستعراضية الأبرز العالقة في ذهن الجمهور منذ ارتباطه بهذا اللون، وكانت المحطات تتهافت على شراء الفوازير وعرضها في الموسم الرمضاني الذي تحول خلال العقد الأخير إلى الموسم الأشهر للمسلسلات الدرامية، فيما اختفت الفوازير والاستعراضات.

مقومات البطل

تعزو الناقدة خيرية البشلاوي اختفاء الفوازير إلى مقومات البطل الذي يقدم هذا النوع ومدى تقبل الجمهور له، وليس كونه بطلاً استعراضياً فحسب، كذلك لـ «الكتابة» دور مهم في تضاؤلها وعدم نجاحها في الفترة الأخيرة.

تضيف أنه لا بد من ابتكار أفكار جديدة ووجود مخرج صاحب لون خاص ومقدرة متفردة في الإبهار، وفنانين قادرين على إبراز الخيال بأدواتهم، لتعود الفوازير بإبداع جديد صادق يلائم العصر ويقنع الجمهور.

بدوره يشير الناقد محمود قاسم إلى أن اختفاء الفوازير يعود إلى التكاليف الباهظة التي يحتاجها صناعها في إنتاجها، خصوصا أن الاستعراضات تتطلب إمكانات عالية من ملابس وغرافيك وتقنيات حديثة مواكبة للعصر،  حتى يقتنع الجمهور بها وتنال رضاه، ثم هذا النوع، رغم أهميته بالنسبة إلى الجمهور، لا يجذب صناع البرامج لإنتاجه، مع انتشار ما يسمى ببرامج المُقالب وهي أوفر حظاً في توزيعها وتحقيق الربح منها.

يضيف: «السبب الثاني عدم وجود نجوم بقيمة نيللي وشريهان، ذلك أن الفوازير تحتاج قدرات تمثيلية ومجهوداً مضاعفاً  بخلاف التمثيل، مثل الرقص والغناء والاستعراض، وهي أمور من الصعب توافرها في نجم واحد، لذا كانت التجارب التي عرضت في السنوات الأخيرة متواضعة إذا ما قورنت مع انتشار الفوازير قديماً وتعلق المُشاهد بها».

أما الناقد عصام زكريا، فيرى أن عدم اهتمام الجمهور بالفوازير المُقدمة في السنوات الأخيرة يرجع إلى  عدم تقديمها بشكل جديد، واعتمادها على الشكل التقليدي الذي قدمته نيللي وشريهان وغيرهما، مشدداً على أنَّ الفوازير يجب أن تناسب العصر الذي تقدم فيه، وتطرح مشاكله التي تشغله لتجذب الجمهور وتستمر، من خلال معالجة مختلفة تناسب التطورات التكنولوجية.