«ضياع فرصة الاستثمار في النفط الرملي بسبب الدورة المستندية» هذه العبارة قالها أحد القيادات النفطية منزعجا من طول الدورة المستندية اللازمة لأخذ الموافقات المطلوبة للدخول في أحد الاستثمارات خارج الكويت.

لكن «رب ضارة نافعة» فهذه الدورة المستندية «البيروقراطية» قد ساهمت في حفظ نحو 3 مليارات دولار من الضياع، بسبب استثمار كانت تنوي مؤسسة البترول الكويتية الدخول فيه عام 2012.

Ad

وكانت «مؤسسة البترول» قررت الدخول في استثمار ضخم في الحقول الكندية، من خلال شركة الاستكشافات البترولية الكويتية الخارجية (كوفبك)، بنحو 3 مليارات دولار كندي «الدولار الكندي قريب في سعر صرفه من الدولار الأميركي».

وقال أحد القياديين آنذاك ان توجه «كوفبك» للاستثمار في النفط الرملي بهدف زيادة المخزون ومعدل الانتاج، يعد «عملية اقتصادية واستراتيجية بالنسبة للكويت».

وأضاف أن هناك أسبابا دعت للتوجه الى النفط الرملي، الأول الدخول في منطقة مستقبلية واعدة، وكل الشركات العالمية تخطط للدخول فيها، أما الأمر الثاني فهو وجود احتياطات كبيرة، وهو ما يعني شراء احتياطيات نفطية كبيرة قد تصل الى مليار برميل من النفط، بيد أن هذا الانتاج يكون على مدار مدة الاستثمار.

ومن المستغرب أن قياديا آخر، أكد انه في ظل انخفاض سعر برميل النفط فإن كل هذه التكنولوجيا تصبح غير مجدية، نظرا لعدم القدرة على الانتاج من الرمل بسعر منخفض، فمثلا إذا كان هناك جدوى اقتصادية من استخراج النفط الرملي عندما يكون سعر برميل النفط 120 دولاراً، لكن عند انخفاضه إلى 100 دولار فلن تكون هناك جدوى اقتصادية!

وأضاف القيادي أن التحديات التي تواجه مثل هذه العمليات تكمن في جرف التربة وتأثيراتها على الطبيعة، بالإضافة إلى كميات المياه الهائلة المصاحبة لعمليات الانتاج لإزالة الرمال اثناء الحفر، وكذلك استخدام كميات مهولة من المياه، هذا بخلاف عملية استصلاح التربة بعد الانتاج، ووفرة السوق.

فالسؤال هنا هل كانت القيادات في تلك الفترة تتوقع استمرار اسعار النفط بشكل دائم أكثر من 100 دولار؟

ماذا حدث للنفط الرملي؟

قال أحد القياديين إن المشاريع النفطية التي تنوي الكويت الاستثمار فيها ينظر إليها على المدى البعيد، وتصل مدتها إلى ما بين 40 و50 عاماً.

وما حصل للنفط الرملي التي كانت مؤسسة البترول تنوي الاستثمار فيها بعد انخفاض أسعار النفط، أن احد التقارير ذكر ان النفط الرملي في حقول ألبرتا الكندية إلى نضوب حيث بدأت مشاريع النفط ذات التكلفة المالية العالية التعرض للخسائر، ما حدا بها لتسريح نحو 35 ألفاً من العاملين في حقول ألبرتا الرملية غربي كندا، وأصبحت مقاطعة ألبرتا في حالة من الضعف المالي وفي مواجهة تحديات معقدة. وواجهت خطط أنابيب النفط التي كان من المفترض أن تساعد في خلق أسواق صادرات جديدة مثل، كي ستون، عدداً من العقبات المتمثلة في المخاطر البيئية والمعارضة السياسية. وخلفت هذه النظرة المتشائمة اضطراباً في بلد ومنطقة تعتمدان على قطاع الطاقة.

ويشير التقرير الى أنه بعد دخول المنطقة في نفق المعاناة، سارعت شركات النفط الرملي العاملة إلى خفض ميزانياتها وخدماتها وبعد الانتهاء من بعض المشاريع الإنشائية، تقوم الشركات بالتخلي عن العاملين وتسريحهم، في حين نتج عن التوقف لإنشاء مشاريع جديدة، شح في الطلب لدى الموردين من شركات هندسية وغيرها.

ومنذ أن تدهورت الأسعار تباينت ردود أفعال الشركات، حيث أجلت تيك ريسورسيز، مثلاً، بداية العمل في مشروعها للنفط الرملي بخمس سنوات إلى 2026، بينما خفضت سينوفس إنيرجي ميزانيتها للمشاريع طويلة الأجل. كما أجلت أوسوم أويل، بعض عمليات التوسعة المزمع إجراؤها في مشروع قامت بشرائه من شل في السنة الماضية.

ويرى بعض المسؤولين في مقاطعة ألبرتا أن من الأفضل تركيز المنطقة على عمليات التكرير في الداخل، بدلاً من تصدير إنتاج النفط الرملي إلى أميركا عبر خط أنابيب كيستون. ويرى بعض آخر، أن هناك شعوراً متنامياً بأن عائدات القطاع لا تفيد المنطقة بالقدر المطلوب.

اذا بعد هذا العرض للاستثمار التي كانت تنوي الكويت الدخول فيه ولسوء تقدير وعدم قراءة الأسواق بشكل جيد في الاستثمار بمشاريع عالية المخاطر، «نشكر الدورة المستندية الطويلة التي حفظت ما يقارب 3 مليارات دولار من الضياع».

150 دولاراً مجدية للنفط الرملي

الجدير بالذكر ان أكبر نسبة من احتياطي النفط الرملي توجد في كندا وفنزويلا، وبنسب أقل في أماكن مختلفة من العالم. وأكبر منتج، وربما المنتج الوحيد في الوقت الحاضر، هي كندا.

حيث تقدر تكلفة إنتاج النفط الرملي في كندا حاليا بنحو 60 دولارا للبرميل، ومن المحتمل أن هذا الرقم لا يشمل تكلفة إعادة المواقع الشاسعة إلى طبيعتها الأصلية وتشجيرها، بعد استخراج النفط منها، وهو عامل مكلف وشرط ملزم لشركات الإنتاج، ومن المؤكد أن تدني التكلفة إلى هذا المستوى يعود إلى كون البنية التحتية للمشاريع القائمة في كندا كانت قد تم بناؤها منذ زمن طويل ولا تزال تؤدي وظائفها بصورة جيدة، أما المشاريع الجديدة فهي موضوع آخر.

فالشركات التي تتبنى الآن مشاريع النفط الرملي الجديدة في كندا تنتظر صعود الأسعار النفطية إلى 150 دولارا للبرميل، من أجل أن يكون مجديا اقتصاديّا. ولذلك، لا يتوقع بدء الإنتاج من النفط الرملي خارج كندا إلا بعد وصول الأسعار النفطية إلى ما فوق 150 دولارا للبرميل، كحد أدنى.