لما كانت الليلة السابعة بعد المئتين، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد، ذو الرأي الرشيد، أن الناس صاحوا بالوزير، وكثر بينهم القال والقيل، فبينما هم كذلك وإذا بغبار قد علا، وعجاج ملأ الجو والخلا، فلما نظر إليه السلطان وهو قاعد في القصر قال: انظروا ما الخبر؟ فقال الوزير: حتى نضرب عنق هذا أولاً. فقال السلطان: اصبر أنت حتى ننظر ما الخبر، وكان ذلك الغبار غبار جعفر وزير الخليفة ومن معه، وكان السبب في مجيئهم أن الخليفة مكث ثلاثين يوماً لم يتذكر قصة علي بن خاقان، ولم يذكرها أحد، إلى أن جاء ليلة من الليالي إلى مقصورة الجارية «أنيس الجليس» فسمع بكاءها، ففتح الباب ودخل المقصورة فرآها تبكي، ولما رأته وقعت على قدميه وقبلتهما ثلاث مرات ثم أنشدت هذين البيتين:

أيا من زكا أصلا وطاب ولادة

Ad

وأثمــــر غصنا يانعـــاً وزكا جنســـا

أذكرك الوعد الذي سمحت به

محاسنك الحسنى وحاشاك أن تنسى

فقال الخليفة: من أنت؟ فقالت: أنا هدية علي نور الدين إليك، وأريد إنجاز الوعد الذي وعدتني به من أنك ترسلني إليه مع التشريف، والآن لي هنا 30 يوماً لم أذق طعم النوم. عند ذلك طلب الخليفة جعفر البرمكي وقال: منذ ثلاثين يوماً لم أسمع بخبر علي بن خاقان، وما أظن إلا أن السلطان قتله، ولكن وحياة رأسي وتربة آبائي وأجدادي إن كان جرى له أمر مكروه لأهلكنّ مَن كان سبباً فيه، ولو كان أعز الناس عندي. وتابع: أريد أن تسافر أنت في هذه الساعة إلى البصرة وتأتي بأخبار الملك محمد بن سليمان الزيني مع علي بن خاقان، فامتثل لأمره وسافر. لما وصل سأل عن سبب ذلك الهرج والمرج والازدحام، فذكروا له ما هم فيه من أمر علي نور الدين بن خاقان. فلما سمع جعفر كلامهم، أسرع إلى السلطان وسلم عليه وأعلمه بما جاء بخصوصه، وأنه إذا كان وقع لعلي نور الدين أمر مكروه فإن السلطان يُهلك مَن كان السبب في ذلك. ثم قبض على السلطان والوزير المعين بن ساوي، وأمر بإطلاق سراح علي نور الدين بن خاقان، وأجلسه سلطاناً، وقعد ثلاثة أيام في البصرة مدة الضيافة فلما كان اليوم الرابع التفت علي نور الدين إلى جعفر وقال له: اشتقت إلى رؤية أمير المؤمنين. فقال جعفر للملك محمد بن سليمان الزيني: تجهز للسفر فإننا نصلي الصباح ونتوجه إلى بغداد. فقال: السمع والطاعة، ثم إنهم صلوا الصبح وركبوا جميعهم، ومعهم الوزير المعين بن ساوي.

أما علي نور الدين بن خاقان فإنه ركب بجانب جعفر، وما زالوا سائرين إلى أن وصلوا إلى بغداد دار السلام، وبعد ذلك دخلوا على الخليفة.

فلما حكوا له قصة نور الدين، أقبل عليه وقال له: خذ هذا السيف واضرب به رقبة عدوك. فأخذه وتقدم إلى المعين بن ساوي، فنظر إليه وقال له: أنا عملت بمقتضى طبيعتي، فأعمل أنت بمقتضى طبيعتك. فرمى السيف من يده ونظر إلى الخليفة وقال: يا أمير المؤمنين... إنه خدعني وأنشد قول الشاعر:

فخدعته بخديعة لما أتى

والحر يخدعه الكلام الطيب

فقال: اتركه أنت، ثم قال لمسرور: قم أنت واضرب رقبته، فقام مسرور ورمى رقبته. عند ذلك قال الخليفة لعلي بن خاقان: تمن عليّ. فقال: يا سيدي أنا مالي حاجة بملك البصرة، ولا أريد إلا مشاهدة وجه حضرتك. فقال الخليفة: حبا وكرامة. ثم دعا بالجارية فحضرت بين يديه، فأنعم عليهما، وأعطاهما قصراً من قصور بغداد، ورتب لهما مرتبات، وجعله من ندمائه، وما زال مقيماً عنده إلى أن أدركه الممات.

ثم قالت شهرزاد للملك شهريار: هذه الحكاية ما هي بأعجب من حكاية علاء الدين أبي الشامات، فقال لها: ليتني اسمعها منك. فقالت: سمعاً وطاعة يا مولاي...

وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.

علاء الدين أبو الشامات

لما كانت الليلة الثامنة بعد المئتين، قالت شهرزاد للملك شهريار: بلغني أيها الملك السعيد أنه كان في قديم الزمان، وسالف العصر والأوان، رجل تاجر في مصر، يقال له شمس الدين، وكان من أحسن التجار وأصدقهم مقالاً، وهو صاحب خدم وحشم، وعبيد وجوار ومماليك، ومال كثير...

وكان شاه بندر التجار بمصر، وله زوجة يحبها وتحبه، إلا أنه عاش معها أربعين عاماً ولم يرزق منها ببنت ولا ولد، وفي يوم من الأيام كان في دكانه، فرأى التجار وكل واحد منهم له ولد أو ولدان أو أكثر، وهم قاعدون في دكاكين مثل آبائهم، وكان ذلك اليوم يوم جمعة، فتوجه إلى الحمام واغتسل وتطيب ثم نظر في المرآة إلى وجهه فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، إذ رأى بياض لحيته قد غلب السواد فيها، وتذكر أن الشيب نذير الموت.

كانت زوجته تعرف ميعاد مجيئه فتغتسل وتصلح شأنها له، فلما دخل عليها قالت له: مساء الخير. فقال لها: أنا ما رأيت الخير... وكانت قد أوعزت إلى جاريتها بإعداد سفرة العشاء، فلما حضر الطعام، قالت له: تعشَ يا سيدي. فقال لها: ما آكل شيئا. وأعرض عن السفرة بوجهه، فقالت له: ما سبب ذلك وأي شيء أحزنك؟ فقال لها: أنت سبب حزني.

لما كانت الليلة التاسعة بعد المئتين، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن شمس الدين شاه بندر تجار مصر قال لزوجته: سبب حزني أني لما فتحت دكاني اليوم رأيت كل واحد من التجار له ولد أو أكثر، فقلت في نفسي: إن الذي أخذ إياك ما يخليك وأنت تعلمين أني وعدتك بألا أتزوج غيرك، ولا أتسرى بجارية من الجواري. ولم أبت ليلة بعيداً عنك، والحال أنك عاقر. فقالت له زوجته: الذنب ذنبك لأنك ضعيف الدم، فأبحث عن شيء يقويه عند العطارين. فبات التاجر ليلته نادماً لأنه عاتب زوجته، وفي الصباح توجه إلى السوق، وسأل عطاراً عن ذلك المقوي فلم يعرفه. وكان "نقيب الدلالين” رجلاً حشاشاً يتعاطى الأفيون والحشيش، يسمى الشيخ محمد سمسم، ومن عادته أن يصبّح على التاجر في كل يوم، فلما حضر على عادته ووجده مغتاظاً سأله عن السبب، فحكى له جميع ما جرى بينه وبين زوجته، وقال له: إن لي أربعين سنة وأنا متزوج بها، ولم تحمل مني بولد ولا بنت، وقد زعمت أن عدم حملها لأن دمي ضعيف، ففتشت عن مقو فلم أجد...

فقال له: هذا المقوي عندي، وثمنه دينار، فقال له: خذ هذين الدينارين وأحضره لي، فأخذهما وتوجه إلى بياع الحشيش فأخذ منه من المكرر الرومي قدر أوقيتين، وجانباً من الكبابة الصيني والقرفة والقرنفل والحبهان والزنجبيل والفلفل الأبيض والسقنقور الجبلي، ودقها كلها وغلاها في الزيت الطيب...

ثم أخذ ثلاث أوقيات من اللبان الذكر، ومقدار قدح من الحبة السوداء ونقعها، ثم عمل جميع ذلك معجونا بعسل النحل، ووضعه في سلطانية حملها إلى التاجر وقال له: ينبغي أن تأخذ منه، بعد أن تأكل اللحم الضاني والحمام البيتي بالبهارات، وتشرب السكّر المكرر.

فأحضر التاجر جميع ذلك وأرسله إلى زوجته وقال لها: اطبخي ذلك طبخاً جيداً، ففعلت ما أمرها، ووضعت له الطعام فتعشى، ثم طلب السلطانية وأكل منها، واستمر كذلك أياماً، فاتفق أن حملت امرأته منه بعد ذلك، ولما تمت أيام حملها، وضعت ولداً، رقته الداية باسم محمد وعلي، وكبرت وأذنت في أذنه، ولفته وأعطته لأمه فأعطته ثديها وأرضعته حتى شبع ونام.

طفولة تحت الأرض

أقامت الداية عندها ثلاثة أيام حتى عملت الحلاوة لتفريقها في اليوم السابع حيث رشوا الملح، ودخل التاجر فهنأ زوجته بالسلامة وقال لها: أين وديعة الله؟ فقدمت له مولوداً بديع الجمال يخيل إلى الذي يراه أنه ابن عام، فنظر التاجر في وجهه فرأه بدراً مشرقاً وله شامات على الخدين، فقال لها: ما سميته؟ فقالت له: لو كانت بنتاً كنت سميتها، ولكنه ولد فلا يسميه إلا أنت.

وكان أهل ذلك الزمن يسمون أولادهم بالفال، فبينما هم يتشاورون في الاسم، فإذا بواحد يقول: يا سيدي علاء الدين... فقال لها: نسميه باسم علاء الدين أبي الشامات، ووكل به المراضع والدايات، فشرب اللبن عامين، وفطموه فكبر وانتشى، وعلى الأرض مشى. ولما بلغ من العمر سبع سنين، أدخلوه طابقاً تحت الأرض خوفاً عليه من العين. وأمر أبوه بألا يخرج من الطابق حتى تنبت لحيته، ووكل به جارية وعبداً لخدمته وتربيته، ثم "طهَّره” وعمل له وليمة عظيمة، وأحضر له بعد ذلك فقيهاً علمه الخط والقرآن والعلم إلى أن صار ماهراً وصاحب معرفة. واتفق بعد ذلك أن العبد بعد أن أوصل إليه الطعام في أحد الأيام، نسى باب الطابق مفتوحاً، فطلع علاء الدين من الطابق، ودخل على أمه، وكان عندها جماعة من أكابر النساء، فبينما هن يتحدثن معها، دخل عليهن كالمملوك السكران من فرط جماله.

حين رأته النسوة غطين وجوههن، وقلن لأمه: الله يجازيك كيف تدخلين علينا هذا المملوك الأجنبي، أما تعلمين أن الحياء من الإيمان؟ فقالت لهن: هذا ولدي ابن شاه بندر التجار شمس الدين، وابن الدادة والقلادة، والقشفة واللبابة، فقلن لها، عمرنا ما رأينا لك ولداً، فقالت: أباه خاف عليه من العين فجعل تربيته في طابق تحت الأرض.

وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.

 لما كانت الليلة العاشرة بعد المئتين، قالت شهرزاد: بلغني أن الأم قالت: لعل الخادم نسي الطابق مفتوحاً فطلع منه ولدي، ولم يكن مرادنا أن يطلع منه حتى تطلع لحيته. فهنأتها النسوة بذلك. وخرج الغلام من عند النسوة إلى فناء البيت، ثم صعد إلى مقعد أبيه وجلس فيه. بينما هو جالس إذا بالعبيد قد حضروا ومعهم بغلة أبيه فقال لهم علاء الدين: أين كانت هذه البغلة؟ فقالوا له: نحن أوصلنا أباك إلى الدكان وهو راكب عليها ثم جئنا بها.

فقال لهم علاء الدين: أي شيء يصنعه أبي؟ فقالوا له: إن أباك شاه بندر التجار بأرض مصر، وأعوانه لا يشاورونه إلا في البيعة التي ثمنها ألف دينار فأكثر. أما البيعة التي ثمنها أقل من ذلك فإنهم لا يشاورونه فيها بل يبيعونها بأنفسهم، ولا تأتي تجارة من أي بلد إلا عرضت عليه، وقد أعطاه الله تعالى مالاً كثيراً لا يُحصى.

فقال: الحمدلله الذي جعلني ابن شاه بندر التجار، ولكن لأي شيء يجعلونني في الطابق فأبقى محبوساً فيه؟ فقالوا له: هذا للخوف عليك من أعين الناس، فإن العين حق، وأكثر أهل القبور من العين. فتوجه إلى أمه وقال لها: أين المفر من القضاء؟ إن الحذر لا يمنع القدر، والمكتوب ما منه مهرب، وأن الذي أخذ جدي لا يترك أبي، فإن هو عاش اليوم ما يعيش غداً، وإذا مات وطلعت أنا وقلت أنا علاء الدين ابن التاجر شمس الدين لا يصدقني أحد من الناس، ويقول الجنود: عمرنا ما رأينا لشمس الدين ولدا أو بنتا وعلى هذا يأخذون مال أبي، ورحم الله من قال: يموت الفتى ويذهب ماله، ويأخذ أنذل الرجال نساءه... فعليك أن تقنعي أبي حتى يأخذني معه إلى السوق ويفتح لي دكاناً أقعد فيها للبيع والشراء والأخذ والعطاء.

عصيدة

قالت الأم له: يا ولدي إذا حضر أبوك أخبرته بذلك. لما رجع التاجر إلى بيته وجد ابنه علاء الدين أبا الشامات قاعداً عند أمه، فقال لها: لأي شيء أخرجته من الطابق؟ فقالت له: أنا ما أخرجته، ولكن الخدم نسوا الطابق مفتوحاً. ثم أخبرته بما قاله ولده، فقال له: غداً إن شاء الله تعالى آخذك معي إلى السوق، ولكن الأسواق تحتاج إلى الأدب والكمال في كل حال. بات علاء الدين ليلته فرحاناً، ولما أصبح الصباح أدخله أبوه الحمام، وألبسه بذلة تساوي جملة من المال، ولما افطروا ركب بغلته وأركب ولده بغلة، وأخذه إلى السوق، فنظر أهل السوق شاه بندر التجار مقبلاً ووراءه غلام، كأن وجهه القمر في ليلة أربعة عشر، فقال واحد منهم لرفيقه: أنظر هذا الغلام الذي وراء شاه بندر التجار، قد كنا نظن به الخير، فإذا به مثل الكرات شائب وقلبه أخضر.

فقال الشيخ محمد سمسم النقيب المتقدم ذكره للتجار: نحن ما بقينا نرضى به أن يكون شيخاً علينا أبداً، وكان من عادة شاه بندر التجار أنه عندما يأتي من بيته في الصباح ويقعد في دكانه، يتقدم نقيب السوق ويقرأ الفاتحة على التجار، ثم يتوجه الجميع إلى شاه بندر التجار ويقرأون له الفاتحة ويصبحون عليه، ثم ينصرف كل واحد منهم إلى دكانه.

لما قعد شاه بندر التجار في دكانه على عادته، لم يأتِ إليه التجار كعادتهم، فنادى النقيب وقال له: لأي شيء لم يحضر التجار عندي كعادتهم؟، فقال له: اتفق التجار على عزلك من المشيخة، فسأله: ما سبب ذلك؟ فأجابه: لأجل هذا الولد الجالس بجانبك، فقد ظنوا أنك تعشقه. فصرخ فيه وقال له: أسكت قبح الله ذاتك وصفاتك. هذا ولدي، فقال له: عمرنا ما رأينا لك ولداً... فقال له: إنك لما أعطيتني الدواء المقوي واستعملته، حملت زوجتي به وولدته، ولكني لخوفي عليه من العين ربيته في طابق تحت الأرض، وكان مرادي أنه لا يطلع من الطابق حتى يمسك لحيته بيده، ولكنه طلب مني أن أفتح له دكاناً وأعلمه البيع والشراء.

ذهب النقيب إلى التجار وأخبرهم بحقيقة الأمر، فقاموا كلهم بصحبته وتوجهوا إلى شاه بندر التجار، ووقفوا بين يديه وقرأوا الفاتحة، وهنأوه بذلك الغلام وقالوا له: ربنا يبقي الأصل والفرع، ولكن الفقير منا لما يأتيه ولد أو بنت لا بد أن يصنع لإخوانه عصيدة ويعزم معارفه وأقاربه، وأنت لم تعمل ذلك، فقال لهم: لكم عليّ ذلك ويكون في البستان.

وأدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح .

لما كانت الليلة الحادية عشرة بعد المئتين، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أنه لما أصبح الصباح، أمر شمس الدين بفرش القصر الذي في البستان، وأرسل آلة الطبخ من خرفان وسمن، وغير ذلك مما يحتاج إليه الحال، وعمل سماطين، سماطاً في القصر، وسماطاً في القاعة، وتحزم التاجر شمس الدين، وتحزم ولده علاء الدين، وقال له: يا ولدي إذا دخل الرجل الشائب فأنا أتلقاه وأجلسه على السماط الذي في القصر، وإذا دخل ولد أمرد فخذه وأدخل به القاعة وأجلسه على السماط بها، فقال له: لأي شيء يا أبي تعمل سماطاً للكبار وآخر للصغار؟

فقال له: يا ولدي إن الأمرد يستحي أن يأكل عند الرجال، فاستحسن ذلك ولده، ولما جاء التجار صار شمس الدين يقابل الرجال ويجلسهم في القصر، وولده علاء الدين يقابل الأولاد ويجلسهم في القاعة، ثم وضعوا الطعام فأكلوا وشربوا، وتلذذوا وطربوا، وأطلقوا البخور.

ثم قعد الكبار يتذاكرون العلم والحديث، وكان بينهم رجل تاجر اسمه محمود البلخي، وهو مسلم في الظاهر، مجوسي في الباطن، وكان من أهل الفساد، فنظر إلى علاء الدين نظرة أعقبته ألف حسرة، واشتد به الغرام، والوجد والهيام، وكان يأخذ البضائع من والد علاء الدين...

فقام من فوره حتى وصل إلى سماط الأولاد فقاموا للقائه، وكان علاء الدين قد خرج لحاجة، فالتفت التاجر محمود إلى الأولاد وقال لهم: إذا قنعتم علاء الدين بالسفر معي، فإني أعطي كل واحد منكم بذلة تساوي جملة من المال، ثم توجه من عندهم إلى مجلس الرجال.

لما رجع علاء الدين، قال أحد الأولاد لزميل له على مسمع منه: أخبرني يا أخي حسن عن رأس المال الذي عندك من أين جئت به؟ فأجابه زميله قائلاً: إنني لما كبرت وبلغت مبلغ الرجال طلبت من والدي أن يعد لي متجراً فقال لي: ما عندي شيء، فخذ مالاً من أحد التجار وتعلم البيع والشراء والأخذ والعطاء، فتوجهت إلى واحد من التجار واقترضت منه ألف دينار، اشتريت بها قماشاً، وسافرت به إلى الشام، فربحت المثل مثلين.. ثم أخذت تجارة من الشام وسافرت بها إلى بغداد، فربحت المثل مثلين.

وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.

وإلى حلقة الغد