● كيف ترى ما يحدث أحيانا من تضارب فتاوى البحوث الإسلامية بالأزهر ودار الإفتاء؟

- من الأمور البديهية أن ترى أن أي قضية تطرح يقع فيها رأيان أو ثلاثة، باستثناء قضايا الاعتقاد وأصول العبادات، وهي قضايا لا تقع فيها آراء متعددة، أما ما يتعلق بالأحكام الشرعية المتصلة بهذه القضايا أو تلك، فهناك أكثر من رأي، والمشكلة أن الناس ينظرون إلى الأمر على أنه تعارض، وهذا ناتج عن الجهل بالحكم الشرعي، وعلى المرء أن يأخذ ما يناسب حالته، والاختلاف ليس مقصورا على هذا الزمان، لكنه منذ زمن بعيد، مثل ما يتعلق بمسألة السلام على المرأة، ولابد أن يأخذ ذلك بمنطق السعة في الفقة الإسلامي، وهو اختلاف في الاجتهاد، وهذا من أمارات يسر التشريع في الإسلام.

Ad

● برأيك كيف يمكن القضاء على فوضى الفتاوى؟

- اضطراب الفتاوى وتناقضها ناتج بالأساس عن أن كل من هب ودب جعل من نفسه مفتياً، وللقضاء على فوضى الفتاوى يجب توحيد مصدر الفتوى، ويجب ألا يكون الإفتاء على الهواء مباشرة، لأنه لا يستقيم، كما أنه ليس عندنا العالم الموسوعي المعرفة القادر على أن يصدر الفتوى في كل سؤال يطرح عليه، وإنما لابد أن توجه الأسئلة إلى مراكز متخصصة لإصدار أحكام تتعلق بالفتوى، ثم يقوم المركز بدراسة السؤال، ثم يكون الإخبار عن طريق قنوات شرعية أو مؤسسات علمية حتى تخرج الفتوى قريبة للإجماع منها إلى الرأي الفقهي.

● هل يمكن توحيد جهة إصدار الفتوى عربيا وإسلاميا، وهل الفكرة قابلة للتطبيق؟

- لا يمكن لسبب واحد، وهو أن عندنا مراكز للفتوى متعددة، تابعة للأزهر الشريف ولدار الإفتاء وعلماء تابعين لوزارة الأوقاف، ومن هنا يتعذر توحيد الفتوى إلا في حالة واحدة، إذا اتفق الأزهر مع الأوقاف مع الإفتاء على أن يجعل هناك لجانا متخصصة للفتوى يحضرها أحد علماء الأزهر مع أحد المشتغلين بالإفتاء، مع ممثل لوزارة الأوقاف، لتكون الفتوى ممثلة من المؤسسات الثلاث، وفي الوقت نفسه تخرج موحدة لا تنازع ولا اختلاف فيها.

● ما رأيك في المناهج الدينية في العالم الإسلامي، وإلى أي مدى يجب تطويرها لمواجهة جماعات التشدد والإرهابية مثل تنظيم "داعش"؟

- إرهابيو "داعش" لم يتخرجوا في الأزهر الشريف، ولا صلة لهم بالتعليم الأزهري من قريب ولا بعيد، ومناهج الأزهر مضى عليها أكثر من 1050 عاما، وعلى الرغم من ذلك لم تفرز إرهابيين، وإذا كان البعض قد مال إلى الإرهاب في الآونة الأخيرة، فهذا ناتج عن استقطاب هؤلاء الأفراد، إما بسبب فقرهم أو لغياب الرعاية والعناية، مثل بعض طلاب الأزهر الذين شاركوا في مقتل النائب العام المصري السابق، لكن هذا ليس من صميم المناهج الأزهرية، وكما تم استقطاب طلاب من الأزهر تم استقطاب طلاب من كل الجامعات إلى جانب أناس آخرين لا صلة لهم بالتعليم، فقط يجمع بينهم التدين الفاسد.

● هل تحتاج كتب التراث الإسلامي إلى تنقية؟

- نعم، لكن هذا الأمر معمول به منذ سنوات عدة في كليات أصول الدين والشريعة الإسلامية واللغة العربية، والمشكلة تكمن في أن التجديد الذي طال كتب التراث لم يخرج إلى حيز الظهور الإعلامي ولم ير النور، فهناك رسائل ماجستير ودكتوراه في تحقيق التراث، أي تنقيته من الشوائب التي علقت به، سواء المتعلقة بالإسرائيليات أو التراث الإنساني، أو ما هو صادم للعقل، وعلى سبيل المثال في مصر، فإن وزارة الأوقاف ومجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر أصدرا بعض الكتب المحققة، وكذلك وزارات الأوقاف والشؤون الدينية في قطر والسعودية، لكن المشكلة تكمن في أن ما يطبع وينشر لا يتجاوز 5 في المئة من الأعمال الموجودة.

● بماذا تفسر تجدد الهجوم على السنة النبوية من حين إلى آخر؟

- سبب ذلك العداء للإسلام وليس للسنة، لأن الطعن في القرآن مباشرة سيواجه لا محالة بالرد، ومن هنا جاء التدرج الطبيعي من وجهة نظر الطاعنين أن يبدأوا بالطعن في السنة النبوية، فإذا ما فرغوا انتقلوا إلى النص القرآني، وهذا ما قاله أحدهم في إحدى المحطات الفضائية، والقضية تكمن لديهم في تشويه صورة الإسلام وإضعاف شأنه.

● ما ردك على من يشككون في صحيح البخاري ومسلم؟

- هؤلاء لم يقرأوا صحيح البخاري ومسلم كما ينبغي بأسلوب علمي، فقبول الكتابين بالكلية، كأننا ننزلهما منزلة القرآن وردهما كلية يجعلنا نعطل أحاديث كثيرة وردت متعلقة بتكاليف شرعية، ولذلك يجب أن ينظر في كل حديث على حدة من أهل الاختصاص، ولا يعرف ذلك إلا العلماء وليس من لا صلة لهم بالعلوم الدينية، وهؤلاء يرددون شبهات المستشرقين والنافين للسنة النبوية، والكتابان تلقتهما الأمة بالقبول، وهناك بعض المآخذ التي يراها ذوو الاختصاص، بدءا من معاصريهم ومن تبعهم، لكنها أشبه بحصاة في جوال أرز.