التطهير الطائفي في الفلوجة!
صور مئات المرتزقة من العرب والآسيويين والأوروبيين الذين تم إلقاء القبض عليهم في الخنادق والمغارات في الفلوجة، والذين جاؤوا من مختلف الدول لقتل العراقيين في عقر دارهم، هو دليل قاطع على التطهير الطائفي، وإن تأخر العمليات ووقفها في عدة مراحل هو الرد على المتباكين على الأبرياء والمدنيين العراقيين.
يبدو أنه كلما زاد الخناق على الدواعش في الفلوجة وغير الفلوجة ارتفعت مع ذلك الأصوات الطائفية ومحاولات النفخ والشحن المذهبي لتشويه هذا الانتصار، أو على الأقل الإبقاء على حالة الاصطفاف كمشروع مستقبلي لا يقبل المسلمون والعرب في منطقتنا المستعرة بنيران الفتنة إعادة الالتحام به.أصابع الاتهام موجهة اليوم إلى الحشد الشعبي العراقي، والتهمة هي التطهير الطائفي في المناطق التي كانت تسيطر عليها الجماعات التكفيرية وفي مقدمتها "داعش"، رغم صور التصفية الكاملة التي مارسها "داعش" بحق العشائر العراقية السنية لمجرد محاولتها الهروب من الفلوجة أثناء العمليات العسكرية الجارية لتحرير هذه المدينة المحتلة واستعادتها إلى السيادة الوطنية، بالإضافة إلى المفخخات اليومية التي تحصد أرواح المدنيين الأبرياء في عموم البلاد العربية والتي صمتت أبواق التحريض الطائفي تجاهها صمت القبور.عمليات تحرير الفلوجة تأتي ضمن تنسيق متكامل بين الجيش العراقي وهيئة مكافحة الإرهاب والعشائر العراقية المختلفة بالإضافة إلى الحشد الشعبي، كما أن الزعامات العراقية التي تمثل مختلف المكونات العراقية تقف جنباً إلى جنب في الخطوط الأولى، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ووزير الدفاع وبقية القيادات العسكرية الميدانية، كما أن الضوء الأخضر لاقتحام الفلوجة جاء باتفاق ضمني بين الدول الإقليمية ومن بينها إيران والسعودية وتركيا وبعلم مباشر من الحكومة الأميركية والروسية، وبمباركة المجتمع الدولي ككل، ولذلك فإن التغني بالتطهير الطائفي قد لا يكون له أي دلالات فعلية على الأرض، إلا في المكنون النفسي عند البعض وخاصة خارج العراق، الذين نصبوا أنفسهم فجأة كحماة للشعب العراقي، ويريدون أن يثبتوا أنهم أحرص على هذا البلد الممزق من العراقيين أنفسهم.
التطهير العرقي أو الطائفي وخصوصاً في ظل النزاعات المسلحة يعد من كبريات الجرائم بحق الإنسانية ومن المحرمات التي يتصدى لها القانون الدولي ومحكمة العدل الدولية والمنظمات الحقوقية العالمية النشطة جداً مؤخراً، أي أن النزاعات العسكرية باتت تحت المجهر الدولي، ومن السهولة بمكان اكتشافها ورصدها ونشرها في وسائل الإعلام العابرة للحدود.التطهير العرقي أو الطائفي يصاحبه خطاب إعلامي وعقيدة أيديولوجية تغذيه وتروّج له عبر المنابر الإعلامية والمرجعيات السياسية أو الإثنية أو الدينية ويمارس بطرق منهجية منظمة، ولذلك فإن رصد صوره وممارساته لا يحتاج إلى الكثير من العناء، حتى في حالات الخرق والتجاوز والأخطاء البشرية المعتمدة أو غير المعتمدة فإن كل ذلك يتم توثيقه من خلال مؤسسات قانونية ومحايدة تأخذ طريقها إلى التحقيق والمحاسبة مهما طال الزمن، والشواهد الحديثة خير دليل على ذلك بدءاً من الاتهامات التي تلاحق النازية بشأن اليهود أو الأتراك بحق الأرمن أو الحرب بحق المسلمين والكروات أو السودانيين بحق الجنوبيين وقبائل دارفور إلى آخر هذه القائمة.إن صور مئات المرتزقة من العرب والآسيويين والأوروبيين الذين تم إلقاء القبض عليهم في الخنادق والمغارات في الفلوجة، والذين جاؤوا من مختلف الدول لقتل العراقيين في عقر دارهم، هو دليل قاطع على التطهير الطائفي، وإن تأخر العمليات ووقفها في عدة مراحل هو الرد على المتباكين على الأبرياء والمدنيين العراقيين، وهذا الصراخ المزعوم سوف يعلو أكثر فأكثر عندما يتجاوز الأمر تحرير الفلوجة ليمتد إلى الموصل ثم الرقة في سورية وسرت في ليبيا، ليبين سبب هذا الحزن المدفون والحقيقي باسم التطهير الطائفي!