● كيف هي الأوضاع في المسجد الأقصى الآن؟

- وضع القدس ليس خافيا عن أحد، فهو ليس بخير مادام الاحتلال الصهيوني قابعاً داخل وخارج أسواره وجدرانه، فالاحتلال يريد أن يكرس وجوده بالاقتحامات اليومية في ظل انقسام فلسطيني - فلسطيني واضح، وأقول إن الإسرائيليين استغلوا انشغال العرب بشؤونهم الداخلية لمضاعفة أزمات الفلسطينيين، وانتهز المتطرفون اليهود الفرصة واقتحموا الأقصى أكثر من مرة خلال الفترات الماضية، والسياسة الصهيونية تسارع الزمن على تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، والاستيلاء على مساحات كبيرة وشاسعة من الأراضي المحيطة بالمسجد الأقصى عنوة، وإتلاف الزراعات التي يقتات منها أهلنا، فحين أسأل عن حال الأقصى الأسير، أقول إن أقصاكم ليس بخير مادام الاحتلال هو الذي يسكنه، فالاحتلال يهدف للقضاء على الهوية العربية والإسلامية لمدينة القدس من خلال عدم إقامة الصلاة ومنع المصلين دون العجائز للذهاب لصلاة الجمعة، ولابد أن يعي المسلمون في شتى بقاع الأرض أن الأقصى وما حوله أرض وقف لهم جميعا.

Ad

● ما دور وزارة الأوقاف في لم شمل الفرقاء الفلسطينيين؟

- وزارة الأوقاف الفلسطينية ليس لها أي مهام سياسية، لكن عليها واجبات الدعوة إلى الله بالتي هي أحسن والتقريب بين أبناء فلسطين، فدعوتنا دائما إلى الوحدة ونبذ الفرقة والخلاف في مساجدنا، لأن لنا قضية واحدة ومصيرا واحدا، ولا نعلي شأن فصيل على آخر، ومن توجهات وزارة الأوقاف أن تكون خطبة الجمعة، سواء في الضفة أو قطاع غزة، تدعو إلى التماسك ونبذ الفرقة، والتعاون بين الفصائل، وإعلاء مصلحة الوطن والمقدسات فوق أي مصالح أخرى، فدعوتنا لتأليف القلوب، ودائماً نرفع شعار دعوتنا بالآية الكريمة: "وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ" (الأنفال: 46).

● المرابطون في المسجد الأقصى وهبوا حياتهم في الدفاع عن مقدساتهم... فما الدعم المقدم لهم لأجل أن يثبتوا؟

- الرباط في الأقصى هو حق وواجب إلزامي على كل مسلم فلسطيني قبل العربي يدافع عن حرمة دينه وموطن عبادته، وللحقيقة فإن المرابطين في الأقصى الآن أكثرهم من النساء والأطفال، لأن الاحتلال يرفض وجود الشباب ويسمح بذلك للنساء فقط، ولذا فإن نساءنا لا ينتظرن حافزاً أو شكراً على هذا العمل، فهناك مسلمون كُثر وهبوا بناتهم مرابطات في الأقصى حسبة لله تعالى، ولكن نساعدهن بقدر استطاعتنا، لأنهن يؤمن بقضية دينهن.

● إذا كان الاحتلال الإسرائيلي يهاجم الفلسطينيين فهل هناك مضايقات يتعرض لها رجال الدين؟

- الصراع بالأساس ديني، واحتلال معتقدي، وإذا كان الاحتلال يبطش بالمواطنين العزل، فإن المضايقات تطارد العديد من رجال الدين والدعاة قبل السياسيين، فالتاريخ حافل بقائمة اغتيالات لرجال دين أبت أصواتهم أن تصمت عن جرائم الاحتلال، كما أن هناك أعدادا كبيرة من أئمة المساجد والوعاظ في القدس والضفة تم اعتقالهم، لأنهم يمثلون خطرا على إسرائيل بسبب اعتلائهم المنبر، وفضح الاحتلال الصهيوني، فرجل الدين هو الذي يقف في المواجهة لقوات الاحتلال.

● تتعالى اليوم الدعوة لزيارة القدس، سواء بين المسلمين أو المسيحيين.. كيف ترى هذه الدعاوى ومردودها على قضية القدس؟

- لا شك في أن الدعوة لزيارة المسجد الأقصى اليوم ذات أهمية، فهي دعوة دينية بالأساس، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "تشد الرحال إلى ثلاثة: مسجد الله الحرام، والمسجد الأقصى ومسجدي هذا"، كما أنه معلوم أيضاً أن الصلاة في المسجد الأقصى أجرها مضاعف، وزيارة الأقصى والقدس مناصرة لأهل فلسطين، وتعضيد للمرابطين، كما أن الزيارة تعني للإسرائيليين أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم الذين يدافعون عن المسجد الأقصى، وأن الزيارة للسجين لا تعني الاعتراف بالسجان، وإن لم تكن الغارة، فلتكن الزيارة.

● كيف ذلك وقد كانت عدم الزيارة في السابق نابعة من فتوى من الأزهر والكنيسة المصرية لأن القدس والأقصى تحت الاحتلال؟

- في الحقيقة كانت دعوة باطلة، كان غرضها سياسيا فقط، لا دينيا، وقد كان لها مبررها في السابق، أما اليوم فأصبحت لا تصلح، لأن الأمور في الأقصى أخذت تطورات أخرى، ثم إن عدم الزيارة يصب في مصلحة الصهاينة وقوات الاحتلال، لأنهم يريدون تفريغ القدس من المسلمين والمسيحيين، وهدم الأقصى، ولهذا لعبت هذه الدعاوى في السابق دورا في اتجاه انفصال المسيحيين عن دينهم جسديا وروحيا، وأصبح التضامن مع كنيسة القيامة وبيت لحم معنويا وسمعيا فقط، فكيف يكون الأقصى متاحاً للزيارة لليهود حتى غير الإسرائيليين، ونحرم نحن المسلمين من زيارته، لهذا لا يحق لأي مسلم أن يمتنع عن زيارة الأقصى، لأنها أصبحت اليوم فرض واجب، فالفتاوى السابقة مغرضة ومضللة، فمن أجل قدسكم وأقصاكم شدوا رحالكم من أجل صلة أرحامكم ومؤازرة إخوانكم، وأدعو المسلمين جميعا إلى الذهاب إلى المسجد الأقصى بنية الصلاة وبنية الرباط مدة ساعات أو أيام في المسجد الأقصى، ولهذا أتعجب كثيرا من تلك الدعاوى، فبأي عقل وبأي دين وبأي وطنية تمنعون إخوانكم من زيارة بيت الله مهبط الرسل ومصلى الأنبياء؟!

● هل زيارتا مفتي مصر الأسبق علي جمعة وبابا الأقباط تواضروس الثاني كسرتا هذه العزلة؟

- كان لزيارة د. علي جمعة إلى المسجد الأقصى وقع كبير، فقد لامست الأبواب المغلقة، وقد كان في استقباله أهل القدس والضفة، وكان لذلك مردود إيجابي على المقدسيين ووقع مخيف على الإسرائيليين، كما كان لزيارة البابا تواضروس لبيت لحم وكنيسة القيام تأثير كبير، إلا أننا كنا نريد أن يعلن البابا أن الزيارة من أجل الصلاة، لا من أجل تقديم العزاء، كما أعلن.