اليمن السعيد
في الستينيات وحينما برزت الخلافات الداخلية بين الأحزاب اليمنية التي استقطبتها أطراف الحرب الباردة والقوى الإقليمية (العربية) لم يشأ اليمن أن يتدخل في شؤونه أحد إلا دولة الكويت كوسيط محايد، ومنذ ذلك الحين والكويت تحتفظ بعلاقة خاصة مع الكثير من الشخصيات اليمنية.
تتفاعل الأحداث في منطقتنا فتلجأ إلى طاولة المفاوضات "الكويتية" ثم تعود أدراجها محملة بآليات حسن الجوار، وهذا ما عرفنا به دبلوماسية التفاوض الهادئ.ولطالما تعرضت الأوضاع في شبه الجزيرة العربية لعوامل الشدّ والجذب وقواها منذ ثورة العرب في وجه الأتراك بين 1916و1918، فالعالم آنذاك كان ينظر إلينا بعدسة الإمارات الخليجية والعربية الصغيرة، التي كانت منذ ذلك الوقت عرضة للتدخل الخارجي البريطاني والعثماني، وهي القوى التي تقاسمت النفوذ حينها، وفي الوقت ذاته برز الطريق التجاري المعروف وهو طريق القوافل كشريان حيوي للتجارة.وطبقا للباحثة د. فتوح الخترش في كتابها حول تاريخ العلاقات السعودية اليمنية فإن اليمن بتقسيمه السياسي والإداري كان يتضمن المحافظات السبع وهي: صنعاء وصعدة وحجة وحديدة والبيضاء وإب وتعز، والعامل البشري في اليمن تميز منذ القدم بميل نحو القبلية، والبعض يعزو قوة الكيان القبلي اليمني إلى غياب شبكة المواصلات، مما أدى إلى صعوبة توفير الأمن في المناطق الجبلية.
فكيف يمكننا اليوم استيعاب باحثي العلاقات الدولية وهم يرددون مقولة "اليمن دولة فاشلة"؟ وما الذي أوصله إلى ذلك؟ فعراقة اليمن تاريخيا وسياسيا ووضعه الدولي المميز، والذي اتسم بالسلم والبعد عن العنف، يؤهله للاستقرار والنمو، أضف إلى ذلك نشاط الدبلوماسية اليمنية عبر توقيع اتفاقية مع الدولة العثمانية عام 1911، وأخرى مع الطائف، ومعاهدة الصداقة مع بريطانيا، ومواجهته بذكاء هيمنة الدولة العثمانية وأطماعها، فزحف بهدوء إلى المناطق الساحلية وعقد اتفاقيات صداقة مع الدول الكبيرة. وفي فترة الستينيات، وحينما برزت الخلافات الداخلية بين الأحزاب اليمنية التي استقطبتها أطراف الحرب الباردة والقوى الإقليمية (العربية) لم يشأ اليمن أن يتدخل في شؤونه أحد إلا دولة الكويت كوسيط محايد، ومنذ ذلك الحين والكويت تحتفظ بعلاقة خاصة مع الكثير من الشخصيات اليمنية، واليوم ومع سير المفاوضات اليمنية في الكويت نأمل أن يخرج اليمن بصيغة متزنة تسمح له ببناء دولة ذات قوام سياسي واجتماعي، بل إنساني سليم، ليهنأ أهله بالاستقرار والأمن.كلمة أخيرة:الكل يتحدث بإعجاب عن مجلة "خليجسك"، ويقال إنها مجلة شبابية كويتية استطاعت استقطاب المبدعين من الشباب الكويتيين وتقديم أعمالهم بصورة جميلة، اليوم "خليجسك" بحاجة إلى الدعم قبل أن تتحول إلى صحيفة إلكترونية؛ لذا أتمنى من الفاعلين والناشطين في وزارة الشباب رعاية تلك المطبوعة وتقديم العون لها.