«النشرة الجويّة الآن: الفن والإيكولوجيا في وقتٍ مأزوم»
قضايا المناخ في المنطقة العربية عبر التعبير الإبداعي
«النشرة الجويّة الآن: الفن والإيكولوجيا في وقتٍ مأزوم» (13 يوليو- 17 أكتوبر)، عنوان المعرض الذي ينظمه متحف سرسق في بيروت، ويضم مجموعة من المشاريع والأعمال تتمحور حول قضايا تتّصل بتغيّر المناخ وكارثة الإيكولوجيا المستقبليّة وتأثيرهما في لحظتنا الراهنة، يشارك فيه 15 فناناً من لبنان والعالم.
تكمن أهمية المعرض في أنه للمرة الأولى يتم التطرق إبداعيا لقضايا تهم المناخ في المنطقة العربية، بعد تنامي الاهتمام في التغيّر المناخي ودفع السجال قُدُماً في المجال العام.كذلك يطرح المعرض أسئلة حول كيفيّة فهمنا «للطبيعة» طريقة ارتباطنا بها، علاقة التغيّر المناخي بالمسائل الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة، ويقترح أفكاراً لفهم تأثيرنا في هذا العالم، وتطوير خطة للإنتاج المستدام وإطلاق صلات جديدة وحوارات حيوية في الفن لتحفيز التعاون الإبداعي في المنطقة والعالم... ترافق المعرض منشورات باللغتين العربية والإنكليزية، تتضمن مقالات ومقاربات بصرية لكتّاب محليين وعالميين تتمحور حول العناصر الخمسة التي تشكل الأساس في الطبيعة: الحجر، الخشب، الجو، المياه والنار، وتنطلق منها لمعالجة مسائل إيكولوجيّة من وجهة نظر محليّة – عالميّة.
يشارك في المعرض فنّانون ومعماريّون ومفكّرون من لبنان والعالم، سيقدّمون مساهمات أعدّت خصيصاً للمعرض وأخرى سبق عرضها أو نشرها. أما القيّمتان على المعرض فهما: ناتاشا بيتريسين– باشيليه، ناقدة فنيّة ومنسّقة معارض مستقلّة تعيش في باريس، فرنسا. تعمل على تحرير المنشورة الالكترونيّة للمتاحف الأوروبيّة. نورا رازيان، رئيسة قسم البرامج والمعارض في متحف سرسق.
مقاربات وأحلام
«شكل الكسوف» لأدريان لحّود (معماريّ، وعميد كليّة العمارة في «ذا رويال كوليدج أوف آرت»، لندن)، أحد أبرز الأعمال المشاركة في المعرض. يبدأ المشروع بعرض مشاهد جوّيّة ليليّة، ويستحضر منظر كوكبات النجوم سلاسلَ كيميائيّة من جزيئات الهباء الجوّي – التي تدمج الماكروكوزم والميكروكوزم. ثمّ تنتقل المشاهد عبر صور علميّة لحركة الجزيئات الكيميائيّة في الغلاف الجوّي، وتنتهي بكوكبة مدنٍ في شمال أفريقيا وجنوب أوروبا، مقتفية سبلَ الهجرة ودروبها، ومكوّنة كوكبة من نوع آخر لها صلة بتحوّلات المناخ في العالم. وسيتمّ إنشاء «شكل الكسوف» كمجسّمٍ في باحة المتحف طوال فترة المعرض.من أبرز الأعمال أيضاً: «الطيف 1» لمنيرة القديري، فنّانة كويتيّة تعيش وتعمل بين بيروت وأمستردام، وهو عبارة عن خمس منحوتات موضوعة على جدار بلاستيك يستخدم فيها طلاء أكليريك، في محاولة لابتكار علاقة حياتيّة ملموسة بين حقبتي ما قبل النفط وبعده في منطقة الخليج. كان مجمل اقتصاد المنطقة قبل النفط، بحسب بعض الآراء، مُعتمداً على اللؤلؤ – استخراج اللؤلؤ من البحر، والاتّجار به، إضافة إلى ما نشأ من موسيقى ترتبط به وإلى ما هنالك من أمور. وكان جدّ الفنّانة مغنيًّاً يعمل على متن قارب لصيد اللؤلؤ. تبدو التكوينات اللونيّة لللؤلؤ والنفط متجانسة، وهي تتقاسم طرفي الطيف المتعاكسين. من هنا فإنّ «الازدواجيّة» اللونيّة المعتمدة في هذا العمل تمثّل اختلاط تواريخ اللؤلؤ والنفط. وتُستحضر في المشروع الأشكال التخيُّليّة لآلات تنقيب النفط، فيُعاد إنتاجها كقطع نحتيّة مصنوعة من البلاستيك ومطليّة بألوان مستوحاة من لون اللؤلؤ. وتجسّد قطع الآلات شبيهة الأزهار هذه، الطبيعة الإكزوتيّة لصناعة النفط وما يغلّف عوالمها الداخليّة من أسرار، وهي تقارنها باجتياح قامت به مخلوقات من الفضاء الخارجي.«عدم تطابق» لجوانا حاجي توما وخليل جريج (فنّانان يعيشان ويعملان بين باريس وبيروت) إنتاج مشترك مع مؤسّسة الشارقة للفنون، يتكوّن من مجموعة من ٦ مطبوعات فوتوغرافيّة و٣٠ مطبوعة رقميّة بقياس ٣٠ x ٤٠ سم. هو مرويّة خياليّة تستند على عيّنات مواد أرضيّة أخذت من مواقع بناء في بيروت ومحيطها (عيّنات المواد هذه لها أشكال أسطوانيّة، وقد استلّت من مواقع البناء وجرى قصّها بواسطة منشار خاص). في مسعى لإعادة ابتكار علاقة شاعريّة مع التاريخ باعتباره مكاناً مؤقّتاً. وفي لبنان، كما في بلدان أخرى، تستخدم تلك العيّنات في بداية كلّ مشروع بناء. وتعتمد بعض عمليّات حفر الأرض في بيروت (أحيانًا على عمق ٣٠ أو ٤٠ متر اً تحت سطح الأرض)، فتُستخرج عناصر وأتربة تُشير إلى ما قد يبلغ ٧ طبقات من الإشغال. تنتج كلّ واحدة من هذه الطبقات مرويّة تاريخيّة جديدة يحاول الزمن طمسها، تدميرها، أو التلاعب في تمثيلها. بهذا العمل التجهيزيّ سيُعاد ابتكار تاريخ جديد مع كلّ عيّنة، وستضاف إليه حكايات وأغراض.