رئيس قسم التاريخ الإسلامي عبدالباري الطاهر لـ الجريدة.: الفهم الصحيح للإسلام يقضي على التطرف والإرهاب

«استحضار المسلم لقيم ومبادئ رمضان سيغير حال الأمة الإسلامية»

نشر في 16-06-2016
آخر تحديث 16-06-2016 | 00:00
أكد أستاذ ورئيس قسم التاريخ الإسلامي بكلية دار العلوم جامعة الفيوم الدكتور عبدالباري الطاهر أن الفهم الصحيح للشريعة الإسلامية يقضي على التطرف والإرهاب، مشيرا إلى أن استحضار المسلم لقيم ومبادئ شهر رمضان المبارك طوال العام سيغير حال الأمة الإسلامية إلى الأفضل، وسيجعلها تلحق بركب الدول المتقدمة.
وشدد الطاهر، في مقابلة مع "الجريدة"، على ضرورة أن يأخذ المسلمون من ظاهرة العولمة ما يناسبهم دون أن يتعارض ذلك مع مبادئ الشريعة الإسلامية، لافتا إلى أن الحضارة الإسلامية ليست مجرد نقوش ومساجد أثرية قديمة، وفيما يلي نص الحوار.
● ما آليات وطرق التصدي لظاهرة الإرهاب من واقع التاريخ الإسلامي؟

- في البداية مثل هذا الأمر يحتاج إلى توصيف لظاهرة الإرهاب وللأفكار المتطرفة، فالتطرف يعني الابتعاد عن الاعتدال والوسطية التي يتميز بها الإسلام، والله سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم: "كَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا" (البقرة: 143) أي أفضل الأمم، والإرهاب ليس مصطلحا أصيلا في الثقافة الإسلامية، ولكنه لفظ دخيل علينا، ومن هنا نقول إن القضية الكبرى التي تحل كل مشكلات الإرهاب والتطرف هي الوعي والفهم الصحيح للإسلام، وذلك يكون بفهم مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة التي تتميز بالاعتدال والبعد عن الغلو والتشدد وإرسال قيم العدالة والمساواة وحرية الفكر والعقيدة، فإذا حدث هذا الفهم الصحيح للإسلام فسيكون كل شيء بعد ذلك سهلاً، وهذا هو المنطلق لعلاج أية مشكلة في مجال التطرف بصفة عامة، والعلماء يلعبون دوراً بارزاً في التصدي لظاهرة الإرهاب، وعبر التاريخ الإسلامي كان هناك طرق كثيرة لمواجهة التطرف، ومنها على سبيل المثال استخدام المناظرات، فالخليفة عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، استخدم المناظرات في مواجهة الخوارج، وإذا لم يفلح أسلوب المناظرة فيمكن منع أصحاب الفكر المتطرف من التعامل مع الآخرين لعدم السماح لهم بنشر أفكارهم، والأمر الثالث هو مواجهة هذه الأفكار بأفكار مضادة أي بنشر الفكر الوسطي الصحيح بكل الوسائل.

● تحدثت في أحد المقالات عن فكرة البعث الحضاري من رمضان لما بعده، فماذا تقصد بها؟

- المقصود بها ما يتضمنه شهر رمضان المبارك من قيم حضارية مثل الصبر والإخلاص والعطاء والإيثار وغيرها من القيم الحضارية المتميزة، التي إن داوم المجمتع الإسلامي عليها في بقية شهور السنة كما في شهر رمضان لتغير حال الأمة الإسلامية إلى أفضل حال، فيجب على المسلم في كل مكان أن يتحلى بهذه القيم في كل وقت، لأن الأمم الأخرى التي تقدمت علينا وسبقتنا في ركب الحضارة تتعامل بهذه القيم رغم أن غالبية سكانها ليسوا مسلمين.

● كيف ترى مستقبل الحضارة الإسلامية في ظل المعطيات الراهنة؟

- المشكلة بالنسبة للحضارة الإسلامية هي أن الكثير من الناس ومن بينهم المثقفون اختصروا الحضارة الإسلامية في مظاهرها، حيث يرون أن هذه الحضارة تتمثل في الأزهر الشريف أو مسجد أحمد بن طولون أو النقوش الإسلامية الموجودة في بعض المساجد التاريخية القديمة، واعتبروا أن الحضارة عبارة عن منتج مادي في أمور بسيطة، لكن قيم هذه الحضارة الحقيقية تكمن في كل ما قدمه الإسلام في بداياته من قيم وأخلاق، وهذا هو ما يجعل المستقبل قائما للحضارة الإسلامية بشرط أن يعي المسلمون هذا الفهم من حيث إنها منتج إنساني يخدم البشرية كلها ويخدم الحضارة الإسلامية، وأنا متفائل بمستقبل الحضارة الإسلامية حيث أرى أنه قادم بقوة بمشيئة الله.

● برأيك، كيف يتعامل المسلمون مع ظاهرة العولمة بما لا يتعارض مع الشريعة؟

- الهدف الرئيسي من ظاهرة العولمة هو السيطرة الاقتصادية، ولكنها اتخذت إطاراً أوسع الآن، وهو السيطرة الفكرية وإجبار الآخر على الالتزام بفكر محدد، والمسلمون لابد أن يأخذوا من العولمة كل ما فيها من خير ويتركوا كل ما فيها من شر، و"الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها"، فالمسلم مطالب بالسعي وراء الأشياء الجيدة، وبالتالي إذا فهم المسلمون ذلك فسيأخذون من العولمة ما يناسبهم مع مراعاة الضوابط الشرعية من الالتزام بالضوابط العامة للإسلام.

● ما مدى تأثير الصراع بين التيارات الفكرية على هوية الأمة الإسلامية؟

- بلا شك فالصراع بين التيارات الفكرية يمكن أن يكون له تأثير، ولكن إذا استطعنا أن نحول الصراع إلى حوار مع الالتزام بآداب الحوار فسيكون كل شيء أفضل، فمشكلتنا الحقيقية تكمن في تحويل الحوار إلى صراع وليس العكس، وبالتالي الإسلام يستطيع أن يستوعب كل التيارات الفكرية انطلاقاً من الثوابت المشتركة.

يجب أن يأخذ المسلمون من العولمة ما يناسبهم بما لا يتعارض مع الشريعة

الحضارة الإسلامية ليست مجرد نقوش ومساجد أثرية
back to top