آمال : حماد الراوية والذاكرة الخاوية
![محمد الوشيحي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1579110147954926500/1579110167000/1280x960.jpg)
وكان الوشيحي يحفظ من القرآن أربعة عشر جزءاً كاملاً، وآيات وسوراً أخرى، في سني مراهقته، فتبخر أغلبها من الذاكرة. وكان يحفظ من القصائد ما يثقل ظهر البعير، فتطايرت ولم يبق منها إلا ما يحمله العصفور بطرف جناحه.وقيل لي إن المكسرات والكرز والشاي الأخضر تنشط الذاكرة وتقتل النسيان، فصاحبتُ بائع المكسرات، واستبدلت الشاي الأحمر بالأخضر، وجربت أنواع الكرز، فازداد وهن الذاكرة، وتضاعفت تجاعيدها، وكأنما تعاندني وتتعمد إغاظتي.وأبذل جهداً، هذه الأيام، لتعلم اللغة التركية، وأداوم على حفظ الكلمات، فتتداخل كلمتا "المجلة والمعرض"، أيهما سيرقي وأيهما ديرقي، وأدوخ ما بين "يتجمد ويستدير"، وألفّ السبع لفّات، وألعن علم اللغات، والإنسان الأول الذي لم يوحد اللغة.وإن كان لي دعوة مقبولة في هذا الشهر الكريم، فاللهم أعد لي ذاكرتي، أو فلتفتتها حتى أيأس منها وأرتاح.