رغم كل ما يحدث حولنا من تخريب ودمار باسم الإسلام، فإن السادة الدعاة يملأون الشاشات التلفزيونية العربية بنفس الخطاب الذي ساد خلال السنوات الـ30 الماضية، وكأنه لا شعوب تُقتل بسبب حروب طائفية، ولا عمليات إرهابية تشوهنا جميعاً كمسلمين، وتضعنا في أسوأ حال أمام شعوب العالم، كل ذلك وبرامج الدعاة تشغل ساعات بث طويلة، وعددها يساوي تقريباً المسلسلات الدرامية الرمضانية الخليجية والمصرية والشامية بنفس الأسلوب والمضمون السابق.

انتشار برامج الدعاة في التلفزيونات العربية، وارتفاع أجور القائمين عليها التي تناهز أحياناً أجور الفنانين في الدراما، أصبحا ظاهرة ملحوظة، ولكن علينا أن نتساءل عن محصلة تلك الخطابات والبرامج الدعوية، فمثلا هل تحسنت أخلاقيات المجتمعات الإسلامية وتراجعت نسب الجريمة... وساد الأمان فيها والعدالة؟

Ad

بالطبع، الإجابة ستكون بالنفي... مصر على سبيل المثال التي كانت جنة أمان للمرأة والفتاة رغم ارتداء "الميني جيب" والبنطال في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، أصبحت حاليا، رغم اكتساح الحجاب والنقاب رأس وجسد المرأة المصرية، سادس أخطر مكان في العالم في مقياس تعرض المرأة للتحرش والاغتصاب، وفي الكويت التي كان يسودها التآلف والتآزر الاجتماعي شهدت بحسب إحصائية وزارة الداخلية 2400 مشاجرة خلال عام واحد فقط، كان آخرها قتل مواطن لابن عمه خلال مشاجرة دهساً بالسيارة، إضافة لارتفاع معدلات جميع أنواع الجرائم في العالم العربي.

قبل انتشار برامج الدعاة، كان العالم فاروق الباز في وكالة ناسا الفضائية والبروفيسور د. مجدي يعقوب جراح القلب في بريطانيا وعمر الشريف في هوليوود هم عناوين المسلمين في الغرب والعالم، واليوم عناوينها الإرهابي عمر متين وأمثاله من المتشددين الأصوليين في أوروبا وحول العالم.

اليوم أنا كمواطن كويتي، ومثلي الكثير من أهل بلدي يسمعون اتهامهم من مرشحة الرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون بأنهم ممولون للإرهاب وهم براء من ذلك، بسبب تراخي الدولة مع الجماعات الإسلامية المتشددة وتحالفها معها أحياناً، وفتح وسائل الإعلام لها، هذا حالنا اليوم بعد انتشار برامج الدعاة على شاشاتنا، وهو أمر شاذ وخطير، ويؤكد أن هناك... شيئاً "غلط"!

***

في مقالة سابقة لي بعنوان "بشت الدلال... وبدلة الزنزانة!" ذكرت أن حركة "حشد" من ضمن الحركات التي أنشأتها كوادر حدس والائتلافية، والصحيح هي حركات شباب التغيير وشباب 16 سبتمبر ومسميات أخرى ظهرت في الفترة التي سميت بفترة الحراك، لذا اقتضى التوضيح.