• حدثنا عن رائعتك «غريب»، وكيف جاءت الفكرة، ولاسيما أنها تعد محطة مهمة في مشوارك، وهي كذلك من أطول أغنياتك؟
- «غريب» و«أنا رديت» و«باعوني» أغنيات تعد محطات جميلة في حياتي، والتقيت من خلال هذه الأغاني مجموعة من الأساتذة الشعراء والملحنين، أمثال: عبدالرب إدريس وبدر بورسلي وعبداللطيف البناي، وانطلقنا في عمل ضمنه هذه الأغنيات، واستمرت العلاقة وقدمنا كثيرا من الأعمال، ونجحنا، فهؤلاء هم شركاء النجاح الذي منحوني إبداعهم لأشدو به، ويصل إلى الملتقي.وأغنية «غريب» دائما يذكرني بها الجمهور، وكانوا يقولون إنها تميزت بإحساس غير، لكن في الحقيقة عشت عاما كاملا تقريبا في التحضير لهذه الأغنية، وكنت مع الشاعر والملحن لحظة بلحظة وكلمة كلمة، لذلك حين أديتها كانت تعيش في داخلي، وكأنها جزء مني، وجاءت بهذا الإحساس الجميل التي استحسنه الجمهور، وتربطي علاقة وثيقة بعبداللطيف البناي وبدر بورسلي، وهما رفيقا درب، وبيننا رحلة عمر طويلة، وكذلك د. عبدالرب إدريس، الذي أعتبره أيضا من شركاء النجاح، فهناك لغة تفاهم بيني وبينه، ونظرا للانسجام في أحد الأعمال، جرى تلحينها عبر الهاتف، إذ كنت أنا في الكويت وهو في جدة، ولم تمضِ إلا ساعات، وأنجز هذا اللحن.وأنا بطبعي لا أحب الألحان الجاهزة، أو الطبخات اللحنية الجاهزة، لأني أحرص على مواكبة العمل من الألف إلى الياء، لأني أنظر إلى الفن على أنه حالة من المشاعر يعبِّر عنها الإنسان عن طريق الغناء أو التلحين وهكذا.ثنائيات
• ثم شكلت ثنائيات أخرى مع ملحنين وشعراء، فما سبب هذا التنويع؟
- نعم، خلال مشواري الفني غنيت بالتعاون مع إخوة أعزاء لهم فضل كبير وأيادٍ بيضاء، ومنهم يوسف ناصر وراشد الخضر وأنور عبدالله وسليمان الملا ومشعل العروج وعبدالله الجاسم وأحمد الهرمي وجاسم الخلف وعبدالله الرميثان وساهر وخالد البذال، وغيرهم، وهذه المجموعة إضافة إلى أسماء أخرى قدمت لي الكثير، وتشكل علامات بارزة في مشواري ضمن مراحل مختلفة في رحلتي مع الغناء.التطوير والتجديد من سُنة الحياة، لذلك يجب أن يعبِّر الإنسان عن مشاعره بلغة العصر. صحيح أن الإنترنت قرَّب المسافات، وهذا التواصل أنشأ بيئة مختلفة، وكان في السابق لكل أغنية خصوصية معينة، أما الآن، فقد تطورت الأمور، وبالتالي انعكس ذلك على الغناء، ويجب على الإنسان أن يتكيف مع محيطه، لكن هذا لا يعني أن نجاري الفن الهابط، بل نبحث عن الرقي، لأن الفن تعبير عن اللحظة والزمن يفرض نفسه، مع مراعاة أن لكل إنسان أسلوبه وطريقته.• كنت تحرص على تقديم الملاحظات للملحنين، هل لديك موهبة التلحين؟- أي فنان يملك قدرات بداخله تنبع من مشاعره تجاه المواقف، وكذلك أحاسيسه التي يمر بها، لذلك ربما تعد مطربا له محاولات في التلحين، وآخر لديه ملكة الكتابة، وكل إنسان يستطيع تذوق الفنون وفقا لما يشعر به، وأنا لا أزعم أني ملحن، بل أحمل في داخلي أحاسيس معينة وبعض المقومات التي أخبرها للملحنين وهم يستطيعون صياغتها.«ليل السهارى»
• ماذا تمثل لك أغنية «ليل السهارى»؟
- هذه الأغنية محببة إلى قلبي، وهي من كلمات الشيخ خليفة العبدالله، وألحان عبدالرحمن البعيجان، وهي من أجمل الأعمال التي قدمتها وتقول كلمتها:«ودي أقولك يا غالي اذكر لياليناوأذكر سوالفنا وضحكنا وعيد ماضينابس إني خايف ودادك ما عاد يذكرناولا اسهرت في عيونك دمعة تنادينا هو إنت ناسينا هو إنت ناسينايشهد علينا ليل السهارى اللي جمعنا داير مدارهويشرفني أني غنيت هذا العمل.• قدمت ألوانا من الشعر النبطي، كيف استطعت تقديم هذا اللون بطريقتك؟
- هو لون غنائي جميل، ومن المفروض أن نعطيه حقه، لأنه يستحق، ولاسيما أنه يمثل الأصالة والصدق والبساطة والسلاسة، الإحساس الفني هو الذي يدفع الإنسان إلى تقديم العمل بحب وبطريقة جميلة، وحينما أُعجبت بهذه الكلمات قدمتها وفقاً لمشاعري، وحققت النجاح بفضل من الله.عقود احتكار
• الراصد لمشوارك الفني يلاحظ حرصك على عدم الالتزام بعقود احتكار مع أي جهة، ما السبب في ذلك؟
- أنا أعتبر الفنان كالطائر المحلِّق، الذي يرفض الأسوار والقيود، وأنا بصراحة عرضت عليَّ شركات كبيرة عقود احتكار، لكنني فضلت البقاء حُرا، وأحمد الله أني كنت على صواب، لأني رأيت بعض الفنانين عانوا بسبب العقود والالتزام بها، وشعروا بالندم على الموافقة على عقود الاحتكار.أنا لا أنظر إلى المال، وقد منحت الفن عمري وجهدي، ومنحني الفن حب الناس، الذي لا يقدر بملايين الدنانير، وأعتقد أن محبة الناس لا تأتي بالمال، وأشكر جمهوري على هذه المحبة والتواصل والوفاء، فأنا لم أستمر في العطاء إلا حبا فيهم، ورغبة في إسعادهم، وربما يتساءل البعض عن رصيدي، فأقول أنا أملك أثمن رصيد في العالم، وهو محبة الناس.• ما الذي حفزك لأداء أغنية «عصفورة ووردة»؟
- هذه الأغنية جرى تجهيزها بمناسبة انعقاد المؤتمر الإسلامي في الكويت، والتي كتب كلماتها الشاعر المميز يعقوب السبيعي، ولحنها يوسف المهنا. وما حفزني لأداء هذه الأغنية كلماتها الجميلة ومعناها الرائع، إضافة إلى لحنها العذب، لذلك لم أتردد في تقديمها، ولن أتردد في أغنيات مماثلة لها في حال وجدت الجودة نفسها، لكن البحث عن الجمال صعب جدا، كمن يبحث عن إبرة في محيط، هي أغنية لكل الفئات العمرية، وليست موجهة للطفل، ومع الأسف، ما يُقدم الآن للطفل شيء معيب جدا. صحيح أن بعض الأعمال حقق نجاحا كبيرا، لكنها ليست الأساس في بناء ثقافة طفل، لذلك يجب التدقيق فيما يقدم لهذه الشريحة.• بماذا تنصح جيل الشباب؟
- بعدم استعجال الشهرة، والحرص على التأسيس الجيد، من خلال الرجوع إلى التراث، والتشبع من الفنانين القدامى، لأن هؤلاء تركوا بصمة وأثرا طيبا يمدنا بالقوة للانطلاق نحو فضاء أرحب من الغناء والفن، كما أنصحهم بالصبر، لأنهم سيواجهون العقبات خلال مشوارهم، وأن ما يعيشونه راهنا سيكون في خانة الذكريات لاحقا، لذلك ينبغي التحلي بالصبر والحكمة، إضافة إلى الثقافة العالية في الفنون المحلية والعربية للتعرف على أشكال الأداء وأنماطه، وعقب ذلك البحث عن خصوصية تمثلهم، وأن يحرصوا على إيجاد شخصية لهم تميزهم عن غيرهم، لأن الشباب هم حملة الراية وجيل المستقبل والتصدي بقوة لعمل رسالة الفن وتواصل الأجيال.روح العصر
• هل تستمع للمطربين الشباب وتشاهد فيديو كليباتهم؟
- أكيد أستمع إلى أعمالهم وأشاهدها، فهذا الجيل يعبِّر عن وقته وواقعه، لأنهم يعبرون عن مشاعرهم باللغة التي تتلاءم مع حياتهم، فهم أبناء هذه المرحلة وامتداد من الماضي، لكنهم يمثلون الحاضر وروح العصر، وأتمنى أن يختاروا المفردة التي تعبر عن بيئتنا وقيمنا وتاريخنا.هم جيل يعبرون عن وقتهم وواقعهم، لأنهم يقدمون أعمالهم بما يتلاءم مع حياتهم، ويجسدون أعمالهم وفقا لوسائل تعبيرهم، لأنهم لا يعيشون الماضي، بل يستمدون منه العِبر والعظات، وهم يعبرون بصدق عن يومياتهم، فالحاضر لهم.• البعض يعتقد أن الغناء باللهجات الأخرى يمنحه المزيد من الشهرة والانتشار، بماذا ترد؟
- المطربون الكبار العرب وصلوا إلينا من خلال لهجاتهم، والفنان يستطيع الوصول إلى الجمهور من خلال العمل المميز. الأغنية الجميلة ستخترق الحواجز، وستجد الطريق سالكة إلى الملتقي في مصر أو الأردن أو الخليج، والغناء باللهجات ليس دائما يطرح ثمارا جيدة، لأن الفنان يجب أن يغني من بيئته وينهل من تراثه، وعقب تحقيق النجاح وتثبيت أقدامه، لا مانع من أداء أغنية مثلا باللهجة المصرية، مثلما فعل المغني الإماراتي حسين الجسمي، ونجح في هذا اللون.• طالما ذكرت حسين الجسمي، وهو أحد الذين أعادوا أداء أغنياتك، وتحديدا أغنية «مرني»، كيف وجدت هذا الاتجاه، وهل استأذن منك قبل أدائها؟
- أغنية «مرني» من كلمات الشاعر بدر بورسلي، وألحان الملحن د. عبدالرب إدريس، وإعادة أداء هذه الأغنية عقب فترة طويلة على غنائي لها في المرة الأولى، هذا دليل نجاحها، ولأنها كلمة وفكرة جميلة ولما أداها الجسمي حققت النجاح على نطاق واسع، وقد اتصل حينما أراد إعادة غنائها، وكذلك ماجد المهندس حينما غنى «يطرى عليه الوله»، وأخبرني بأنه يريد غناء هذه الأغنية، فقلت له إني أرحب بهذه الخطوة. يسعدني أداء أغنياتي بأصوات مطربين آخرين، وأنا أضع رصيدي الغنائي أمام من يريد إعادة غناء أي أغنية، لأن هذه الخطوة تساهم في انتشار الأغنية الكويتية، وهذا هو هدفي، أعتقد أن الفن ليس ملكا خاصا لفرد، بل متاح لكل فنان يريد تقديمه بالشكل المناسب، محمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ وأم كلثوم، كم مطرب غنى لهؤلاء العمالقة، هل كانوا يشعرون بالغضب وعدم الرضا؟ بالعكس إنه مزيد من الانتشار والنجاح.• ما رأيك ببرامج اكتشاف المواهب؟ وهل عرضت عليك المشاركة؟
- لا أرغب في المشاركة فيها، ولو عُرضت عليَّ سأرفض، لأنه يفترض أن تكون لجنة التحكيم من الموسيقيين أو الأكاديميين، لأن اللجان التي تشكل لا تعتمد على معايير دقيقة، فمن منظوري المطرب لا يحكم على مطرب.