فجر يوم جديد : «الملكة.. والشغالات»!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
مع ظهور سعاد حسني في فيلم «حسن ونعيمة» (1959) يمكن القول من دون مبالغة إن عصراً جديداً بدأ في السينما المصرية، فالطبقة المتوسطة أصبح لها وجود ومكانة وإطلالة على الشاشة، وسعاد تحولت إلى معشوقة الشباب، ورمز لبنات جنسها، والفتاة المصرية عموماً، وهي المكانة التي ظلت مطمحاً لكل ممثلة ظهرت على الساحة، ابتداء من نبيلة عبيد مروراً بـ يسرا وانتهاء بجيل: منى زكي ثم منة شلبي، وإن بقيت «السندريلا» رمز الأنوثة والنضج وعنفوان المرأة المصرية الناضجة التي أسرت العقول، وتربعت في القلوب، وظلت في الأذهان أنموذج «الفنانة الشاملة»!هذا السرد الموجز، والمكثف، عن الأجيال المتعاقبة من الممثلات المصريات النابغات، باختلاف مواهبهن، وأدوارهن، وتأثيرهن، يُعيدنا مرة أخرى إلى الجدل الذي أثارته تصريحات مريم فخر الدين، التي لم تنافق، ولم تجامل أو تتجمل، ولم تكتم وجهة نظرها عملاً بمنطق «النفاق الاجتماعي»، فإسهامات الممثلات كثيرة بالفعل، وفاتن حمامة لم تكن الوحيدة التي عرفت فن التمثيل، وأجادته، بل يمكن القول إنها لم تطاول قامة ماجدة، التي أنفقت أموالها التي جنتها من التمثيل على صناعة السينما، من خلال تأسيس شركة إنتاج، ومجمع سينمائي بإحدى ضواحي القاهرة، ونادية لطفي، التي لم تركن إلى نجوميتها، وأبت أن تعيش في البرج العاجي للنجوم، واختارت دعم ومناصرة القضية الفلسطينية، وسعاد حسني المتمردة، صاحبة التركيبة الجامحة، التي لم تتوقف عن السباحة ضد التيار، ولم تكف عن إعلان انحيازها لبسطاء الناس، وتشجيع الموهوبين الحقيقيين من الكتاب والمخرجين، والقادرة على تجسيد كل الشخصيات، فيما ظلت فاتن حمامة - في نظر البعض - «موظفة بدرجة ممثلة»، متحفظة، شديدة الحرص على صورتها الذهنية لدى جمهورها، وقادرة على التخطيط، بدقة وصرامة، لمسيرتها، بحيث لا تتجاوز الخطوط الحمراء في حياتها، وتحافظ على شهرتها، ودائرة أصدقائها، ومكانتها، التي استمدتها من رؤيتها الأخلاقية «الملتزمة»، ونظرتها المحدودة للدور الذي ينبغي أن يقدمه الفن في حياة الشعوب!خطأ مريم فخر الدين- في نظر البعض - أنها رفضت أن تُبنى العلاقة بين الممثلات، من مختلف الأجيال، على ثنائية «السيدة والخادمات»، واتهموها بغير وجه حق بالتطاول والخروج عن اللياقة.أزمتها – في رأيي – أنها تجرأت على الأصنام التي تحولت، على أيدي البعض إلى آلهة، وأبت أن تكون هناك «ملكة» واحدة طويلة العمر وكاملة التكوين، تُعرف باسم «أم الطائفة» كونها مُحاطة بدائرة من «الشغالات» أو الوصيفات اللواتي يحمينها، وينظفنها، ويقدمن لها الغذاء الملكي، وتولدت لديها قناعة تامة بأن ما يتحدثون عنه مكانه «خلية النحل» فقط!