صدر مؤخراً في القاهرة عن الأزهر الشريف، كتاب بعنوان "العلاقات الدولية في الإسلام" للشيخ الراحل محمد أبوزهرة، أحد علماء الأزهر، ويتناول الكتاب أسس العلاقات الدولية كما نظمها القرآن، وكما نفذها النبي صلى الله عليه وسلم، وهدى إليها أصحابه ومن اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين.

ويركز الكتاب على نصوص القرآن الكريم والحديث النبوي، وعلى عمل الصحابة رضوان الله عليهم، وعلى ما استنبطه الفقهاء الأعلام، ويتطرق الكتاب إلى الوحدة الإنسانية، كما جاءت في القرآن والسنة وأسباب النزاع في هذا الوجود، والقواعد التي تقوم عليها العلاقة بين الناس وتطبيقها على الدول، كما تطبق على الآحاد، والعلاقات في حال السلم، والأصل في العلاقات بين المسلمين وغيرهم، والعلاقات في حال الحرب، والقيود التي يقيد بها المؤمن في حربه، ثم أعقاب الحرب.

Ad

ويشير الكتاب إلى وجود آيات كثيرة في القرآن عن الناس بأنهم أمة واحدة، وأنهم يبتدئون في الوجود من أصل واحد، وينتهون إلى نهاية واحدة وهي لقاء الله الذي خلقهم، وإن اختلف الجزاء خيراً أو شراً، نعيماً مقيماً أو عذاباً أليماً.

ويؤكد أن الناس ينتهون إلى نفس واحدة وإن اختلفوا أشكالا وأجناسا وألسنة، وشعوبا وقبائل، ومؤمنين وجاحدين، وأخيارا وأشرارا، ونافعين وغير نافعين، وأن النبي عليه الصلاة والسلام، صرح بهذه الوحدة فقال: "كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى".

ويتناول الكتاب قواعد العلاقات الدولية ومنها المساواة والتعاون الإنساني والكرامة الإنسانية والتسامح والحرية والفضيلة والعدالة والمعاملة بالمثل والوفاء بالعهد والمودة، كما يتطرق إلى العلاقات الدولية في حالة السلم والتفرقة بين دار الإسلام ودار الحرب ودار العهد وسيادة الدولة على غير المسلمين، والمستأمن، وتطبيق القانون الإسلامي على المستأمن، وميراث المستأمن، ومعاهدات الذمة ودار العهد.

كما تناول العلاقات في الحرب والباعث على القتال والتمهيد للمعركة ومراعاة الفضيلة أثناء الحرب، وأشار إلى أن العلاقات الدولية في الإسلام أساسها احترام الإنسانية، وسيادة الفضيلة في السلم والحرب، والحرب حرب رفيقة لا تستباح فيها الدماء في كل الأحوال، ولا تخرب الديار ولا تقطع الأشجار ولا يباد الحرث والنسل ولا يفسد كل قائم، ولا يغار على الآمنين الذين لا ناقة لهم ولا جمل، إنها لحماية الإنسانية من شر الظالمين وقطع دابر المفسدين، كما أن الإسلام يحافظ على الكرامة الإنسانية في الحرب، كما يحافظ عليها في السلم، ولذلك كان الإسلام رفيقاً بالأسرى، ولم يعرف التاريخ محاربا كان رفيقاً بالأسرى غير الإسلام، فالإسلام اعتبر أقرب القربات التي تكون من المؤمن إطعام الأسير وإكرامه، منعاً لتلك الروح الانتقامية الغليظة.