وجه مجلس الوزراء أخيراً بضرورة ربط مخرجات جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب والجامعات الخاصة مع متطلبات سوق العمل في قطاعيه العام والخاص، مع التوصية بفتح وإغلاق التخصصات التي يحتاجها السوق بناء ما ورد بالتقرير الثاني للجنة متابعة وثيقة الإجراءات الداعمة للمسار المالي والاقتصادي.

الحقيقة أن دولة الكويت تأخرت كثيراً في معالجة اختلالات مخرجات التعليم العالي، حتى تشبع سوق العمل الحكومي بالوظائف الإدارية، فكانت النتيجة كارثية عليه بعد فشل القطاع الخاص في جذب الشباب الكويتيين إليه رغم وجود دعم العمالة، ناهيك عن المحفظة المليارية المخصصة لدعم المشاريع الصغيرة التي ما زالت بعيدة كل البعد عن الأهداف التي أنشئت من أجلها.

Ad

هذه المشكلة تنبهت لها الأمم المتحدة، ففي أغسطس 2015 وافقت 193 دولة على الأهداف السبعة عشر التي جاءت في وثيقة أهداف التنمية المستدامة، حيث أفردت المادة الرابعة "ضمان تعليم ذي جودة شامل ومتساو، وتعزيز فرص تعلم طوال العمر للجميع"، وكذلك نصت المادة الثامنة كضابط لها "تعزيز النمو الاقتصادي النامي والشامل والمستدام والتوظيف الكامل والمنتج بالإضافة إلى عمل لائق للجميع".

دعونا نأخذ هذه التوجيهات الإصلاحية واحدة واحدة لنعرف موقع التعليم ومتطلبات المرحلة القادمة، وكيف تعاملت الحكومة مع ملف التعليم، وتوجيهات الأمم المتحدة والتدابير التي أجرتها لمعالجة اختلالات مخرجات التعليم على شكل نقاط:

* خطة التنمية جاءت على إنشاء ثلاث جامعات إلى جانب جامعة الكويت، لم نرَ أياً منها رغم تزايد خريجي الثانوية العامة.

* أنشأت الحكومة مجلسا أعلى للتعليم بهدف رسم السياسات العليا والأهداف التعليمية والتربوية للمؤسسات التعليمية ومع ذلك لم نر تلك الأهداف على أرض الواقع.

* أثبتت الدراسات تعثر نسبة لا بأس بها من الطلبة الدارسين بالمرحلة الجامعية وتسربهم سواء في البعثات الخارجية والداخلية وجامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.

* عدم قدرة الجهاز الحكومي على استقبال المزيد من خريجي الجامعات بسبب تفضيل الطلبة التخصصات الأدبية على التخصصات العلمية وذلك بسبب تساوي الرواتب.

* إقبال الطلبة لاستكمال دراستهم في جامعات ضعيفة المستوى بدلاً من الجامعات القوية، وذلك بسبب فقدان عنصر المفاضلة.

* تفضيل الطلبة بعض التخصصات دون غيرها بسبب الكوادر، مما أضر بالتركيبة الوظيفية وأوجد بطالة مقنعة داخل وزارات الدولة.

* انتشار الحاصلين على الشهادات الورقية من كل الدرجات العلمية، بكالوريوس، ماجستير، دكتوراه، بسبب ضعف الرقابة من بعض المكاتب الثقافية واعتمادها من التعليم العالي.

* تأخر التعليم العام عن مواكبة التطور العالمي، ووقوعه بالمراتب الأخيرة عالمياً رغم تغيير فلسفة التعليم أكثر من مرة خلال العقدين الماضيين؛ مما انعكس سلباً على قدرات الطالب المعرفية والسلوكية.

أخيراً توصية مجلس الوزراء للمؤسسات التعليمية بإغلاق التخصصات والأقسام العلمية وفتحها حسب حاجة سوق العمل ليس بالأمر الهين، فقد يظل البرنامج حبيس الأدراج لسنوات نتيجة روتين الممل، خصوصا في كليات التطبيقي، ناهيك عن التدخل السياسي في قضايا أكاديمية صرفة، كما حصل لمشروع فصل التعليم التطبيقي عن التدريب الذي راعى متطلبات الجودة العالمية، وراعى المصلحة الوطنية، وحاجة سوق العمل، إلا هناك أصواتا رفضت ذلك بحجة ترشيد الإنفاق.

ودمتم سالمين.