مرة أخرى يمتثل ومع شديد الأسى نائبان في مجلس الأمة لغرائز العنف لا لفضائل التسامح والتحضر في خطاب الاختلاف.مرة أخرى تسجل إحداثيات المسيرة النيابية الكويتية صورة مشينة من صور التوحش السلوكي في التعامل بين المختلفين، وفي موقع تم بناؤه أساساً ليكون حاضنة للاختلاف بالرأي، من أجل صقل الحقائق لتتجلى في تشريعات تنفع الناس.
مرة أخرى يكون موقع القدوة، بيت الشعب، مصدراً من مصادر الأذى الاجتماعي، حيث يستلهم النشء الجديد دروس وعبر التراشق بالأحذية، بين نواب انتخبهم الكبار لتمثيل الشعب، ليصوغه سلوكاً عنيفاً يتعامل به في المدرسة أو الشارع أو مراكز التجمعات البشرية.مرة أخرى لا تردع محاسن التقوى والتسامح في شهر الصيام، نوازع الغضب والعدوانية لدى أفراد هم محط أنظار الجميع، لأنهم يمثلون الجميع أو (هكذا يفترض)، فيتحولون بالحوار العقلاني الهادئ والمتبصر، إلى حوار السباب والشتائم والتلاسن المنتهي بالتراشق بالأحذية (هذه المرة) بعد التراشقات السابقة (بالعُقل وكؤوس الماء).إن ما حدث في جلسة مجلس الأمة الاثنين الماضي، عمل مستهجن مهما ساق مرتكبوه من تبريرات، أو قاسوا عليه من سوابق، لأنها في مجملها تعد تشوهات في صحائف المسيرة البرلمانية والديمقراطية الكويتية، وليس من المستساغ القول إن برلمانات أخرى حدث فيها أكثر مما لدينا، لأن برلمانات العالم المتحضر لم تقع فيها تلك الأعمال الشائنة، وحتى إن حدثت فلا يجوز القياس على الخطأ.إن غرس بعض البرلمانات السابقة مع الأسف لأحداث العنف اللفظي والسلوكي التي لم تراع القيم الأخلاقية أثمر امتدادات سلبية على البرلمانات اللاحقة، وغدونا بعد نصف قرن من الممارسة الديمقراطية، وكأننا عامدون لتأصيل جملة من التشوهات، ليس أقلها تكريس الطائفية والقبلية والعنصرية والسلوكية، علّها تنفر الناس من الديمقراطية برمتها!يا نواب الأمة اتقوا الله في بلدكم وفي أمانة أودعها الشعب بين أيديكموهي الديمقراطية التي هي درعنا الواقية حين تشتد من حولنا الخطوب، وليس بالتراشق الحذائي نؤصل الديمقراطية ونرتقي بها.
أخر كلام
6/6 : التراشق الحذائي
17-06-2016