تحققت أمنية كمال الشناوي بالالتقاء بالفنانة لولا صدقي في عمل واحد، لتكون هناك فرصة للتقرب منها، فقد عشقها على شاشة السينما قبل أن يلتقي بها، غير أن أكثر ما كان يؤرقه أن يجد في الحقيقة شخصية مختلفة عن تلك التي رسمها في خياله، وهو ما وجده بالفعل في الواقع، حيث وجد نفسه أمام فنانة من نوع خاص في كل شيء، في الجمال والأناقة وأسلوب التفكير، حتى طريقة حديثها، وجد فنانة أقرب إلى النموذج الأوروبي أكثر منه إلى المصري، وربما عاد ذلك إلى والدتها الإيطالية.

فما إن تخرجت لولا صدقي في مدرسة "الفرير الفرنسية" حتى ألحت على والدها الكاتب والمنتج المسرحي أمين صدقي، أن يسمح لها بالعمل في الفن مثل شقيقتها الكبرى صفية، فوافق وذهبت إلى "الريجيسير" قاسم وجدي، الذي قدمها إلى صاحب ملهى ليلي شهير لتتعاقد معه على الغناء باللغة الفرنسية والرقص، بعد أن تعلمت على يد الراقص الإيطالي الشهير بوللو باستاني الذي يقيم في مصر، الذي أخضعها لدورات تدريب مكثفة، لتصبح واحدة من أشهر الراقصات في أشهر قليلة، بل ومطربة باللغتين الإيطالية والفرنسية في الملاهي الليلية، ليقدمها بعدها والدها للمشاركة في مسرحية مع فرقة "دكتور أمين توفيق" المسرحية، فتشارك في دور صغير لتعتلي خشبة المسرح وتعشقه، وتودع حياة العمل في الملهى الليلي، حيث وجدت متعتها في التمثيل.

Ad

عشقت لولا التمثيل ووجدت متعتها فيه، غير أن فرصتها الحقيقية جاءت عندما أتاحت لها شقيقتها الفنانة صفية، التي سبقتها إلى مجال الفن بسنوات طويلة، فرصة أولى في السينما مع محسن سرحان في فيلم "حياة الظلام" عام 1940، إلى جانب عملها الأساسي في المسرح، غير أن الحالة الصحية غير المستقرة التي كانت تعانيها لولا، وإصابتها بالأنيميا والضعف العام، تطلبت ابتعادها عن المجهود البدني الشاق الذي يحتاج إليه المسرح يوميا ولفترات طويلة متصلة، لذلك قررت التفرغ إلى السينما بعد أن نجحت في تجربتها السينمائية الأولى، ليقدمها في العام التالي المخرج توجو مزراحي في فيلم "ليلى بنت الريف" سنة 1941 وتختفي عن السينما مدة 5 سنوات، ليقدمها مرة أخرى الفنان يوسف وهبي في فيلم "شمعة تحترق" سنة 1946 وفي العام نفسه تشارك في فيلم "شهرزاد" مع حسين صدقي وفيلم "سر أبي" مع الفنان أنور وجدي، وتوالت الأدوار فشاركت في 9 أفلام في عام 1947 وثلاثة أفلام سنة 1948، من بينها فيلم "نحو المجد" الذي وقفت فيه أمام حسين صدقي وفاتن حمامة، وكمال الشناوي، الذي لم يتردد في التقرب منها، في محاولة لبدء قصة حب جديدة، غير أنه وجد حبا من نوع آخر، حيث قدمت نفسها له باعتبارها صديقة مقربة منه، فاحترم ذلك وصارا من أقرب الأصدقاء.

قبل أن ينتهي كمال من تصوير فيلم "نحو المجد" بدأ في تصوير فيلم "أميرة الجزيرة" وهو من نوع "الفانتازيا التاريخية" قصة وإخراج حسن رمزي، سيناريو وحوار السيد زيادة، وتدور أحداثه في "جزيرة مجهولة" في زمن غير محدد، حيث تبدأ الأحداث بعد مضي 20 عاما على اغتصاب الجزيرة من أميرها الشرعي بواسطة القرصان "حنضل" وعصابته، ويقومون بالسيطرة على المدينة وحكمها بالظلم، في الوقت الذي ينجح خادم الأمير الشرعي بالهرب بالأميرة الصغيرة ابنة الأمير، ويعيش بها في منطقة نائية يشيع بين أهلها أنها ابنته.

تكبر الأميرة الصغيرة ويشاهدها القائد الشاب عادل، فيقع كل منهما في حب الآخر، ويتفقان على الزواج، لكن فجأة يراها القرصان حنضل حاكم الجزيرة، فيقرر أن يأخذها لنفسه رغما عنها وعن حبيبها عادل، الذي لا يستسلم لذلك، ويضطر الخادم الذي قام بتربية الأميرة لأن يحكي للقائد عادل حكاية الأميرة ووالدها الأمير، ويكتشف عادل أنها الأميرة الشرعية للجزيرة، ويجمع جنوده ويدخل في حرب مع حنضل، وينتصر عليه، ويسترد الجزيرة منه، لتصبح الأميرة هي الحاكم الفعلي للجزيرة، وتسعد بحبيبها.

فتاة الأحلام

ما إن قرأ كمال سيناريو الفيلم، حتى طار من السعادة، ليس لأن الفيلم بطولة مطلقة له، وسيكون هو الفتى الأول الشاب الوحيد في الفيلم، لكن لأنه اكتشف أن البطل سيقبل البطلة قبلة على استحياء منها، وباعتباره هو البطل، أي أنه سيقوم بهذه القبلة للبطلة التي هي الفنانة تحية كاريوكا، واحدة من أهم النجمات اللاتي عشق صورتهن على الشاشة، بل وفي الحقيقة أيضا، حيث يرى فيها صورة فتاة أحلامه التي يتمنى أن يقضي معها بقية حياته.

بدأ كمال تصوير الفيلم، أمام تحية كاريوكا، شاركهما في بطولة الفيلم بشارة واكيم، محمود شكوكو، سناء سميح، فتحية شاهين، رياض القصبجي، وآمال وحيد، غير أنه راح ينتظر ذلك المشهد الذي سيصور فيه "القبلة الخاطفة" التي تضمنها السيناريو، حتى حانت تلك اللحظة التي ينتظرها، وما إن صاح المخرج حسن رمزي: "أكشن" ودارت الكاميرا، وبدآ كمال وتحية أداء المشهد، وعندما حانت لحظة القبلة، نسي كمال نفسه، حتى طالت القبلة بشكل مبالغ فيه، للدرجة التي حاولت فيها تحية التملص منه، عندما شعرت بأن هناك شيئا غير طبيعي، وهنا صاح المخرج:

= استوب.. استوب.. استوب يا أستاذ كمال.

توقف التصوير، ونظرت تحية إلى كمال نظرة ذهول مما فعله، الذي تلفت حوله، فوجد أن جميع من في الاستديو ينظرون إليه في صمت وذهول مما فعله، فشعر بحرج شديد، ولم ينتظر تعليقا من أحد، بل اتجه من فوره إلى غرفة تبديل ملابسه، فتوجهت تحية إليه لإزالة الحرج عنه:

= إيه يا كمال... أنت اتكسفت ولا إيه؟

* أنا مش عارف ده حصل إزاي؟

= وهو إيه اللي حصل... اندمجت شوية... يا سيدي ما احنا كلنا بنندمج في مواقف كتير.

* أنا كل اللي هاممني أنت... مش عايزك تفهميني غلط أنا....

= أنت فنان مثقف وواع... وأنا متأكدة أنك مش ممكن تقصد شيء غلط... ولازم تبقى واثق أن علاقة الأخوة اللي بيننا مش ممكن تأثر فيها أي حاجة.

بتوضيح شكل العلاقة بينهما، وأنها لن تزيد عن كونها علاقة شقيقين، قطعت تحية كاريوكا أي طريق على كمال الشناوي، بالتفكير فيها كحبيبة أو زوجة، حيث كانت تحية ترتبط عاطفيا بـ"دنجوان" آخر من العائلة الأباظية، هو الممثل الشاب رشدي أباظة، الذي يبدأ خطواته الأولى كممثل.

طيف من الماضي

وذات يوم كان في زيارة صديقه فريد شوقي، الذي كان يصور أحد الأفلام التي يشارك فيها في استديو "ناصيبيان" وبعد انتهاء التصوير، كانا على موعد مع صديقيهما عبدالمنعم مدبولي، وعبدالبديع العربي، على أحد مقاهي وسط القاهرة.

وما إن جلس الأصدقاء الأربعة على المقهى، حتى لاحظوا مرور فتاة فائقة الجمال، كاملة الأناقة، ترتدي ثوبا من أحدث طراز، وتقص شعرها على طريقة "ذيل الحصان"، فحاول

عبدالمنعم مدبولي لفت أنظارهم إلى هذه الفتاة الجميلة، التي لفتت أنظار جميع من يجلسون في المقهى، فبدأت الفتاة تنظر إليهم، فظنوا أنها معجبة بهم باعتبارهم فنانين مشهورين، ومن المؤكد أنها تعرفهم جيدا، أو على الأقل تعرف من بينهم كمال الشناوي وفريد شوقي، باعتبار أن نجمهما بدأ يلمع في السينما، في حين كان عبدالمنعم مدبولي وعبدالبديع العربي، مشغولين بالمسرح.

نظرت الفتاة إليهم جميعا، ثم ابتسمت ابتسامة جميلة، وأطالت بعدها النظر إليهم‏، ‏فراح كل منهم يعتدل في جلسته، ويهندم ملابسه، غير أنهم لاحظوا فجأة أنها تركز نظرها إلى كمال الشناوي:

= الله دي بتبصلك أنت يا أبوكمال.

- يظهر السنارة غمزت يا مبارك.

ـ مكتوبالك يا سيدي... ربنا يوعدنا.

* استنوا يا جماعة... يظهر أنها تعرفني بشكل شخصي.

= واضح كده.

* طب عن إذنكم يا جماعة... خمس دقايق.

= اتفضل يا أخويا اتفضل... وشرف أمي البنت دي ماعندهاش نظر.

ما إن رأته الفتاة يخرج من المقهى حتى سارعت إلى شارع جانبي، فذهب خلفها ليجدها تقف في انتظاره، وعندما دقق النظر إليها عرفها، رغم ما يبدو عليها من تغيرات جذرية، حيث اكتشف أنها "زكية" الفتاة التي كانت تبيع "الفول السوداني" في أحد مقاهي "حي السيدة زينب" وتعرف عليها أثناء دراسته في كلية التربية الفنية، وذهبت معه إلى "غرفة السطح" في بيت العائلة في "شارع خيرت" وخرجت من الغرفة باكية، بعد أن ضربها جده وسبب لها فضيحة كبيرة بين أهالي الشارع، لتختفي منذ ذلك الحين حتى ظهرت أمامه اليوم، فصاح:

* مين... زكية؟

= زوزو يا أستاذ كمال... أنا دلوقت زوزو.

* زوزو... يخرب عقلك تتصوري أنا ماعرفتكيش!

= إيه رأيك مش كده أحسن من الأول؟

* بالتأكيد... بس إيه اللي غيرك كده؟ ورحتي فين وعملتي إيه؟ وبتشتغلي إيه دلوقت؟

= واحدة واحدة يا أستاذ... ده موال شرحه يطول.

* قولي أنا سامعك.

= هنا على الرصيف.

استوقف كمال أول سيارة أجرة، وذهبا معا إلى أحد الكازينوهات المطلة على النيل، جلست زكية وراحت تتأمل في وجه كمال الشناوي، بينما راح هو ينتظر أن تبدأ في الإجابة عن كل الأسئلة التي طرحها عليها:

* أنت هاتفضلي ساكتة كده وبتبصيلي كتير؟

= عارف زمان الناس كلها حاسداني إني قاعدة مع الممثل الكبير كمال الشناوي.

* لتكوني فاكرة نفسك قاعدة مع أنور وجدي... أنا لسه ممثل صغير يا دوب عملت كام فيلم بس.

= ماسبتش ولا فيلم منهم... شوفتهم كلهم... وأنا في السيما كنت ساعات بأحس إني عايزة أصرخ قدام الناس كلها وأقولهم أنا أعرف الأستاذ كمال وكلت معاه عيش وملح.. فاكر فاكر يا أستاذ أوضة السطوح والرسم.

* أيوا فاكر... بس احنا مش جايين هنا نتكلم عن الذكريات... أنا عايز أعرف إيه اللي غيرك كده... وبتشتغلي إيه دلوقت.

= خلينا نتكلم في الذكريات الجميلة أحسن... ومسيري أقولك على اللي حصللي في يوم من الأيام... لو كان في نصيب واتقابلنا تاني... يمكن حكايتي تعجبك وتعملها في فيلم من أفلامك.

* للدرجة دي؟

= وأكتر.

* طب أنا عندي سؤال تاني بس تجاوبيني بصراحة.

= اتفضل.

* التغيير اللي حصلك ده أنا ليا يد فيه؟

= بقولك إيه أنا جعانة... إيه رأيك نتعشى سوا... وأنا اللي عازماك.

بعد رفض زكية أو زوزو الحديث عن التحول الكبير في حياتها، لم يكن كمال في حاجة إلى انتزاع اعتراف منها ليعرف أي الطرق سلكت، وماذا باعت؟ بعد أن كانت تبيع الفول السوداني، غير أنه اكتفى بتناول العشاء معها، وانصرفا دون أن يعرف ما كان يريد أن يعرفه، غير أنه حرص على أن يفترقا أمام باب الكازينو.

سوء تفاهم

رغم الخلاف الذي نشب بينهما عقب فيلم "غني حرب" أول أفلام كمال الشناوي على شاشة السينما، لكن يبدو أن النجاح الذي حققه في فيلم الفانتازيا التاريخية "أميرة الجزيرة" شجع المخرج نيازي مصطفى على الاستعانة به في فانتازيا من نوع مختلف، تجمع بين حياة البدو والحضر، بعنوان "سر الأميرة" قصة محمد كامل حسن المحامي، سيناريو وحوار وإخراج نيازي مصطفى، الذي دفع فيه بزوجته الفنانة نجية إبراهيم بلال أو "كوكا" للقيام بالبطولة أمام كمال الشناوي، وشاركهما أحمد البيه، وحسن فايق، والسيد بدير، ونجمة إبراهيم، والمطرب عبدالعزيز محمود، والمطربة "شافية".

دارت أحداث الفيلم حول "هلال" الذي يحاول السطو على ثروة ابنة عمه، الفتاة البدوية البسيطة، لكنها تنجح في التصدي له، فيحاول الانتقام منها بقتلها ليفوز بتلك الثروة، لكنها تنجو من مخططه، فيدبر لها جريمة ويقنعها بأنها القاتلة، وعندما تحاول الهرب، تقع في براثن منوم مغناطيسي، يستغلها ليجمع ثروة عن طريق إيهام الناس بأنه يحضر روح أميرة فرعونية، وتسوقها المصادفة للتعرف على شاب يقع في هواها ويتزوجان، غير أن المنوم المغناطيسي يظل يستنزف مالها، حتى يكتشف زوجها ذلك، فيتصدى له ويسلمه للشرطة.

بعد نجاح أعماله واحدا تلو الآخر، أصبح اسمه يتردد على ألسنة المخرجين، بل ويشجع أي منتج أن يستعين به وهو مطمئن، وربما كان ذلك السبب في المكالمة الهاتفية التي تلقاها من الفنانة إلهام حسين، التي شاركها بطولة أول أفلامه "غني حرب" تطلب منه الحضور إلى منزلها لمقابلتها للاتفاق على بطولة فيلم جديد ستنتجه هي له.

في الموعد المحدد، كان كمال في منزل إلهام حسين، استقبلته الخادمة، وأكدت له أنها نائمة وعليه أن ينتظرها قليلا حتى توقظها.

جلس كمال ينتظرها ويتفحص أركان المنزل والتحف المتناثرة في أرجائه، والمختارة بعناية، حتى وقع نظره على "ألبوم صور"، فتوقع أنه ألبوم صور مشاهد الشخصيات التي قدمتها في أفلامها، وهو ما وجده بالفعل، العديد من الصور التي التقطت من أفلامها، فضلا عن عدد من الصور الشخصية الخاصة، حتى وصل إلى مجموعة من الصور بملابس البحر المثيرة، فراح يتفحصها جيدا، دون أن يشعر بأن إلهام تقف خلفه تشاهد معه استعراضه لصورها، وما إن وصل إلى صورها بملابس البحر، حتى شهقت شهقة مبالغا فيها، كأنها فوجئت بوجود هذه الصور:

= يا دي الكسوف... إيه اللي جاب الصور دي هنا؟

* مدام إلهام... أهلا وسهلا... أنا آسف جدا إني سمحت لنفسي أتفرج على الصور... وماكنتش متخيل أن فيه الصور دي.

= مافيش أسف ولا حاجة... لكن دي صور مافيش أي حد غيرك شافها.

* اطمني... اعتبري أن مافيش حد شافها خالص... لأني أنا كنت باتفرج بعين الفنان التشكيلي... مش بعين الراجل العادي.

= وهو في فرق؟

* كبير جدا... يعني مثلا أنا كراجل عادي تعجبني جدا الأنثى اللي في الصور... لكن عين الفنان التشكيلي تقول إن المصور كان لازم يصورك هنا وأنت واقفة مش قاعدة... لأن القعدة بينت تنيات البطن زيادة عن اللزوم... وده شيء مش مستحب عند الأنثى أنها تبان بالشكل ده.

= أنت شايف كده يعني... بس مش شايف أني عندي جاذبية.

* بالتأكيد... بس شوفي الصورة دي كمان... كان لازم تفردي شعرك علشان يبان جماله... مش ملموم بالشكل ده يبان إنك بتحاولي تداريه لأنك مكسوفة منه.

= إيه الكلام ده... هو ده كل اللي لفت نظرك؟

* ده رأيي كفنان تشكيلي... يهمني التكوين في الكادر، وعيني بتروح على الأخطاء على طول.

= على كده الفن التشكيلي خسر فنان كبير... لكن التمثيل كسبه.

ظنت إلهام حسين أنه سيعدد لها محاسنها ويتغزل فيها كأنثى، ولم تتخيل أنه سيحاول إظهار عيوبها، فلم يعجبها ما قاله وبدأت تعامله بجفاء، بعد أن كانت تعامله من قبل بلطف شديد، وبعد دقائق جاءها اتصال هاتفي فانشغلت به، وما إن انتهت حتى ظلت جالسة صامتة بعد أن قدمت لكمال القهوة، وما إن انتهى منها حتى هم بالانصراف:

* طب اسمحيلي استأذن أنا.

= بالسلامة يا فنان... يا ريت تبقى تكرر الزيارة.

قالتها بتهكم شديد وكأنها كانت تنتظر انصرافه.

ساعة كمال الشناوي في مدرسة البنات
ما إن عرض فيلم "أميرة الجزيرة" في 29 نوفمبر 1948، حتى حقق نجاحا كبيرا، وزاد من شعبية كمال الشناوي، حيث انضم إليه جمهور الفنانة تحية كاريوكا، فأصبح يطارده المعجبون والمعجبات في الشارع، يجري إليه الجميع يطالبونه بالتوقيع على "الأتوجرافات"، خاصة الفتيات اللاتي لا يكتفين بالتوقيع على "الأتوجراف"، بل يطلبن منه تذكارا، حتى أنه اضطر لأن يشتري كل يوم عددا من مناديل اليد، ومناديل الجيب التي توضع في الجيب العلوي للبذلة، وبعض الأقلام، ليوزعها على المعجبات من فتيات المدارس، خاصة أنه يسكن في مواجهة مدرسة "الأورمان الثانوية"، فما إن يفتح شباك شرفته ويطل منه، حتى تصرخ الفتيات ويشرن إليه ويلوحن بحرارة، فيحدث هرج ومرج في المدرسة، حتى أنه يتسبب في عقاب المدرسة بأكملها بالبقاء ساعة بعد انتهاء اليوم الدراسي، عقابا لهن على حالة الهرج التي قمن بها عند رؤيته، حتى أطلقت الفتيات على وقت العقاب هذا اسم "ساعة كمال الشناوي"، وما إن علم بذلك، حتى صار زملاؤه يتندرون بهذا الأمر في ما بينهم، وبمجرد أن يسير مع أي منهم في الشارع، وتصادف مرور فتاة في أي مرحلة دراسية، يسارع زميله بإخباره بوجود طالبة من طالبات "ساعة كمال الشناوي"، حتى أنه أصبح يبتعد عن الشوارع التي بها "مدارس بنات" أو مقاه قريبة منها، تجنبا لمثل هذه المواقف التي تسبب له حرجا كبيرا.

البقية الحلقة المقبلة