هل جهزت حقيبتك؟
كم منا من يهتم اهتماماً بالغاً بتجهيز حقيبة سفره قبل الرحلة بمدة كافية، وكم منا من يشتري أفضل الثياب بل أحسن الأدوات لأخذها معه في رحلته المرتقبة! وكم منا من لا يحبذ أن ينقصه شيء من تجهيزاته بل يصل به إلى حد الغضب إذا ما نسي شيئا مهم أثناء إقلاعه!ولكن كم منا من فكر في تجهيز حقيبته الخاصة بشهر رمضان؟ نعم ولمَ لا؟ أليس هذا شهر الله؟ والمرتقب منا أن نكون في أفضل الاستعداد له؟ فالإبحار في عالم العبادة يحتاج منا أيضا إلى تخطيط منظم ودقيق، فإن كنت تريد الكفاءة "العبادية" وجودة الأجر برمضان وهو دليلك لذلك، بل فرصتك الذهبية الرابحة السنوية، فاجتهد في التخطيط وتطبيق ما خططت له، فلا فائدة لمخطَّط رائع لمنزل العمر أنفقت عليه آلافاً مؤلفة عند أفضل مصمم ومهندس معماري ما لم تطبقه على أرض الواقع! فما بالك بالتخطيط للباقيات الصالحات، ألا يحتاج ذلك منا أن نعمل باجتهاد روحي وجسدي أكبر؟
فكما نعلم جميعنا أن أبواب الجنان مفتوحة والشياطين مصفدة والإغراء بالأجر العظيم لا يعدّ ولا يحصى، فشهر رمضان فرصتك لتزور أخاك الذي قطعت علاقتك معه منذ أشهر طويلة، وهو فرصة لتصالح زوجتك المحبة التي لم ترضَ أن تتركك في هذا الشهر دون أن تعدّ لك ولأولادك طعام الفطور والسحور، تبتغي الأجر عن الذهاب لبيت أهلها بعد أن أسأت معاملتها، وهذا الشهر عملتك النادرة لتزور عمتك في المستشفى التي تترقب حضورك لديها ولتصالح مديرك في العمل، وتفتح صفحة جديدة معه، وتطوي ما مضى وتخبره بأنك ما فعلت ذلك إلا لأجل شهر الله. أتعلم أنك إن قمت بهذه الأشياء أو بعضها فإنك تقوم بتنظيف داخلي لجسمك وقلبك، وهو بلا شك سينعكس على لسانك ووجهك! فلماذا نرى دائما المخرج في الأفلام يختار دور المجرم لشخص ذي ملامح سيئة ومنفرة وغير مريحة؟ لأن ما تفعله من عمل أو قول ينعكس على وجهك. يقول تعالى "سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ". فاعلم أنك متى ما جاهدت نفسك وترفعت عن أذية غيرك فأنت ترتقي باطنيا، وسينعكس هذا ظاهريا عليك، وهنا ستولد شخصا بروح شفافة جميلة يجذب كل من حواليه، وكن على يقين يا قارئي العزيز أن التسامح قوة لا ضعف، وأن الله جلّ علاه يسامح ويغفر، ويعطينا فرصا كثيرة، لذا عليك اغتنام هذا الشهر الفضيل لنيل غفران رب العالمين، فلا تكن غافلا عن ذلك، وافتح صفحة جديدة مع نفسك أولاً، ومع أهل بيتك ثانياً، ومع الأرحام ثالثاً، والناس رابعاً، وتذكر ما جاء في الأثر "من أصلح ما بينه وبين الله، أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن أصلح أمر آخرته أصلح الله أمر دنياه"، فأحسن تجهيز حقيبتك وتقبل الله أعمالنا وأعمالكم.