كما هو الحال في كل عام تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فلا يكاد أبناؤنا من خريجي الثانوية العامة يفرحون بنجاحهم وتفوقهم حتى يسلبهم المسؤولون هذه الفرحة برفع نسب القبول في الجامعة التي وصلت هذا العام إلى 70 في المئة للقسم العلمي و78 في المئة للقسم الأدبي، وسترتفع اعتباراً من العام المقبل بمعدل 5 في المئة، وبالتالي فإن الجامعة تعلن إغلاق أبوابها في ‬وجه الكثيرين من الحاصلين على الثانوية العامة.

وقد جعلت مأساة القبول بالجامعة أبناءنا يشعرون بالإحباط والألم، ولا يصدقون الشعارات البراقة التي يسمعونها بأنهم هم أمل الكويت ومستقبلها المشرق، وأن الجميع يعمل لخدمتهم وتشجيعهم وتمكينهم لأنهم يصطدمون على أرض الواقع بالمعوقات والعراقيل التي تنسف كل ذلك، كما أن هذه المأساة السنوية تنعكس بصورة قاتمة على الأسر الكويتية التي أصبحت تعاني أشد المعاناة بتغرب أبنائها واستغلالهم من خلال سماسرة بعض جامعات الدكاكين والدخول في معارك الاعتراف بالشهادات وتصديقها عقب تخرجهم.

Ad

ولعل مأزق القبول بالجامعة يعيدنا للحديث مرة أخرى عن إنجاز جامعة الشدادية التي مر على البدء بأعمالها أكثر من 10 سنوات، ولم تر النور حتى الآن رغم أن الكويت أحوج ما تكون إليها لتشارك الجامعة اليتيمة استيعاب مخرجات الثانوية العامة، وليس المطلوب إنجاز هذه الجامعة فحسب بل نحن بحاجة إلى جامعات حكومية أخرى، فلا يصح في دولة ثرية مثل الكويت أن تعيش على جامعة أو اثنتين، خصوصاً أن الجامعات الخاصة التي تقبل معدلات منخفضة ترتفع رسوم الدراسة فيها سنوياً إلى أرقام كبيرة يعجز معظم المواطنين عن تحمل تكاليف إلحاق أبنائهم بها.

ونتساءل كما هو حال الكثيرين: كيف تتبرع الكويت بسخاء لدول نعرفها وأخرى لا نعرفها بملايين الدنانير لبناء جامعات في الوقت الذي يهمل فيه أبناؤنا وبناتنا الطلبة؟ كيف تجرؤ الحكومات المتعاقبة على حرمانهم من أبسط حقوقهم التي كفلها لهم الدستور، وهو التعليم؟ أليس من الأولى بناء جامعات في الكويت تستوعب شبابنا الذين يمثلون الحاضر والمستقبل؟ ألا تنظر الحكومة إلى دول فقيرة تعتمد ميزانياتها على ما تتلقاه من مساعدات من الكويت وغيرها من الدول، ولديها عدة جامعات، في حين نتسول نحن أماكن لطلبتنا المتفوقين؟ ألا يدرك السادة المسؤولون أن الموضوع خطير ويحتاج إلى وقفة وطنية لمحاسبة المقصرين؟