مع قيام الرئيس الأميركي باراك أوباما بزيارته «العاطفية» برفقة نائبه جو بايدن لضحايا وعائلات حادث إطلاق النار الذي وقع في ملهى للمثليين، الأحد الماضي، بمدينة أورلاندو، ينتهي الفصل الرسمي للجانب الإنساني من الحدث، مفسحاً المجال أمام عودة الزخم للمعارك السياسية المحتدمة بالعاصمة واشنطن حول العديد من الملفات.وأنهى المرشح المحتمل للحزب الجمهوري دونالد ترامب، أمس الأول، عاماً كاملاً على بدء حملته الانتخابية، في حين يتصاعد الجدل حول قدرته على توحيد الحزب في المؤتمر العام منتصف الشهر المقبل في كليفلاند.
تقول مصادر سياسية جمهورية، إن مواقف ترامب الأخيرة من مجزرة أورلاندو، وتجديد خطابه لحظر دخول المسلمين وفرض رقابة على مساجدهم، إلى قضية حمل السلاح وكيفية حماية الأميركيين من خطر الإرهاب، إلى إعلانه دعم «مجتمع» المتحولين جنسياً وصولاً إلى تهديداته المباشرة للحزب بأنه سيعمل منفرداً إذا لم يدعمه في هذه القضايا، فرضت حالة من عدم اليقين أكثر وطأة على الحزب. وأفصحت قيادات جمهورية عدة عن استيائها من تلك السياسات ومن «رسائله» الجديدة، وهدد بعضها إما بمقاطعة المؤتمر وإما بتغيير ولائه، طارحة تساؤلات جدية عن وحدة الحزب قبل أقل من خمسة أسابيع على انعقاده.ومع استبعاد ارتباط هجوم أورلاندو بمنظمة إرهابية خارجية وفق ما أكده مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون برينان في شهادته أمام مجلس الشيوخ، أمس الأول، تحتدم المواجهة السياسية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي لتمرير قانون أكثر تشدداً على حرية شراء السلاح الفردي وحمله. ويتوقع أن تسفر المناقشات الماراثونية الجارية عن إقرار قانون، بعد غد، يتوافق مع المزاج الشعبي وإرادة غالبية المشرعين الأميركيين بضرورة تطبيق شروط أكثر صرامة في هذا المجال.وبالتزامن مع ذلك تستعد الأوساط السياسية لتجديد الحملة الانتخابية بين المرشحين المحتملين دونالد ترامب وهيلاري كلينتون، بعدما فرضت أحداث أورلاندو تأجيلاً إجبارياً، يتوقع أن يستغله الطرفان في تجديد هجماته، مع استعار المواجهات الكلامية والسياسية حول أنجح السياسات للقضاء على الإرهابيين داخلياً وخارجياً.ويلفت المراقبون إلى ضرورة التأني في قراءة صعوبات المعركة الانتخابية هذا العام، على الرغم من تصاعد خطاب الكراهية والانقسام العرقي والديني والسياسي الذي تلهج به حملة ترامب. تقول تلك الأوساط إن جريمة أورلاندو قد تبدو في الشكل قوة دفع لترامب الذي حاول شخصنة مواجهته مع كل من الرئيس باراك أوباما والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، في حين سعى الأخيران إلى إعلاء قضية الوحدة المجتمعية والدفاع عن القيم الأميركية.فالمعركة هذا العام تأخذ شكلاً أيديولوجياً، خصوصاً أن أوباما نجح في تجويف الكثير من الهياكل السياسية للجمهوريين، وأجبرهم، على الأقل، على تبني خطاب في السياسة الخارجية لا يختلف كثيراً عما دعا إليه قبل نحو ثماني سنوات. وتضيف تلك الأوساط أن واقع الحال يظهر تفككاً لا مثيل له في الجانب الجمهوري، مع تهاوي الكثير من مبادئه السياسية سواء على الصعيد الخارجي أو الداخلي، مجبرة قيادات رئيسية فيه على «الاستقالة» أو القبول، على مضض، بترامب مرشحاً عن الحزب رغم اقتناعهم بخطورة الرهان عليه. ولا يقتصر الأمر على الجانب الجمهوري، فمعركة توحيد الحزب الديمقراطي أخذت هي الأخرى شكلاً أكثر أيديولوجيا بعد نجاح المرشح اليساري بيرني ساندرز في إدارة حملة انتخابية أجبرت الحزب على منحه أربعة مقاعد بالهيئة الوطنية المركزية الدائمة مقابل خمسة فقط لكلينتون، رغم تفوقها عليه بأكثر من ثلاثة ملايين صوت انتخابي في الانتخابات التمهيدية.وأعلنت قيادات في حملة ساندرز أن اجتماع «القمة» الذي دام نحو ساعتين مع كلينتون كان «ناجحاً» جداً، من دون كشف مضمونه، في حين تولى آخرون تعداد عناوين الاتفاقات المبدئية التي سيتم إقرارها في مؤتمر الحزب نهاية يوليو المقبل.ويقول هؤلاء إنه على صعيد السياسات الخارجية فقد تم كسر «تابو» العلاقات الأميركية-الإسرائيلية عبر الإقرار بضرورة منح الفلسطينيين المزيد من الحقوق، وبضرورة تعميق سياسات الابتعاد عن استخدام القوة إلا إذا كانت ملاذاً أخيراً في الأزمات الدولية، للدلالة على تأثيرات سياسات أوباما في هذا المجال. وتم التوافق على إعادة النظر في قوانين الحزب الداخلية وضرورة فتح أبوابه للوافدين الجدد، خصوصاً الشباب، وعلى ضرورة تبني سياسات اقتصادية أكثر راديكالية تساهم ليس فقط في إعادة بناء الطبقة الوسطى بل وتحسين مستوى معيشة الفئات الأكثر فقراً عبر رفع الحد الأدنى للأجور.وتضيف قيادات حملة ساندرز أنه كلما اقترب من الحصول على ضمانات كافية، كما جرى بعد منحه المقاعد الدائمة في اللجنة الوطنية للحزب، بات أكثر استعداداً لتأييد كلينتون وخوضه معها معركة إسقاط كل من ترامب والحزب الجمهوري بالانتخابات العامة في نوفمبر المقبل.
أخبار الأولى
ترامب لا يُوحّد الجمهوريين وساندرز حصل على ضمانات
18-06-2016