الدراما الخليجية، والكويتية بشكل خاص، ليست ناشئة، كي نمنحها أعذار البدايات، ونمتنع عن نقدها لمنحها فرصة التكون. فنشأة العمل الدرامي الكويتي منذ بداية إنشاء التلفزيون تجاوزت اليوم نصف قرن، وهو عمر من المفترض أن يمثل مرحلة النضج الفني، سواء في كتابة النص الدرامي، أو التقنية الإخراجية، أو الأداء التمثيلي.

العمل الدرامي ليس عملا منبتا أو منعزلا عن بقية الفنون، كالمسرح والسينما والتأليف الروائي والقصصي. ورغم كل هذه السنوات من العمل، مازالت الدراما الخليجية بشكل عام تعاني مشكلة أساسية، وهي مشكلة النص.

Ad

أغلب كُتاب الدراما في الخليج لا تستحق أعمالهم ثمن الورق الذي كُتبت عليه، وفي أحيان كثيرة نتوصل إلى قناعة، بأن الحوارات بين الممثلين هي ارتجال لا يختلف عن الارتجال في المسرح الهابط، أو ما يسميه البعض المسرح الجماهيري. وإن لم يكن ارتجالا، فهو نص ركيك يحد من قدرات الممثلين، نص استسهل "الكاتب" كتابته، معتمدا على لهجة دارجة غير منتجة وغير مبتكرة إذا ترفعنا عن وصفها بالهابطة، وهو يعتمد في عمله على مغريات أخرى، ليس من بينها نصه الدرامي.

أغلب كُتاب الدراما يحتجون في عملهم بأنه عمل يتناول حياة الناس وعلاقاتهم اليومية، لكن ذلك لا يبرر تدني مستوى الحوار في العمل الدرامي، كونه عملا واقعيا، ولا يبرر سذاجته أحيانا، كونه يعرض لكل شرائح وفئات المجتمع.

فمهمة العمل الدرامي الأساسية، الارتقاء بجمهوره، وليس العكس.

النص الدرامي، هو نص أدبي في الأساس، وما يميز نص عن آخر، اللغة التي كتب بها، حتى وإن كانت لهجة دارجة. فأفراد المجتمع، أي مجتمع، لا يستخدمون في حواراتهم اليومية ما يشاهدونه في العمل الدرامي، ولا العمل الدرامي نسخة من حوارات الناس اليومية، فهو ابتكار خاص للكاتب، والجماهير غير متحمسة لمتابعة لغتها اليومية في عمل إمتاعي من المفترض أن يضيف لها خبرات حياتية ولغوية جديدة.

فالرواية، على سبيل المثال، عمل أدبي لا يرضخ مؤلفه لرغبات الجمهور، ولا يتنازل فنيا أو لغويا، سواء في السرد، أو في الحوار عن مستواه الأدبي. والجمهور اليوم يُقبل على قراءة الرواية، وإن كان بمستويات متباينة.

تلك ليست حال النص الدرامي، الذي غالبا ما يطرح مستوى أوحد من الحوار تتشابه فيه لغة جميع شخصياته كصدى لصوت الكاتب.

الدراما الخليجية فقيرة فنيا، وهي تقدم نصوصا مشوهة لكُتاب عديمي الموهبة، وفقيرة فنيا، وهي تشوه نصوصا أدبية جيدة لكُتاب موهوبين.

النص الأدبي يمكن له أن يكون نصا دراميا جيدا، إذا توافر له سيناريست متكمن، وليس بالضرورة أن يكون نصا خليجيا، فقد قدم صقر الرشود، مثلا، أعمالا محلية رائعة كانت مقتبسة عن نصوص عربية.

في المكتبة الخليجية اليوم مجموعة كبيرة من الأعمال الأدبية التي تستحق أن يتم تحويلها إلى أعمال درامية. ولإنعاش الحركة الدرامية لا بد من تفعيل دور الكاتب المتخصص في العمل التلفزيوني، بدلا من ترك الباب لكل من يرى في نفسه القدرة على كتابة حوارات مهلهلة لفكرة مكررة.