رغم عدم تحقيق كتاب السيناريو الشهرة التي يحققها الممثلون أمام الكاميرا، إلا أن السيناريو يعتبر روح الفيلم السينمائي، فالنص الجيد ينتج فيلماً جيداً، فيما النص الرديء لا ينقذ الفيلم، ولا ينتج منه فيلم جيد على الإطلاق، مهما حاول المخرج أن يبدع مع الممثلين في تقديم عمل مختلف، سيظل ضعف السيناريو عائقاً في وصولهم إلى الجمهور.

لا ترتبط كلمة سيناريو بالسينما، إذ وُجدت قبل نشأة السينما، فهي مشتقة من كلمة «تشينا» التي تعني المنظر، والمقصود بها النص المسرحي الذي ترافقه تعليمات فنية للمخرج من نواحي الإضاءة والأداء والتفاصيل المتعلقة بالعاملين في العرض المصري، فيما انتقلت إلى السينما لتعبر عن معالجة الفكرة وإعداد القصة سينمائياً.

Ad

أعطى معهد السيناريو الذي أسسه صلاح أبو سيف أهمية كبرى لكتابة السيناريو، وساعد على تخريج جيل من الكتاب الشباب متخصصين في كتابة السيناريو، في وقت وقفت أنانية بعض الفنانين للحصول على بطولة مطلقة وتدخلات المخرجين لوضع السيناريو بأنفسهم، أمام انتشار التخصص الذي أدى دوراً في نجاح أفلام سينمائية عدة.

في استفتائها، تستطلع «الجريدة» النقاد حول أفضل كتاب السيناريو في تاريخ السينما المصرية، فالقائمة التي شملت أسماء عدة، في استفتاء مهرجان القاهرة قبل عقدين، من بينها مصطفى محرم، محمد عثمان، صبري موسى، محسن زايد وعبد الحي أديب، اكتسحها السيناريست وحيد حامد الذي حظي بتوافق بين النقاد.

اندرو محسن

يرشح الناقد أندرو محسن وحيد حامد ليكون أفضل كاتب سيناريو في تاريخ السينما المصرية، باعتباره حالة استثنائية من الكتاب الذين يتم تسويق الأعمال بأسمائهم، وهو ما لم ينجح فيه غيره، بالإضافة إلى ارتباط اسمه بنجومية فنانين مهمين على غرار أفلامه الخمسة التي قدمها مع عادل إمام والمخرج شريف عرفة.

أضاف أن حامد قدم أفلاماً متنوعة ومهمة، وتحمل طابعاً سياسياً يمر على الرقابة من دون مشاكل، فضلاً عن جمل حوارية مميزة تضمنتها أفلامه، وارتبط الجمهور بها، مشيراً إلى أن «الإرهاب والكباب» الذي قدمه مع عادل إمام يحمل وجهات نظر، ويمكن مشاهدته باعتباره فيلماً كوميدياً أو فيلماً سياسياً، وهو ما يميز أفلامه كونها عميقة وتحمل أفكاراً متنوعة تجعل شريحة واسعة من الجمهور تتابعها.

ماجدة خير الله

تتفق الناقدة ماجدة خير الله مع محسن في اختيار السيناريست وحيد حامد كأشهر سيناريست في السينما المصرية، لقدرته على كتابة أفلام بتوليفة تثير الاهتمام، وتمزج بين الضحك ومناقشة قضايا سياسية، بالإضافة إلى نقله نبض المواطنين من خلال أعماله المختلفة، وتخليد عبارات قدمها من أحاديث عادية للمواطنين.

تضيف أن تجربة وحيد حامد في كتابة السيناريو الخاص بفيلم {عمارة يعقوبيان} تؤكد قدرته الاستثنائية في المعالجة، فرغم أن الرواية قدمت في عمل درامي مع كاتب آخر، لكنها لم تحقق النجاح نفسه، مشيرة إلى أن أفلامه جمعت بين الطابع السياسي والإمتاع الجماهيري على غرار {اضحك الصورة تطلع حلوة}، و{الإرهاب والكباب}.

ترى خير الله أن حامد مطحون بالواقع المصري ويجيد تقديم حكايات منه، بشكل محكم، ويتناغم مع المزاج المصري والثقافة الشعبية الدارجة، وهو ما يتضح في المصطلحات والجمل التي يستخدمها في أعماله، لافتة إلى أن أي شخص يشاهد أفلامه سيتأكد، من دون أن يعرف هوية كاتبها، أنه مصري حتى النخاع، نظراً إلى الروح التي تظهر في الأفلام وتؤكد مصريتها وخصوصيتها.

خيرية البشلاوي

تؤيد الناقدة خيرية البشلاوي وجهة نظر خير الله في ما يتعلق بأعمال وحيد حامد السينمائية، وترى أنه سيناريست حرفي متميز، لديه قدرة على الإبداع في أفلامه بصورة جعلت منه أحد أهم كتاب السيناريو في السينما المصرية.

تضيف أن السيناريست بشير الديك قدم أعمالا جيدة وشخصيات سينمائية، وتمكن، بفضل براعته، في صياغة الأحداث، المحافظة على إيقاع الأفلام، إدراك اللحظات التي يتم فيها التصعيد واللحظات التي يحافظ فيها على الإيقاع نفسه... من تقديم أعمال مميزة، من بينها على سبيل المثال لا الحصر: {ضد الحكومة} و{ناجي العلي} التي تمردت على واقع السينما آنذاك، وقدمت رؤية ومعالجة مختلفة، وعبرت عن الواقع المصري بإحساس مواطن مصري محب لبلده.

تتابع أن السيناريست يوسف جوهر أحد الرواد في كتابة السيناريو الذين حجزوا مكانة خاصة بهم في هذا المجال، عبر تقديم أفلام هي الأكثر تميزاً في تاريخ السينما المصرية.

محمود قاسم

يشير الناقد محمود قاسم إلى أن السيناريست علي الزرقاني ابتكر مكانة خاصة لكاتب السيناريو، واستفاد من دراسته اللغات الأجنبية في الاطلاع، ونقل التطور السينمائي في صناعة السيناريو إلى مصر بشكل أثر إيجاباً على أبناء جيله، ومنحه التعاون مع مخرجين رؤية بصرية مختلفة في كتابة السيناريو والحوار.

يضيف أن تجربة بديع خيري، ككاتب سيناريو، تميزت رغم محدوديتها، مرجعاً عدم وضعه ضمن قائمة أفضل كتاب السيناريو إلى الفترة الزمنية التي عمل فيها، مع بداية السينما، وعدم مشاهدة أعماله بشكل جيد، إذ قورنت بأعمال قدمت في ظروف مختلفة، وفي ظل تطور صناعة السينما وتغير في اهتمامات الجمهور بدءاً من منتصف الخمسينيات، وبلغت ذروتها مع بداية الستينيات مرتبطة بالأوضاع السياسية.

نادر عدلي

يرى الناقد نادر عدلي أن السيناريست يوسف جوهر سيطر على النصف الأول من تاريخ السينما المصرية، باعتباره أفضل كاتب سيناريو لموضوعاته الفريدة التي عالجها وقدمها، وتعامله مع نجوم كبار في الإخراج والتمثيل، مشيراً إلى أن تجربته مع بركات جعلته يقدم أعمالا مميزة أبرزها {دعاء الكروان}.

يلفت عدلي إلى أن تجربة نجيب محفوظ في السيناريو جديرة بالإشادة، رغم قلتها، لأنه أعطى أعماله بعداً أدبياً وثقافياً أكثر عمقاً من أي كاتب آخر للسيناريو، فيما أثنى على تجربة بهجت قمر، ككاتب للحوار، إذ قدم حوارات شيقة وجملا أثرت في وجدان المشاهدين.

ماجدة موريس
توضح الناقدة ماجدة موريس أن السيناريست عبد الحي أديب، أحد أفضل أبناء مهنته، لقدرته على كتابة أنواع سيناريوهات مختلفة، والانتقال بسهولة بينها، من دون أن يحصر نفسه في قالب محدد سينمائياً، وهو ما يظهر في تقديمه {باب الحديد}، و{حافية على جسر من الذهب}، مشيرة إلى أن أفلامه جمعت بين جماهيرية تحظى بمشاهدة كبيرة وقيمة فنية ورسالة، وهي معادلة صعبة على أي كاتب سيناريو يرغب في تقديم أفلام جديدة.

تضيف أن رأفت الميهي قدم مدرسة في السيناريو مختلفة، وتطرق إلى الفساد والنزوات بأنواعها من زوايا مختلفة، مشيدة بتجربة أبو السعود الإبياري بتقديم سيناريوهات غنائية صنعت بهجة في السينما.