ولد السيناريست القدير وحيد حامد في يوليو 1944 بقرية بني قريس التابعة لمحافظة الشرقية دلتا مصر، وانتقل إلى القاهرة عام 1963، قبل أن يكمل عامه العشرين، لدراسة علم الاجتماع في كلية الآداب، فانصرف فيها إلى مطالعة الصحف والكتب الأدبية ومشاهدة الأفلام السينمائية وحضور العروض المسرحية، وبدأ كتابة مجموعات قصصية، وصدرت له مجموعة بعنوان {القمر يقتل عاشقه} من خلال هيئة الكتاب.

زاد اختلاط وحيد حامد بالوسط الثقافي والفكري، وساهمت لقاءاته المتكررة مع يوسف إدريس، عبد الرحمن الشرقاوي وأديب نوبل نجيب محفوظ في صقل موهبته وتوسيع إدراكه، وصنع لنفسه مدرسة خاصة في كتابة السيناريو، بأعماله السينمائية والدرامية.

Ad

مشاركته ككاتب سيناريو في قصص لآخرين جاءت قليلة وإن كانت مميزة، آخرها تحويل رواية {عمارة يعقوبيان} إلى فيلم سينمائي، شارك فيه نجوم من أجيال مختلفة.

دستور خاص

وضع وحيد حامد لنفسه دستورا يسير عليه في مشاريعه السينمائية، فهو ينهي قصته ومعالجته السينمائية للحوار قبل أن يبدأ بترشيح الأبطال، ويطلق العنان لخياله وإبداعه ويتخلص من قيود مساحات أدوار الشخصيات وما قد يطلبه البطل، ليضع سيناريو متكاملاً أمامه أولا ويبدأ، لاحقاً، مناقشة الجهة التي يراها مناسبة لتقديمه على الشاشة، ويرشح أبطاله.

بدأت رحلة وحيد حامد في السينما في فيلم {طائرات الليل الحزين} الذي قدم كمسلسل إذاعي في البداية، ومسلسل تلفزيوني لاحقا باسم {أحلام الفتى الطائش}، ليقدم بعدها مسيرة سينمائية حافلة بأعمال مميزة مع كبار النجوم من بينها: {الهلفوت}، {الراقصة والسياسي}، {الغول}، {أضحك الصورة تطلع حلوة}، {اللعب مع الكبار}، {مسجل خطر}، و{دم الغزال}.

تنبؤ وجوائز

لم تحمل أعمال وحيد حامد بعداً فنياً فحسب، بل قدمت تنبؤاً بالمستقبل لا يمكن إغفاله أو اعتباره من باب المصادفة، ففي {البريء} يتنبأ بانتفاضة الأمن المركزي التي حدثت بعد عرضه بفترة قليلة، وهو فيلم واجه عقبات رقابية قبل طرحه سينمائياً، فاضطر مخرجه إلى حذف مشاهد عدة بعد تشكيل لجنة وزارية لإجازته، بسبب حساسية معالجته لعلاقة المجندين بمرؤوسيهم، وما يحدث في معسكرات الأمن المركزي، ولم يعرض الفيلم كاملاً من دون حذف إلا عام 2005 خلال {المهرجان القومي للمسرح} للاحتفاء بالفنان الراحل أحمد زكي.

أما تجربته الثانية في {طيور الظلام}، من بطولة عادل إمام، فتنبأت بواقع سياسي حدث بعد 20 عاماً تقريباً، وأطل مشهد النهاية في الفيلم مجدداً مع الجمهور بعد ثورة 30 يونيو، حيث رصد الفيلم، الأوجه الحقيقية للتيار الإسلامي وتيار السلطة في تلك الفترة.

نال وحيد حامد جائزة السيناريو أكثر من مرة عن فيلمه {اللعب مع الكبار} الذي تقاسم بطولته عادل إمام وحسين فهمي وأخرجه شريف عرفة، فيما عبر تعاونه مع المخرج عاطف الطيب في خمسة أفلام سينمائية عن سمة مشتركة بينهما، وهي تقديم أفلام بسيطة تتسم بعمق فكري ويستطيع المشاهد العادي تفهمها من دون أن يجد صعوبة في ذلك.

قدم وحيد حامد في مسيرته السينمائية 42 فيلما سينمائياً آخرها {قط وفأر}، تعاون فيها مع نجوم مختلفين، من دون أن يحصر نفسه مع نجم أو اثنين، لكن يبقى تعاونه مع عادل إمام والمخرج شريف عرفة من أكثر التجارب تميزاً وتحقيقاً للنجاح الجماهيري حتى الآن.