تسبب حكم محكمة جنايات القاهرة، أمس الأول، في القضية المعروفة باسم "التخابر مع دولة قطر"، في عودة التلاسن بين القاهرة والدوحة بأشد العبارات قسوة، إذ استنكر بيان أصدرته الخارجية القطرية أحكام الإعدام والسجن المؤبد والمشدد للمدانين، فضلا عن اتهام البيان للقضاء المصري بعدم النزاهة، ومجافاة الحقائق وثوابت الدولة القطرية التي لا تتدخل في شؤون الدول العربية.

وقالت الخارجية المصرية، على لسان الناطق باسمها، المستشار أحمد أبوزيد، إن القضاء المصري الشامخ لا يضيره إطلاق مثل تلك الادعاءات المرسلة، مضيفا: "صدور مثل تلك البيانات ليس مستغربا ممن كرس الموارد والجهود على مدار السنوات الماضية لتجنيد أبواقه الإعلامية لمعاداة الشعب المصري ودولته ومؤسساته"، مشدداً على عمق العلاقات الأخوية التي تربط الشعبين المصري والقطري.

Ad

ودخلت تركيا على الخط، إذ أدانت وزارة الخارجية التركية أمس أحكام السجن الصادرة بحق مرسي. ووفقا لما نقلته وكالة "الأناضول" التركية للأنباء، فقد قالت الوزارة في بيان: "نعرب عن قلقنا العميق إزاء الحكم بالسجن المؤبد على الرئيس مرسي، المنتخب ديمقراطيا في مصر والمعتقل منذ 2013، وندينه، ونعتقد أن القرار لن يساهم في تحقيق سلام واستقرار مصر".

جدل الحكم

وعقب الحكم، سادت حالة من الجدل بشأن إدانة مرسي في القضية التي تضمنت لائحة اتهامات، إذ قال مصدر قضائي مسؤول إنه تمت تبرئة مرسي من "الاتهام بالحصول على سر من أسرار الدفاع بقصد تسليمه وإفشائه إلى دولة أجنبية".

وأوضح المصدر لـ"الجريدة" أن مرسي حوكم على أساس 4 بنود اتهام هي الحصول على سر من أسرار الدفاع بقصد تسليمه وإفشائه، واختلاس أوراق ووثائق يعلم أنها تتعلق بأمن الدولة ومصالحها القومية، والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب تلك الجرائم، وتولي قيادة جماعة أسست على خلاف القانون.

وأضاف أن "المحكمة ارتأت البراءة لمرسي عن البند الأول من الاتهام، لأن التقارير والوثائق موضوع القضية، التي تتضمن معلومات وبيانات تتعلق بالقوات المسلحة، كانت قد وجهت إلى مرسي واطلع عليها بحكم صفته الوظيفية (رئيس جمهورية)، على عكس المتهمين المسند إليهم الاتهام بالتخابر، ومن ثم يكون اتهام النيابة للرئيس الأسبق بحصوله على سر من أسرار الدفاع عن البلاد بقصد تسليمه وإفشائه إلى دولة أجنبية غير صحيح".

وقال الفقيه القانوني طارق نجيدة إن كل ما يتعلق بالتعامل مع دولة أخرى وتسريب معلومات تهدد الأمن القومي تدخل تحت العنوان الكبير "الخيانة"، مشيرا إلى أن الجرائم المعاقب عليها بالقانون بتسميات متعددة "تسريب وثائق" و"التخابر" تمس الأمن القومي وهي بالقطع خيانة.

يذكر أن اعترافات المتهمين في القضية تضمنت استيلاء أمين الصيرفي، أحد سكرتارية الرئيس الأسبق، على بيانات تخص الأمن القومي، وأخرى تتعلق بإحداثيات وبيانات تسليح وتحركات قوات عسكرية، وكلها وثائق خطيرة تحمل عبارة "سري للغاية"، حيث تم تهريبها قبل 30 يونيو 2013 إلى مسكن المتهم الصيرفي، وحصلت ابنته كريمة عليها واتفقت مع آخرين على الاستفادة منها عبر بيعها لقناة الجزيرة القطرية، عبر مضيف جوي بشركة مصر للطيران، الذي تسلم 50 ألف دولار أرسل منها لشركائه المصريين 10 آلاف.

«الإخوان» والمصالحة

من جانبها، وبينما انتقدت الجماعة، في بيان مساء أمس الأول، الأحكام، ووصفتها بـ"الهزلية"، معتبرة ان الأحكام الصادرة "هي والعدم سواء"، زاد الحديث عن اتجاه الدولة إلى المصالحة، بعد الجدل بشأن تصريحات وزير الدولة للشؤون القانونية مجدي العجاتي حول نية الدولة للمصالحة مع تنظيم الإخوان، حيث استنكر العجاتي هجوم بعض البرلمانيين عليه.

وقال العجاتي، في تصريحات صحافية: "حديث المصالحة ليس رأيي الشخصي، ونحن ملتزمون بتطبيق الدستور، الذي أوجب العمل على إقرار المصالحة الوطنية بين فئات الشعب، بشرط ألا تكون أيديهم قد تلوثت بالدماء، أو نسبت إليهم أفعال إجرامية".

مقتل إرهابيين

ميدانيا، استشهد ضابط شرطة، وأصيب عريف إثر تفجير عناصر تكفيرية عبوة ناسفة في سيارة شرطة حال تمشيطها وسيرها على طريق مركز الحينة وسط سيناء، أمس الأحد.

ونجحت القوات الجوية أمس الأول السبت في توجيه ضربة عسكرية موجعة إلى تجمعات إرهابية، إذ قال مصدر أمني إن الطائرات الحربية قصفت تجمعا إرهابيا في مدينة الشيخ زويد، أسفر عن تصفية نحو 30 عنصرا وإصابة 40.

إلى ذلك، أمر النائب العام بتمديد حبس أميني شرطة، من قوة قسم ثاني العريش، 15 يوما على ذمة التحقيق، في قضية تجسس لصالح جماعات تكفيرية، وقالت مصادر أمنية إن أجهزة الأمن شمال سيناء أوقعت عنصرين أمنيين يتعاونان مع الجماعات التكفيرية، موضحة أن العنصرين اعترفا بتقاضيهما أموالا مقابل تسريب معلومات أمنية في قضية وصفت بأنها الأخطر من نوعها.

في السياق، علمت "الجريدة" من مصادر مطلعة أن القوات غيرت جميع الخطط الأمنية وأماكن الانتشار، وقال مصدر: "تعليمات مشددة تم تعميمها على جميع أفراد الشرطة بعدم كشف تحركاتهم أو إفشاء معلومات عن وجودهم".