بعرض فيلم "ماكانش عالبال" والإيرادات التي حققها، لفت كمال الشناوي الأنظار بقوة، باعتباره فتى أول على شاشة السينما، يقف أمام نجمات وجميلات السينما، وزاد من هذا الإحساس إسناد المخرج حسن الإمام البطولة له في فيلم "ظلموني الناس"، قصة وسيناريو وحوار أبوالسعود الإبياري، أمام اثنتين من النجمات الصاعدات بقوة، هما فاتن حمامة وشادية، في عمل "ميلودرامي"، حول طاهر شرف، الموظف البسيط في إحدى الشركات، والذي يتهم ظلما بالاختلاس، رغم ان ابن صاحب الشركة هو الجاني الفعلي، ويسجن الموظف وتعاني ابنتاه "نعمت وزينب" من قسوة الحياة، وفي محاولة للتكفير عن ذنبه يتقرب ابن صاحب الشركة من الموظف وابنتيه، ويقع في غرام إحداهما، وتتعقد الأمور على نحو غير متوقع.

نجح كمال الشناوي في "الميلودراما"، مثلما نجح في الأدوار الرومانسية والكوميدية، فبدا واضحا أن هناك رهانا عليه من المنتجين والمخرجين، باعتباره نجم المرحلة، ما حرك الكثير من الغيرة ضده، في الوقت نفسه لاحظت زوجته الممثلة والراقصة هاجر حمدي، صعود نجمه بشكل دائم، فيما ظلت هي مكانها، بل إن أدوارها تتراجع من الأولى إلى الثانية والثالثة، وكان من الممكن أن تستمر في قبول هذه النوعية من الأدوار دون مشكلة، غير أن هذا أصبح يمثل لها مشكلة حقيقية في ظل قيام زوجها كمال الشناوي بأدوار البطولة الأولى، وأمام جميلات السينما، ما اضطرها لخوض تجربة الإنتاج مجددا مع المنتج السكندري يحيى إبراهيم، وتقدم فيلم "أنا وأنت" قصة وسيناريو وإخراج أحمد بدرخان، بطولتها أمام المطرب محمد الكحلاوي، وإسماعيل ياسين، حسن فايق، فايدة كامل، زينات صدقي، ومحمد كمال المصري "شرفنطح".

Ad

لاحظ كمال الشناوي ما تعاني منه هاجر، وتعمدها الإنتاج للقيام بأدوار البطولة الأولى، فاجتهد أن يساندها في إثبات ذاتها كممثلة، وليست راقصة، فعمد لأول مرة إلى ترشيحها للمشاركة في فيلم "كيد النسا" من إنتاج وسيناريو وإخراج كامل التلمساني، قصة وحوار علي الزرقاني، والذي لعب الشناوي بطولته أمام مديحة يسري.

وتدور أحداثه حول الثري منير الذي يقوم برعاية طفلة يتيمة تبناها منذ صغرها، يسكن مع الفتاة في الريف وترعاها امرأة بسيطة، وكان القصد من إيداعها في الريف إبعادها عن معشر النساء، حتى لا تتعلم "كيد النساء"، تمر السنوات وتكبر الطفلة لتصبح فتاة جميلة، ينجذب إليها منير ويشتهيها ويريد أن تصبح له هو وحده، لكن الفتاة تكون على علاقة حب بشاب آخر في مثل سنها، حيث تعاهدا على الزواج، فتبدأ الفتاة الجميلة في إعطاء دروس لمربيها لتبرهن له أن هناك ما يعرف بـ"كيد النساء"، ويجد مربيها صدها ورفضها لحبه، فيلجأ للحيلة حتى تقبل حبه، لكنها تصر على الارتباط بحبيبها الذي في مثل سنها وتفكيرها، ولم يجد منير سبيلاً سوى أن يدعها لحياتها لتتزوج ممن تحب.

وافقت هاجر على المشاركة في الفيلم، رغم أنها تلعب فيه الدور الثاني، ولو أن كمال تمنى أن تقوم بدور البطولة، غير أن نفوذه كبطل أول ونجم ليسا كافيين لفرض ذلك، فمهما بلغ حجم نجومية الفنان يبقى نفوذ المال هو المتحكم الأول في الصناعة، يأتي بعده الدور الفني للمخرج، الأمر الذي دفع كمال إلى التفكير في تأسيس شركة للإنتاج، غير أنه أرجأ الفكرة، عندما وجد العروض تنهال عليه من المنتجين والمخرجين، لدرجة أنه وقع خلال أسبوع واحد على عقود لستة أفلام، شعر معها أنه اقترب من القمة، خاصة أن أول هذه الأفلام وأهمها من وجهة نظره العقد الذي وقعه مع فتى الشاشة الأول المتصدر لإيرادات السينما المصرية أنور وجدي، ذلك الفنان الذي بدأ حياته كعامل نظافة في الاستوديوهات، ليصبح بعد ذلك أهم وأغلى نجم في مصر.

رحلة كفاح

تغيرت ملامح أدوار أنور وجدي بعد مرحلة الأدوار الثانوية، فقدم في عدد من الأفلام دور ابن الذوات المستهتر، حتى حصل على لقب فتى الشاشة الأول، وهو اللقب الذي فرض عليه طبيعة أدوار مختلفة، وتحول من دور ابن الذوات إلى دور الفقير الذي لا يمنعه فقره من إبراز شهامته وإنسانيته، ومن الأدوار الثانوية إلى الأدوار الثانية، وصولا لأدوار البطولة الأولى، لتفتح له السينما، والدنيا ذراعيها، خاصة عندما ارتبط بالفنانة ليلى مراد، زوجته الثانية بعد زوجته الأولى الفنانة إلهام حسين، ليكون مع ليلى مراد ثنائيا فنيا متميزا، وينجحا في تقديم مجموعة من الأفلام التي حملت في معظمها اسمها.

كما اكتشف وجد الطفلة المعجزة فيروز، غير أنه ما إن شعر بلمعان اسم جديد، حتى بدأ في تحسس نجوميته، وهو ما فعله مع الفنان كمال الشناوي، الذي لاحظ صعود نجمه فقرر أن يستقطبه ليكون نجاحه من خلاله، ولا يغرد منفردا.

واشترك يوسف جوهر ويوسف عيسى في تحويل رواية "الكونت دي مونت كريستو" إلى فيلم سينمائي بعنوان "أمير الانتقام"، لينتجه ويقوم ببطولته أنور وجدي، ولأنه فيلم ضخم يحتاج إلى تفرغ تام له كممثل عهد بإخراجه إلى هنري بركات، وضم له إلى جانب كمال الشناوي مجموعة كبيرة من الفنانين الشباب والكبار، منهم فريد شوقي، محمود المليجي، حسين رياض، مديحة يسري، سامية جمال، عبدالعزيز أحمد، وسراج منير.

ندية فنية

دارت أحداث الفيلم حول "حسن الهلالي" الشاب النبيل الذي يحب فتاة، لكن غريمه في حبها "شاهين بك" يدبر له مكيدة، فيقبض عليه ليلة زفافه، ويدخل السجن مدة طويلة دون محاكمة ولا تهمة، بسبب رسالة عاد بها من رحلته التجارية، ويتعرف في السجن على رجل عجوز طيب القلب، يدله على مكان كنز، يموت العجوز ويهرب حسن، ثم يذهب للعثور على الكنز، بعدها يقرر العودة إلى بلدته للانتقام ممن ظلموه، وأولهم شاهين بك ورفقاء السوء، وبالفعل ينجح في الانتقام منهم جميعا.

لعب كمال الشناوي في الفيلم دور "شاهين بك" ذلك الرجل الذي يعد ندا للبطل "حسن الهلالي" أو أنور وجدي، وهو "غريمه" الذي يوقع به في الشرور، ويتسبب في سجنه، ويخطف منه حبيبته ويتزوجها، فبدا دوره على الشاشة أقرب دور لما بينهما إلى الواقع.

على عكس ما توقع أنور وجدي، كان كمال الشناوي ندا مهما أمامه في فيلم "أمير الانتقام"، كما لفت الأنظار بشدة، وهو ما تأكد من بقية الأفلام التي تعاقد عليها ونفذها جميعا خلال الربع الأخير من عام 1950، حيث قدم فيلم "أيام شبابي" قصة وحوار صالح جودت، سيناريو وإخراج جمال مدكور، أمام شادية، وفريد شوقي، تحية كاريوكا، محمود المليجي، أحمد علام، ماري عز الدين، عزيز عثمان، شفيق نور الدين، وزوزو شكيب، ودارت أحداثه حول شاب ثري يعتدي على فتاة ويتركها بعد أن تنجب طفلا، لتواجه الحياة هي وطفلها، وبعد عدة سنوات يقابلها بعد أن ظل ضميره يعذبه فيعود إليها وإلى ابنه.

وبعده قدم فيلم "حبايبي كتير"، قصة وسيناريو وحوار عبدالعزيز سلام، إخراج كمال عطية، حول المطربة نبيلة، والتي يستولي شقيقها على أموالها باستمرار، من أجل لعب القمار، وعندما تتراكم ديونه يحاول أن يزوجها من صاحب "صالة القمار" التي تعمل بها شقيقته لكي يتجنب دخول السجن، ويدور صراع كبير بينهم، وتستطيع أن تتخلص منهم بمساعدة حبيبها، شارك كمال في بطولة الفيلم رجاء عبده، والفنانة الشابة ماجدة، وإسماعيل ياسين، فريد شوقي، عبدالعزيز أحمد.

قام كمال بتصوير فيلم "مغامرات خضرة" قصة وسيناريو وحوار وإخراج السيد زيادة، أمام درية أحمد، إسماعيل ياسين، ميمي شكيب، علي الكسار، أنور حسونة، يعقوب طانيوس، والذي دارت أحداثه حول وفاة الحاج "عبد الله" والد "خضرة" تاركا لها ولشقيقها الساذج "فارس" ثروة ضخمة، تقوم خضرة بتخزين الثروة في "جرار" وإخفائها عندما تفاجأ بمن يدعون أنهم أولاد عمها، الذين باعد بينهم الزمن والخلافات، وهم في حقيقة الأمر عصابة تحاول نهب هذه الأموال مستغلين بساطة خضرة وسذاجة شقيقها، فتلجأ إلى أحد الشباب الذي تزج به العصابة في طريق خضرة ليغرر بها، لكن نواياه الحسنة تكشف الأمر عندما يقع في حبها، وتتمكن خضرة من أن تحافظ على ثروتها هي وشقيقها بمساعدة الشاب الذي وقع في حبها.

أثناء قيام كمال الشناوي بتصوير مشاهده في فيلم "مغامرات خضرة" فوجئ بشاب في مطلع العشرينيات من عمره، يتلعثم في الحديث ويطلب منه الجلوس معه:

* أهلا وسهلا تحت أمرك

= أنا المخرج يوسف شاهين

* أهلا وسهلا... تحت أمرك

= كنت عايزك تشتغل معايا

* بس ما تآخذنيش مخرج مصري؟

= أيوه طبعا مصري إسكندراني... أنا بس درست السينما في أميركا

* آه هايل أهلا أهلا... لكن حضرتك أخرجت أفلام ايه؟

= في الحقيقة أنا ماسبقش ليا أني أخرجت... لكن عندي مشروع إخراج فيلم وكنت عايزك تلعب دور البطولة فيه

* أيوا بس يعني...

= من غير ما تكمل... أنا بس عايزك تقرا الأسكريبت وبعدين نتكلم

* وهو كذلك

بعد عودة يوسف شاهين من الولايات المتحدة، حيث أمضى عامين في معهد "پاسادينا پلاي هاوس" لدراسة السينما، حاول البحث له عن مكان وسط صناع السينما المصرية، فساعده المصور السينمائي ألڤيزي أورفانيللي (Alvise Orfanelli) بالدخول إلى عالم السينما، فعمل مساعدا مع عدد من المخرجين، قبل أن يقرر إخراج أول أفلامه الروائية الطويلة قبل أن يتم عامه الرابع والعشرين.

كتب يوسف شاهين قصة وسيناريو فيلم "بابا أمين"، وكتب له الحوار علي الزرقاني، ما إن قرأه كمال حتى أعجب جدا بفكرته وأسلوب الطرح "الفانتازي" الذي جاء جديدا عما هو سائد في السينما المصرية، فتحمس له وقبل على الفور القيام ببطولة الفيلم، لتشاركه البطولة فاتن حمامة ومعهما حسين رياض وماري منيب، ومحمود لطفي، وحسن كامل، والذي دارت فكرته حول "أمين زهدي" رب أسرة له ابن صغير وابنة تحب جارهم الخجول، يرغب أمين في الثراء السريع، فيقرر أن يعطي لصديقه كل ما يملك من مدخرات ليدخل معه شريكا في مشروع تجاري.

وفي إطار الفانتازيا، يموت الأب فجأة، ثم تعود روحه ليرى أحوال أسرته ومشاكلها من بعد وفاته، فيرى صديقه وقد رفض رد الأموال لأسرته، ويرى أسرته وهي تبدأ في الانهيار، وتعرض ابنته للضياع على أيدي مجرم محتال يحاول جرها إلى طريق الرذيلة، وتتوالى الأحداث، وقبل أن يكتمل ضياع الأسرة، يفيق الأب من نومه، ويتضح أنه كان يحلم.

حقق الفيلم نجاحا كبيرا، وضع يوسف شاهين على خريطة الإخراج السينمائي المصري، وأضاف في الوقت نفسه خطوة جديدة على طريق النجاح والتألق إلى كمال الشناوي، الذي قبل أن ينتهي عام 1950 حدث ما لم يتوقعه، حيث بادر مخرجه ومكتشفه الأول نيازي مصطفى بالاتصال به، ليعرض عليه العمل معه مجددا، بعد أن أصبح كمال نجما يتهافت عليه المخرجون والمنتجون، ولم يستطع أي منهم أن يفرض عليه طريقا بعينه، أو أسلوبا محددا.

ولي العهد

لم يتردد كمال الشناوي في قبول عرض نيازي مصطفى، ووافق على الفور على القيام ببطولة فيلم الفانتازيا التاريخية "ست الحسن"، الذي فوجئ كمال بأن نيازي مصطفى يقوم بتصويره بالألوان الطبيعية، مثلما قام حسين فوزي بتصوير فيلم "بابا عريس" بالألوان.

كتب القصة والحوار للفيلم أبو السعود الإبياري، سيناريو وإخراج نيازي مصطفى، ودار حول ولايتي "الخردل والشمردل" اللذين دارت بينهما الكثير من الحروب، فيقترح حلاق ملك ولاية "الخردل" أن يقوم بمصاهرة ملك ولاية "الشمردل" لتلافي الحروب، ويتم ترشيح "الأمير حسام" ابن شقيق ملك ولاية "الخردل" "لست الحسن" ابنة ملك "الشمردل"، ويرفض العروسان أن يتم زواجهما بهذا الشكل، وفي الطريق يهرب ابن شقيق الملك من مرافقيه، ويتصادف أن تهرب العروس "ست الحسن"، غير أنها تقع في براثن إحدى العصابات، فيقوم الأمير حسام بإنقاذ "ست الحسن" دون أن يعرفها، ويقرران الزواج وفي النهاية تنكشف الحقيقة وتتزوج "ست الحسن" من "الأمير حسام".

شارك كمال في بطولة الفيلم ليلى فوزي، سامية جمال، إسماعيل ياسين، عزيز عثمان، فريد شوقي، فؤاد شفيق، وإلياس مؤدب.

بعد لمعان اسمه، وارتفاع أجره، وتهافت المخرجين والمنتجين على اسمه، وجد كمال أن الوقت أصبح مناسبا لأن يؤسس شركة إنتاج خاصة به، يقدم من خلالها أفلامه، وكذلك أفلام الآخرين، ولشدة حبه للمرأة وتقديره لها، أطلق عليها اسم "شركة فينوس للإنتاج".

لم تستطع هاجر أن تثبت وجودها على شاشة السينما كبطلة أولى، خاصة أنها لم يعرض عليها الكثير من الأعمال، حيث لم يعرض عليها خلال عام 1950 الا ثلاثة أعمال فقط، فيلم "أنا وأنت"، الذي أنتجته، ومشاركتها في فيلمي "كيد النسا" و"الآنسة ماما" ما اضطرها مع مطلع العام التالي 1951 إلى قبول أفضل ما عرض عليها، فشاركت في فيلم "عروس لبنان"، قصة وحوار حسن توفيق، سيناريو وإخراج حسين فوزي، أمام محمد سلمان وحنان، وحسن فايق، وسميرة عبدو، ثم فيلم "خبر أبيض" تأليف وإخراج عباس كامل، بطولة ليلى فوزي وكارم محمود والقصري وعزيز عثمان وسعاد مكاوي والسيد بدير ومحمد التابعي وفؤاد شفيق، لتوافق بعده على المشاركة بدور راقصة فقط، في فيلم "شباك حبيبي"، تأليف وإخراج عباس كامل، أمام نور الهدى وعبدالعزيز محمود، أنور وجدي، فريد شوقي، وعبدالفتاح القصري، غير أنها أثناء التصوير سقطت مغشيا عليها، فتم نقلها على الفور إلى بيتها، الأمر الذي أثار استياء كمال الشناوي:

= أكيد أجهدتي نفسك في الرقص... ماهو مش ممكن اللي بتعمله ده

* هو أيه اللي بعمله؟

= إزاي بعد أدوار البطولة توافقي أنك تعملي دور رقاصة

* وفيها أيه أنت مش قلت إنك ماعندكش مانع أني أرقص في السينما

= أنا مش بتكلم عن الرقص... لكن مش ده الدور اللي يليق بك ولا باسمك

* ده أفضل اللي اتعرض عليّ... وبعدين أنور وجدي نفسه منتج الفيلم اسمه مكتوب تالت اسم

= أنا مش بالومك... لكن يعز عليّ جدا أنك ماتاخديش حقك وتظهري قدراتك كممثلة

قام كمال باستدعاء الطبيب فورا للاطمئنان على صحة هاجر، فزف إليهما خبرا لم يتوقعاه:

- ألف مبروك يا أستاذ كمال

= الله يبارك فيك... على أيه؟

- مدام هاجر حامل

= أنت بتقول أيه يا دكتور... الكلام ده حقيقي

- هي الحاجات دي فيها هزار يا أستاذ

لم يصدق كمال نفسه، حيث شعر لأول مرة أنه زوج، وينتظر خلال عدة أشهر أن يكون أبا، ومن المؤكد أن هناك الكثير جدا سيتغير في شخصيته، وهو ما بدأ بالفعل في الاستعداد له.

ضابط روماني
اضطر أنور وجدي، ابن الأسرة الفقيرة، الى التخلي عن دراسته في مدرسة "الفرير" بمنطقة "الخرنفش"، من أجل الفن، وحاول الالتحاق بأكثر من عمل ليكون قريبا من الفن والفنانين، الذي لم يفارق خياله ويحلم به وهو مستيقظ، وينتظر اليوم الذي يسافر فيه إلى أميركا ليعمل في هوليوود، وبالفعل حاول السفر إلى أميركا هاربا على سطح إحدى بواخر ميناء بورسعيد، لكن كُشف أمره وفشلت خطته.

وعلم والده بإصراره على العمل بالتمثيل فطرده من البيت، فاتجه إلى شارع عماد الدين، قبلة الفنانين، وحاول الانضمام إلى فرقة رمسيس في بداية تكوينها، فالتقى عن طريق المصادفة بالفنان يوسف وهبي، وعرض عليه أن يعمل في المسرح تحت أي مسمى، حتى وإن كلفه الأمر أن يُقدم الشاي والقهوة أو ينظف المسرح.

ولم يهتم يوسف وهبي بطلبه، لكنه أعاد المحاولة ونجح في أن يجعل الريجيسير قاسم وجدي، يتوسط له لدى يوسف وهبي، فوافق على أن يعمل لديه، في أي عمل يسنده له، مقابل 3 جنيهات في الشهر، فطار أنور وجدي من السعادة، وشعر بالامتنان للريجيسير وجدي، وأطلق على نفسه نفس لقبه، ليتحول اسمه من أنور محمد الفتال، إلى أنور وجدي.

وبالإصرار والعزيمة على تحقيق حلمه تحمل المشاق والصعاب، حتى جاءته الفرصة للتمثيل بتجسيد دور ضابط روماني في مسرحية "يوليوس قيصر"، ورغم أنه دور صامت لم ينطق فيه بكلمة واحدة إلا أنه وافق على تقديمه، وارتفع راتبه إلى 4 جنيهات، وكما جاء دوره الأول في المسرح على يد يوسف وهبي، جاء دخوله إلى عالم السينما من خلاله أيضا، حيث حرص وهبي على إسناد الأدوار الثانوية إلى عدد من شباب الممثلين وبينهم أنور، فجذبته السينما بسحرها وقرر التفرغ لها والابتعاد عن المسرح.

البقية الحلقة المقبلة