بموازاة المناخ الاحتفالي، الذي عم في بغداد بعد السيطرة على مركز مدينة الفلوجة، التي كانت تعد هدفاً شبه مستحيل، ينهمك الخبراء العراقيون بتحليل معارك الأنبار الأخيرة، وتأثيرها على الموصل الواقعة بيد «داعش» منذ سنتين، ورغم كل صعوبات الخطط لتحرير ثاني أكبر مدن العراق، فإن هؤلاء يسردون معطيات جديدة يمكن أن تغير الموازين الميدانية، حتى لو كان الوضع السياسي في البلاد هو الاسوأ منذ ١٣ عاماً.

فبعد تحرير الرمادي وتحرير معظم مناطق الفلوجة القريبة على غرب بغداد، انطلقت عمليات محدودة، ولكن نوعية جنوب الموصل، يقودها الجيش العراقي مدعوماً وللمرة الأولى بمروحيات «الأباتشي» التابعة للجيش الأميركي.

Ad

ويرى المراقبون أن هذا التطور يحمل دلالات مهمة، فهو يشير الى أن «داعش» تفقد قدرتها على استهداف المروحيات، كما أن هذا النوع من الطيران سيقلل الضحايا المدنيين ويأتي بنتائج أكبر.

ويقولون في هذا الصدد، إن «داعش» يعاني انكساراً معنوياً لأول مرة منذ عامين، بعد خساراتها المتواصلة في الأنبار، والمتزامنة مع خسارات في الجبهة السورية، ولذلك فقد أعلن التنظيم لأول مرة أنه أعدم عدداً من عناصره بسبب تخاذلهم في القتال أو محاربتهم الهروب نحو سورية، وتذكر بعض التقارير أن «داعش» يعاني نقصاً في كتائب القناصين، كما استهلك عدداً كبيراً من الانتحاريين يقدرون بمئة خلال آخر أسبوعين في قاطع الفلوجة ونينوى.

وهذا أمر بدأت القوات المشتركة تتعامل معه، حسب مصادر تؤكد أن القصف تراجع كثيراً لمناطق الحدود بين سورية والعراق بهدف تشجيع عناصر «داعش» على الانسحاب نحو سورية، ثم استهدافهم وراء الحدود في الوقت المناسب. وتؤكد مصادر عسكرية أن العمليات الأخيرة في الرمادي والفلوجة منحت القوات العراقية خبرة جديدة في حرب الشوارع، وإزالة الألغام وتدمير المدرعات المفخخة، كما أن طيران الجيش بات أقدر على تحييد الزوارق النهرية ،التي تستخدمها داعش في نقل الإمدادات عبر دجلة والفرات، ومجمل هذا ولد لدى قادة الجيش مستوى فهم أكبر لأساليب «داعش» من قبيل تعرفهم على طبيعة تحرك التنظيم المتطرف داخل أنفاق أرضية معقدة، وهو تكتيك انتقل من جبهات سورية، ما وفر الآن اندفاعاً معنوياً لدى العراقيين، تعززه رغبة رئيس الحكومة حيدر العبادي بالهرب من مشاكل السياسة نحو تحقيق إنجازات حربية، مدعومة محلياً ودولياً.

أما نقطة الضعف المقلقة في عمليات الموصل فهي نقص التفاهم بين القوات الكردية والجيش العراقي، ما جعل البنتاغون يرسل نحو ١٠٠ ضابط إلى قاطع جنوب نينوى للسيطرة على الانقسام، ورغم كل هذا التفاؤل إلا أن خبراء يشيرون الى أن الهدف سيبقى محاصرة الموصل وقطع طرق الإمداد، انتظاراً لمعركة المدينة، التي قد تتأخر حتى تحسن درجات الحرارة في الخريف، خصوصاً أن العائق الأكبر هو وجود نحو مليون ونصف المليون مدني هناك، مقارنة بنحو ٧٠ ألف مدني كانوا في الفلوجة.

ويلاحظ المراقبون أن الانقسام الطائفي الحاد، الذي ساد أخيراً حول الفلوجة وحصول انتهاكات مؤلمة بحق المدنيين على يد ميليشيات مقربة من طهران، تراجع حالياً وظهرت حملات شيعية وسنية مشتركة لإغاثة عشرات آلاف النازحين الجدد من الأنبار، الذين يعيشون ظروفاً صعبة، بعد أن أمضوا عامين من الحصار المفجع في الفلوجة والقرى المحيطة بها.

«داعش» يبدي مقاومة في حي الجولان

السبهان: السفارة السعودية بالعراق تتعرض لحملة إيرانية تحريضية

أعلن قائد الشرطة الاتحادية في العراق الفريق رائد شاكر جودت، أمس، بدء تطهير الجزء الشمالي لمدينة الفلوجة، مشيراً إلى وجود مقاومة لـ"داعش" بواسطة العجلات المفخخة. وأضاف جودت، أن "هناك مقاومة لتنظيم داعش في حي الجولان بواسطة العجلات المفخخة ويتم التصدي لها من قبل قطعاتنا بواسطة الأسلحة الساندة".

من الجدير بالذكر أن القوات الأميركية لم تتمكن من دخول حي الجولان في معركة الفلوجة الأولى عام 2004، ومعركة الفلوجة الثانية في 2006.

في السياق، أعلن قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي أمس، إنطلاق عملية عسكرية واسعة لتطهير منطقتي البوريشة وزنكورة شمال الرمادي من جيوب لتنظيم "داعش".

إلى ذلك، قال مدير شؤون الأيزيدية في مدينة دهوك هادي دوباني أمس، إن "القوات العراقية المشاركة في عملية الفلوجة تمكنت من تحرير 354 امرأة أيزيدية من اللواتي تم اختطافهن من قبل مسلحي تنظيم داعش بعد سيطرتهم على منطقة سنجار ذات الغالبية الأيزيدية في أغسطس عام 2014"، مشيراً إلى "إنهن موجودات الآن في منطقة عامرية الفلوجة في حماية القوات العراقية".

إلى ذلك، تعهد رئيس الوزراء حيدر العبادي، أمس الأول، بعدم التهاون مع أي منتهك أو متجاوز، معتبراً أن التجاوزات التي حصلت في الفلوجة أو غيرها هي "تجاوزات فردية وليست تجاوزات مؤسسة"، ومشدداً على أنه "لا غنى عن الحشد الشعبي في المعركة ضد عصابات داعش".

على صعيد آخر، رد السفير السعودي لدى العراق ثامر السبهان أمس الأول على الحملة القوية، التي تستهدفه منذ أيام، مؤكدا أن "هذه الحملة الإعلامية هي حملة إيرانية موجهة ضد السعودية وسبقت افتتاح السفارة في بغداد". وأشار السبهان إلى أن "هناك حملة تحريضية مباشرة ضد السفارة السعودية في بغداد"، مضيفاً: "أنا أول سفير بالعالم يواجه مطالب بالطرد قبل أن تطأ قدماي أرض بغداد".