«أخلاق أول» ... ومجلس الأمة

نشر في 21-06-2016
آخر تحديث 21-06-2016 | 00:10
 يوسف عبدالله العنيزي حكى لي أحد الأعزاء أن أحد أقربائه اشتهر في فترة الخمسينيات بالأمانة وحسن الخلق وأعمال الخير، فكان أهل الديرة يلجؤون إليه لحفظ أماناتهم المتواضعة في ذلك الوقت الذي لم تعرف به البلاد بعد نظام البنوك، فكانت ديوانيته التي تقع في أحد أحياء الكويت القديمة ملتقى لأعداد كبيرة من أهل الديرة.

في أحد الأيام دخل إلى الديوانية رجل غريب وبادر "راعي الديوانية" بقوله: يا بو فلان أبي أمانتي، نظر إليه راعي الديوانية باستغراب، فلم يكن قد رآه من قبل، ومع ذلك دخل إلى البيت، ثم رجع وسأل الرجل الغريب بقوله: "يا فلان ذكرني بالأمانة تراني نسيت والكبر شين"، فقال الرجل الغريب إنها صرة من قماش أزرق وفيها "120" روبية، فدخل الرجل إلى البيت، وأحضر الصرة، وقام بتسليمها للرجل الذي غادر الديوانية.

في اليوم التالي وعندما كانت الديوانية عامرة بروادها دخل الرجل نفسه وبيده الصرة التي أخذها بالأمس وتقدم إلى راعي الديوانية قائلا: "سامحني عمي، هذه الصرة ليست لي، فقد وجدت صرتي في البيت، وكنت أظن أني أحضرتها إليك". ثم سلم الصرة وغادر وسط ذهول الحاضرين.

تحدث راعي الديوانية شارحا ما حدث قائلا: "إني لم أرَ ذلك الرجل من قبل، ولكني خشيت إن قلت له ليس لك أمانة عندي أن يظن البعض أني أريد أن آخذ أمانته، ومن ناحية أخرى فقد ظننت أن الرجل بحاجة لهذا المبلغ، ولكن كبرياءه منعه من أن يستجدي أو يطلب من أحد، فأحببت أن أقضي حاجته دون أن يعلم بذلك إلا رب العالمين".

أكبر الحضور صنيع الرجل، وما يتميز به من أخلاق وحسن تصرف، إنها أخلاق أهل الكويت "أول"، وغير ذلك من روايات تتحدث عن أصالة أهل الديرة، وما يتميزون به من فزعة وحب الخير ومراعاة الجار واحترام الصغير للكبير، فأين نحن الآن مما كان، وقد بدأت الأخلاق بالانحدار الحاد نحو القاع؟

ويكفي لرؤية ذلك أن تقوم بجولة لبعض الوقت في شوارع البلاد، فقد غاب شعار القيادة "فنٌّ وذوق وأخلاق" وغدا الصراع هو السائد، يتساوى في ذلك الجنس والجنسية والعمر، فالجميع في سباق مع الزمن، أضف إلى ذلك هذا العدد الهائل الذي أعلنته السلطات الأمنية بتسجيل ما يتجاوز "2400 هوشة" في أنحاء البلاد في الأشهر الخمسة الماضية، نتج عنها قتل وإعاقة دائمة.

وكم هو مؤلم أن يصل هذا الانحدار في الأخلاق إلى قاعة عبدالله السالم رمز الديمقراطية في الوطن، عندما قام بعض ممثلي الأمة بتبادل حذف الأحذية والنعال وعبارات نعفّ عن ذكرها، وليت ذلك تم من أجل الكويت وأهلها. أين السادة النواب حين تم إيقاف النشاط الرياضي بتصويت 170 دولة ضد الكويت الغالية، ومر ذلك وكأن ذلك حدث في جزر الواق الواق؟ أين السادة النواب من حادثة الطفل الذي قضى غدراً، ونخشى أن تسجل الحادثة "ضد مجهول"؟

والأدهى والأمرّ أن العد التنازلي لمحاصرة مطار الكويت الدولي الذي دخل الدائرة الحمراء نتيجة تردي الإجراءت والخدمات فيه قد بدأ، ونخشى أن يختصر تشغيله على دول مجلس التعاون "إن وافقت"، أضف إلى ذلك وهو الأخطر تعرض البلاد لأعمال إرهابية في ظل أحداث لا يعلم إلا الله إلى أين ستصل، ألا يستحق هذا الموضوع وقفة شجاعة وحازمة مع الحكومة التي فقدت القدرة على الحركة وأصابها الشلل التام؟

وفي هذه الليالى المباركة من شهر رمضان المبارك نضرع إلى المولى القدير أن يحفظ الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top