تتسارع الاستعدادات للاستفتاء المصيري على بقاء بريطانيا أو خروجها من الاتحاد الأوروبي، وسط تقارب شديد بين معسكر الخروج (ليف) ومعسكر البقاء (ريمين)، على الرغم من الصدمة التي أحدثها اغتيال النائبة العمالية المؤيدة للهجرة وللبقاء في الاتحاد الأوروبي جو كوكس قبل أيام.

وبدأ وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أمس اجتماعهم في لوكسمبورغ بالإعراب عن الأمل ببقاء بريطانيا ضمن المجموعة الاوروبية.

Ad

وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، المؤيد للبقاء في اوروبا لدى وصوله الى الاجتماع، إن بلاده تخوض معركة استفتاء ستكون نتيجتها "قرارا مصيريا لا رجعة فيه"، مؤكداً فيما يشبه التحذير أنه "إذا ما قررت بريطانيا الخروج من التجمع الأوروبي فلا يمكنها العودة اليه في وقت لاحق إلا بشروط غير مقبولة مثل الزامها بالانضمام إلى منطقة اليورو أو إلى مجال شينغن".

من جانبه، قال وزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتاينماير "إذا جاءت نتائج الاستفتاء في بريطانيا بالبقاء فإننا نتوقع تطبيقا سريعا للحزمة التي اقرها الوزراء في بروكسيل في فبراير الماضي، وهي ضمانة بأن الاتحاد مازال فعالا".

بدوره، قال وزير الشؤون الأوروبية والدولية في النمسا سباستيان كورتس انه "من الافضل للاتحاد الأوروبي ان تبقى بريطانيا جزءا منه كي يبقى قوياً".

أما وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن فقد علق قائلاً: "هذه ليست تجربة فإذا قال البريطانيون لا فإنهم سيتحملون نتائج قرارهم وحدهم".

من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، إن "تاريخنا يذكرنا بحياة مشتركة كبيرة والكثير من الآمال"، داعياً البريطانيين "في لحظة الخيار أن يفكروا ملياً في هذا التحدي التاريخي".

كاميرون

من جهته، قال رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الداعم الرئيسي لبقائها في الصف الأوروبي في مقابلة مع صحافية "عندما تقفزون من الطائرة، لن تكون هناك وسيلة للعودة اليها. إذا غادرنا فسيكون ذلك للابد، لن يكون هناك رجوع ممكن"، متحدثا عن خيار مصيري.

وشبه رئيس الوزراء كلا من عمدة لندن السابق بوريس جونسون ومايكل غوف زعيمي المعسكر المؤيد للخروج (بريكست)، بأرباب عائلة غير مسؤولين يضعون عائلاتهم في سيارة، فراملها غير صالحة، وخزانها يتسرب منه الوقود.

ومساء، استذكر خلال نقاش مع المشاهدين تلفزيونيا رئيس الوزراء البريطاني ابان الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل ليؤكد أن "البريطانيين ليسوا جبناء وسيناضلون داخل الاتحاد الأوروبي".

اغتيال كوكس

من جانبه، قال زعيم حزب "يوكيب" (الاستقلال) المناهض لأوروبا نيغيل فاراج في تصريح متلفز، إن "معسكر أنصار الخروج كان يتمتع بدينامية جيدة حتى وقوع هذه المأساة الرهيبة (مقتل كوكس)"، ملمحا إلى أن الوضع لم يعد كما كان عليه.

وقال فاراج إنه سيراهن بمبلغ مليون يورو على أن بريطانيا ستصوت لصالح الخروج في الاتحاد خلال الاستفتاء.

ورداً على سؤال لصحيفة "هيرالد سكوتلند"، رأى النائب عن الحزب الوطني الاسكتلندي الكس سالموند أن "اغتيال كوكس قد يكون له تأثير ملحوظ".

كما دعا وزير المال جورج اوزبورن الى "مناقشة أكثر هدوءاً بعد الموت الماسوي لجو كوكس"، مذكراً بالأخطار الهائلة لخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي. وندد بآخر ملصق لحملة فاراج الذي يظهر مجموعة من اللاجئين مشطوبة بشعار "بريكينغ بوينت"، علما بأنه نشر قبيل مقتل كوكس. وقال إنه "ملصق يثير الاشمئزاز يذكر بالدعاية النازية في الثلاثينيات".

عمدة لندن السابق

أما عمدة لندن السابق وأحد أبرز قيادات معسكر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بوريس جونسون فقد قال في مقال نشرته "تلغراف"، "أيا كان رأيكم في حملة الاستفتاء هذه، فإننا بصدد لحظة تاريخية لاتخاذ قرار مصيري، إذ بأيدينا نحن الناخبين أن نحوّل الترتيبات الديمقراطية الراهنة في بريطانيا إلى المسار الأفضل. بأيدينا تغيير مسار التاريخ الأوروبي بالكامل، وإذا ما صوتنا لصالح الخروج، فإنني أعتقد أن التغيير سيكون إيجابياً بدرجة كبرى".

وحذر جونسون من أنه "إذا ما صوتت بريطانيا لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي، عندئذ سنستمر في كوننا موضوعا لنظام يتزايد ابتعادا عن الديمقراطية هو الآن مسؤول عن نسبة 60 في المئة من تشريعات البرلمان البريطاني، وهي ظاهرة تسهم بشكل كبير في تعزيز وجهة نظر الناخبين البريطانيين القائلة بعدم جدوى عمليات التصويت وسيادة الشعور بأننا نحن البريطانيين لم نعد نمتلك تقرير مصيرنا بأيدينا".

من جانبه، قال رئيس حزب العمال البريطايني والمناصر للبقاء جيرمي كوربن أمس، إنه "لا يوجد حد أقصى لإعداد المهاجرين الأوروبيين الذين ستسقبلهم بريطانيا في حال صوتت على البقاء".

وأصدر عدد من زعامات حزب العمال البريطاني، إضافة الى عدد من قادة النقابات المهنية، بيانا كشفوا فيه لأول مرة أن نصف مليون وظيفة حكومية ستكون مهددة بالتبخر في حال انفصلت بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي.

وبحسب البيان الذي وقعه 30 من قادة حزب العمال، فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤدي الى «ثقب أسود» في الاقتصاد البريطاني، ستكون قيمته 40 مليار جنيه استرليني (60 مليار دولار تقريباً)، وهو ما سيدفع الحكومة أيضاً الى مزيد من الإجراءات التقشفية التي ستمس حياة المواطن العادي في بريطانيا.

وقال البيان إن الحكومة ستضطر إلى سد الثغرة المالية السوداء عبر زيادة الضرائب على المواطنين، وخفض الإنفاق أكثر في القطاع العام، وهو ما قد يؤدي إلى متاعب إضافية للاقتصاد البريطاني.