صدمة الـ mbc
تردد شاشة الـ mbc مقولة "خمس وعشرون سنة ورمضان يجمعنا". ويُفترض أن شاشة تلفزيونية عربية تدخل كل بيت، على امتداد الوطن العربي، منذ قرابة ربع قرن لقادرة على قراءة الذوق العام، وقادرة أيضاً على اختيار ما يناسب هذا الذوق، خاصة في شهر رمضان؛ شهر القرآن والعبادة. بعيداً عن الخوض في مسلسلات الدراما الرمضانية سنقف عند برنامجين يجمعهما الكثير ويفرقهما ما هو أكثر، الأول هو؛ "الصدمة"، والثاني "رامز يلعب بالنار"، وكلا البرنامجين يندرجان تحت ما اتفق على تسميته ببرامج "الكاميرا الخفية". فلقد استطاع برنامج الصدمة بفكرته المبتكرة والبسيطة وإنسانية البعد، استطاع أن يحظى باهتمام واحترام عدد كبير من المشاهدين في مختلف الأقطار العربية. ومنْ يتابع ما يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك في الصحافة العربية، فلن يجد صعوبة في الوصول إلى شبه إجماع بين المشاهدين على قدرة البرنامج الآسرة على التأثير في المشاهدين، كما هي قدرته في استخراج الأجمل الإنساني من الذين شاركوا فيه بدون تخطيط وعلم سابق. ما يُحسب لبرنامج الصدمة أيضاً هو تنقل الكاميرا بين أكثر من قطر عربي، وبالتالي خلق لحمة عربية دون كثير لغو أو شعارات، وإعادة شيء من الوصل المحبب بين العربي وأخيه العربي في القطر الآخر. كما أن البرنامج وبعيداً عن الوعظية المباشرة، قدم نماذج بشرية عربية تعمر قلوبها بحب الخير والتعاطف الإنساني العفوي. وإذا ما ربطنا هذا بما بات يتداوله الإعلام العالمي من صورة بشعة للإنسان المسلم والعربي، فإن "الصدمة" قال بشكل جميل ما عجزت عنه مئات البرامج الحوارية والوعظية. وببساطة متناهية نقل إلى المشاهد مقولة؛ الإنسان العربي هو إنسان مسالم بطبعه وليس بشرير أو قاتل! وهكذا يُحسب لشاشة الـmbc برنامج إنساني يتناسب وروح رمضان، ويقدم شيئاً حقيقياً عن الإنسان العربي وللمشاهد العربي والعالمي.
على النقيض من الصدمة، يتكرر حضور "رامز" بشكل يسبب الصدمة لكل من يتابع البرنامج، فبرنامج "رامز يلعب بالنار" يشكّل إساءة واضحة لشاشة الـmbc، وبالعودة ثانية إلى استطلاعات الرأي في الصحافة العربية وكذلك رودود الأفعال على شبكات التواصل الاجتماعي، يبدو واضحاً كم التذمر والسخط الذي حظي به البرنامج، فإضافة إلى انكشاف أمر البرنامج، وأن اتفاقات سابقة تتم بين ضيوف البرنامج والمقدم، خاصة أولئك النجوم العالميين، فإن طريقة المقدم في الإساءة إلى الضيوف والتفكه بشكل سمج وممجوج من كل ما يخصّ شؤونهم باتت تشكل لطخة بشعة في وجه شاشة الـmbc. هناك منْ يردد؛ "إذا كان المشاهد لا يحب البرنامج فهو غير مجبور على مشاهدته"، هذا صحيح 100 في المئة، لكننا هنا بصدد الحديث عن ماهية برنامج يُعرض على واحدة من شاشات القنوات العربية المعروفة، والتي كما قلنا في بداية المقال تفتخر بأنها تُعايش المشاهد العربي منذ ربع قرن. إن برنامج "رامز" بأسلوب مقدمه القائم على الصراخ، والاستهزاء وتوجيه الإهانات إلى المشاركين في البرنامج، ليقدم نموذجاً يخالف ويناقض برنامج الصدمة. فهناك برنامج يحض على التعاطف الإنساني، وهنا برنامج قائم على مس الكرامة الإنسانية والاستمتاع والتمتع، وبما يحمل هذا من سادية واضحة، برؤية إنسان في ظرف صعب.أي ابتسامة بائسة تلك التي ترتسم على وجه المشاهد في نهاية الحلقة، لحظة يعرف الضيف، الذي يعلم سابقا، أنه كان ضحية لبرنامج "رامز". وهل تستحق هذه الابتسامة أن تصرف شاشة الـmbc مبالغ طائلة لتعيد في كل عام تقديم هذا البرنامج؟! لذا أتوجه إلى الأخوة في قناة الـmbc بكل التقدير، متمنيا عليهم إعادة النظر في عدم استمرار عرض حلقات برنامج "رامز يلعب النار" لما تبقى من شهر رمضان الفضيل.إن الوطن العربي يعيش واحدة من أصعب ظروفه التاريخية، إن لم تكن الأصعب إطلاقاً في التاريخ العربي الحديث، فالإنسان العربي أحوج ما يكون لبرامج إنسانية راقية وصادقة، في وقت يسمع فيه بعض المواطنين العرب أصوات المدافع المتوحشة والقاتلة ويموت بعضهم تحت الأنقاض، ولسان حالهم يقول: لا لأخٍ لا يرف له جفن في مساعدة أخيه والتعاطف معه في محنته!