تعرضت وردة خلال إقامتها في مصر لثلاثة مواقف فيها ظلم وكان الموقف الأول عندما قام الرئيس جمال عبدالناصر بإبعادها عن مصر على إثر انتشار شائعة علاقتها بوزير الحربية المشير عبد الحكيم عامل وهي الشائعة التي قالت وردة إنها بلا أساس واضطرت إسرتها إلى تزويجها بعد عودتها للجرائر ولم تعد إلى مصر إلا في مطلع السبعينيات خلال حكم السادات.

Ad

المنع الثاني بسبب القذافي

وبعد عودتها تعرضت للظلم أيضا عندما سافرت إلى ليبيا مع بليغ حمدي والفرقة الماسية في وقت كانت العلاقات سيئة بين البلدين ولم يكن الأمر مقتصرا هناك على إحياء حفلة بل تم تأليف أغنية للعقيد معمر القذافي كتبها نوري الحميدي أمين الثقافة الليبية ولحنها محمد حسن، وقام بليغ بتقديم وردة على خشبة المسرح وشدت بالأغنية تقول مطلعها:

الغلا إن زاد زيدك يا فاتح غلا

والغلا إن زاد يزيدك يا معمر غلا

وصلي عالنبي يا مصلي على زينة البلدان

وصلي عالنبي يا مصلي على ولادها الشجعان

فاتح ثورة شعبية فاتح سلطة شعبية

وعادت وردة وبليغ إلى مصر دون أن تسمع القاهرة بأمر الأغنية، لكن بعد عدة أسابيع من الحفل بدأت الأوساط الإعلامية تتداول شريط الأغنية في حالة من الدهشة وبدأ مواطنون يحملون كاسيت الأغنية إلى الصحافة وتردد وقتها أن فايزة أحمد هي التي حملت الكاسيت بنفسها لمنزل السادات واسمعته للسيدة جيهان السادات.

ودافعت وردة عن نفسها وقالت إنها تعاقدت على 4 حفلات مع الإذاعة الليبية لكنها كانت حفلات للشعب الليبي وأنها عندما ذهبت تغني في ليبيا أرادت أن تعبر باسم الفن المصري عن أن الشعوب العربية لا يمكن أن يفرق بينها أحد وأكدت أنها لم تغن للقذافي ولا يمكن أن تفعل ذلك بل غنت أغنية عاطفية باللهجة الليبية.

ويبدو أن وردة راهنت وقتها على عدم انتشار الأغنية في مصر لأنها قامت فعلا بتسجيل أغنية عاطفية بلحن ولهجة ليبية وهي أغنية ليالي الغربة كلمات ولحن نفس المؤلف والملحن لكنها أيضا غنت أغنية القذافي التي ساعد الإعلام على انتشارها وصدر قرار من وزير الثقافة المصري وقتذاك عبدالمنعم الصاوي بمنع وردة من الغناء والظهور في الإذاعة والتليفزيون وقال السادات يومها: «دي قرصة ودن لبنتنا عشان ماتكررش ده تاني»، ويتردد أن السادات استدعى بليغ وعنفه على فعلته.

وظل قرار منع وردة ساريا لثلاث سنوات إلى أن صالحت وردة السادات بأغنية تمدحه كتبها الشاعر حسين السيد ولحنها عبدالوهاب بعنوان «إحنا الشعب» ويقال إن عبدالوهاب كان وراء إنهاء قرار منع وردة بعد أن لحن لها أغنية «في يوم وليلة» التي كان لابد أن ينقلها التليفزيون على الهواء.

الطريف أن القذافي الذي كان سببا في منع وردة من الغناء في مصر قام هو نفسه بمنع القصيدة التي كان عبد الوهاب يتغنى فيها بالملك إدريس السنوسي وكانت من ألحانه وكلمات الشاعر عزيز أباظة وعنوانها (عهد اليسر).

أما وردة نفسها فقد فتحت خزائن ذكرياتها، وتحدثت عن هذه الأزمة تحديداً في حوار لإحدى الصحف المصرية عام 2011، قالت فيه عن واقعة منعها من الغناء في مصر إبان حكم الرئيس السادات: «كانت 3 سنوات قاسية جداً منعت خلالها من إحياء أية حفلات أو بيع ألبومات لكن حدث الصلح عندما شاركت في حفل للقوات المسلحة بأوبريت «إحنا الشعب»، وصالحني السادات علنا»، وبررت خطأها قائلة: «لم يكن لديَ وعي سياسي في ذلك الوقت»، الذي كان يشهد علاقة متوترة بين مصر وليبيا، رغم أن بليغ حمدي والموسيقيين المصريين سافروا معي، فإني كنت الوحيدة التي عوقبت وصدر قرار بمنعي من الغناء، لكنني أعترف أنني جاهلة سياسياً، وكنت مغروسة في الفن، لأن التي غنت «على الربابة» يجب أن تتحيز لمصر وتبتعد عن أية دولة تهاجمها»، لكنني أعترف أنني جاهلة سياسيا».

خروج عن البروتوكول

أما المرة الثالثة التي تعرضت فيها وردة للظلم فكانت في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك عندما قالت للجنود «الريس بيقولكوا تصقفوا» وتم اعتبار هذه العبارة خروجا عن البروتوكول فتم منعها من الغناء بشكل غير معلن.

على أية حال، فإنها على مستوى حياتها الشخصية فقد عاشت وردة مع بليغ حمدي أفضل حالة غنائية وإنسانية حتى بدأ أولاد الحلال في محاولة التفرقة بينهما بعد كل النجاح الذي حققاه معا.

وفي ذلك الوقت قدمت مسلسلاً إذاعياً بعنوان «دائما نحب» تدور أحداثه حول أم يحرمها طليقها من رؤية ابنها وغنت وردة في المسلسل 11 أغنية كتبها الشاعر عبد الوهاب محمد الذي كان قريبا جدا من وردة وبليغ وكان يشعر بلهفتها على أولادها.

وكتب عبد الوهاب محمد كل أغنيات المسلسل في بيت وردة خلال ساعات قليلة ولحنها بليغ على الفور وهذا المسلسل هو نفسه الذي تحول بعد ذلك إلى مسلسل تليفزيوني بعنوان «أوراق الورد» إنتاج عام 78 وشاركها البطولة عمر الحريري وزين العشماوي وملك الجمل وحسن مصطفى وكان تأليف وحيد حامد وإخراج محمد شاكر ومن أبرز أغاني المسلسل «أنا عندي بغبغان» و»بوسة ع الخد» و»كل سنة وأنتِ طيبة» و»أه ياني من الهنا» و»أه لو قابلتك من زمان» و»معقول أحب تاني» وكانت وردة تعتبر الأطفال الذين شاركوها المسلسل أبناءها بالفعل أما قصة العمل فتدور حول امرأة مطلقة لديها ابن وحيد وتقع في حب القاضي الذي حكم بعودة الابن لأبية وتتعرض لمضايقات عديدة من طليقها.

وبعد عرض المسلسل بقليل جاء أخيرا اليوم الذي سمح فيه طليقها لها برؤية ابنيها وسمح لهما بالحضور إلى القاهرة ليعيشا معها وكانت أسعد أيام وردة حين التقت بهما وعاشت معهما في منزل بليغ «منزل الزوجية».

وفي هذه الفترة لم يكن بليغ يمنع وردة من التعامل مع ملحنين أخرين وكانت وردة غير قادرة في نفس الوقت على أن تتخلى عن ألحان عبدالوهاب والموجي والطويل وأيضا كانت ألحان بليغ أغزر من أن تقتصر على وردة وقدم العديد من الأغنيات لمطربات أخريات غير وردة كما قدمت وردة أغنيات من تلحين أخرين وانطلقت تحيي الحفلات هنا وهناك وكانت أحيانا كثيرة تتبرع بأجرها عن بعض الحفلات لصالح أعمال خيرية أو نقابات وأندية وجامعات ولعل الكثيرين لايعرفون أن وردة أهلاوية الهوى حتى أنها كانت تدعو كل أعضاء فريق النادي الأهلي بعد فوزهم في بعض البطولات كما أنها أحيت الكثير من حفلات النادي الأهلي في عدة مناسبات.

تألق سينمائي وإذاعي وتليفزيوني

كانت هذه السنوات وردة في أوج تألقها الفني فأقبلت على السينما التي فتحت لها أستوديوهاتها أبوابها مرحبة للاستفادة من نجوميتها الطاغية، فقدمت أثناء زواجها من بليغ عدة أفلام منها فيلم «صوت الحب» إنتاج عام 73 تأليف عدلي المولد المحامي وإخراج حلمي رفلة مع حسن يوسف وعماد حمدي ومحمد العربي وأشرف عبد الغفور وحياة قنديل وحسن مصطفى وسعيد صالح وكانت قصة العمل تدور حول الدكتور محسن الذي وقع في غرام ممرضة وأراد أن يتزوجها إلا أن والده رفض الزيجة بسبب الفارق الاجتماعي فتقرر الممرضة أن تعيش في بيت الأب لتتابع حالته الصحية دون أن يعرف الأب حقيقتها إلى أن يقتنع بشخصيتها في النهاية ويوافق على زواج ابنه منها.

وفي هذا الفيلم كانت وردة خائفة ومرتبكة وتشعر بالقلق مما تسبب في إعادتها المشاهد أكثر من مرة، إلى درجة أن حسن يوسف غضب منها وصرخ فيها قائلا: «والنبي يا وردة لما تبقي عايزة تعملي فيلم تاني ماتبعتليش».

أما أغاني الفيلم فكانت «مستحيل» كلمات مأمون الشناوي ولحن محمد الموجي و»رحالة» كلمات مجدي نجيب ولحن منير مراد و»وأنا مالي» و»العيون السود» كلمات محمد حمزة ولحن بليغ حمدي ووضع الموسيقى التصويرية للفيلم الفنان عمر خورشيد.

ثم فيلم «حكايتي مع الزمان» في نفس العام وشاركها البطولة رشدي أباظة وسمير صبري ويوسف وهبي ولبلبة ونبيلة السيد وصلاح نظمي وشفيق جلال وكان تأليف محمد مصطفى سامي وإخراج حسن الإمام.

وتدور قصته حول المطربة سهام التي تنفصل عن فرقتها الغنائية تحت ضغط زوجها صاحب شركة المقاولات والذي يمارس مهنته بشكل غير مشروع إلا أنها تشتاق للعودة إلى فرقتها فيحرمها زوجها من ابنتها.

وهي قصة قريبة من حدوتة وردة مع طليقها ويبدو أن سر نجاح وردة في هذا الفيلم تحديدا هو أنه يمس حياتها الشخصية بصورة كبيرة.

أما الأغاني التي قدمتها في الفيلم فكانت «وحشتوني» كلمات سيد مرسي ولحن بليغ حمدي و»حكايتي مع الزمان» كلمات محمد حمزة ولحن بليغ أيضا و«بكرة يا حبيبي» كلمات عبد الرحيم منصور ولحن كمال الطويل و«يا عيوني» كلمات عبد الفتاح مصطفى ولحن محمد الموجي.

وشاركت أيضا في العديد من الأوبريتات الغنائية والأعمال المسرحية مثل تمر حنة مع عزت العلايلي وزين العشماوي ووداد حمدي وفاروق نجيب وكانت تأليف إسماعيل العادلي وإخراج جلال الشرقاوي وغنت فيها 19 أغنية من كلمات عبد الرحيم منصور وألحان بليغ حمدي.

وفي عام 76 فكر فتحي سلام صديق بليغ المقرب في تأسيس شركة إنتاج فني مشتركة بينه وبين بليغ تحمل عنوان «ليالي الشرق» على أن يقوم بإنتاج برنامج منوعات غنائي تقوم ببطولته الفنانة عفاف راضي وتقدم فيه مجموعة من أغنيات الأطفال وتنازلت عفاف عن 10 آلاف دولار من أجرها إكراما لأستاذها بليغ غير أن الظروف حالت دون إتمام الاتفاق وقرر فتحي أن تحل وردة زوجة بليغ مكان عفاف راضي ولأنه لم تكن هناك أستديوهات متوفرة في مصر لتصوير برامج منوعات تليفزيونية بالألوان فقد وقع اختيارهما على أبو ظبي بدولة الإمارات لتصوير البرنامج في أستديوهاتها الذي يحمل عنوان «جديد في جديد» وقام بليغ بوضع ألحان الأغنيات التي كتب بعضها بالمشاركة مع الشاعر عبد الرحيم منصور كما شارك بالغناء في البرنامج مجموعة مطربين في مقدمتهم ليلى مراد بعد أن نجح بليغ في إقناعها بالعودة للغناء بعد اعتكاف طويل منذ آخر ظهور لها في فيلم الحبيب المجهول وكانت بداية لعودة غنائها لمقدمة مسلسل لست شيطانا ولا ملاكا لإذاعة الشرق الأوسط من ألحان بليغ وقدمت ليلى في البرنامج عدة أغنيات جديدة منها أغنية مسا الجمال على حبايبنا كلمات سيد مرسي وهي الأغنية التي ظهرت فيما بعد بصوت الفنانة سميرة سعيد ولطيفة.

وفى نفس البرنامج قدمت وردة 20 أغنية لم يطبع معظمها على أشرطة تجارية ولم تصل للإذاعة من بينها أغنية «أه يا لموني» و«ناوي عالبعاد» و«سيدي يا سيدي» كما غنت أغنية «تخونوه» بمشاركة بليغ وقدمت أغنيتي سفر وقالوا في الأمثال وكلاهما طبع تجاريا وشاركت وردة بليغ الغناء بمصاحبة العود لأغنيتي دندنة والعيون السود.

كما غنت أغنية «بنلف» التي كتبها بليغ في رثاء العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ وهي الأغنية التي اشتهرت فيما بعد بصوت سميرة سعيد ومصطفى قمر ولايعرف الكثيرون أنها في الأصل أغنية وردة.

وفي هذا البرنامج قامت وردة بدور مقدمة برامج وسجلت مجموعة حوارات تليفزيونية مع صلاح جاهين ويوسف السباعي وحلمي بكر ونور الشريف وبوسي وغيرهم.

وما بين القاهرة وأبوظبي قام مخرج البرنامج جميل المغازي بتصوير الأغنيات وبعضها صورته وردة عند الأهرامات وغيرها من الأماكن السياحية بمصر وكانت وقتها تنتظر حادثا سعيدا إلا أن الله أراد ألا يتم هذا الحمل بسلام وتم إسقاط الجنين وسط مشاعر حزن غير عادية من وردة.

وبالصدفة كانت الفنانة سميرة سعيد المطربة الناشئة في ذلك الوقت في زيارة لأبو ظبي والتقت ببليغ وطلبت منه أن تنضم لفريق البرنامج ووافق بليغ لتنطلق الشائعات تتحدث عن قصة حب تربط سميرة ببليغ وكانت وردة وقتها في القاهرة تتابع عن بعد ما يحدث إلى أن جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقال بنشر صور من حفل عيد ميلاد سميرة في مجلة «الموعد» ووصفت المجلة الحفلة بأنها كانت حفل خطوبة سميرة وبليغ.. وهنا كانت العاصفة، حيث أصرت وردة على الطلاق.

أغنية: شعوري ناحيتك
كلمات: عبد الوهاب محمد

ألحان: سيد مكاوي

غناء: وردة الجزائرية

شعوري ناحيتك شعور كبير كبير

شعور بمحبتك مليان أحاسيس كتير

وبكل مافي وجودي من قلب ومن ضمير

بحس أنك عنيا وفرحتي وأمالي

مخلوق في الدنيا ليا ومش لحد تاني

بأنظر وياك لبكرة ألقاه جميل جميل

كله أنس ومحبة ولايعرف مستحيل

والحب اللي في كياني

بيعيش لك طول زماني

ويدوم وكمان يزيد

أنا عايشة في ظل حبك أحلام متنغمة

وبترفعني السعادة من الأرض للسما

وهواك بيخلي قلبي يشوف المستخبي

عندي إيمان أكيد أنك أنت الوحيد

اللي لاأستغنى عنه ولا أعيش لو كان بعيد

هي الأزهار بتحيا أبدا من غير غصون

والا الألحان بتشجي من غير نغم حنون

أنا زيهم يا روحي ولولا أنت ما أكون

وتهون الروح عليا

وفي كل مافي وجودي من قلبي

ومن ضمير

بحس أنك عينيا وفرحتي وأمالي

مخلوق في الدنيا ليا ومش لحد تاني

هدية وردة في عيد ميلادها
في أحد الأيام زار بليغ حمدي صديقه الكاتب والمخرج عبدالرحمن الخميسي، وكان متجهماً وطلب منه مبلغاً من المال لشراء هدية لوردة بمناسبة عيد ميلادها، إلا أن الخميسي لم يكن معه المبلغ المطلوب واقترح على بليغ أن يلحن أغنية عن الأفراح باعتبارها المناسبة الأكثر انتشارا وكتب الخميسي أغنية «ماتزوقيني يا ماما» ولحنها بليغ، وفور الانتهاء منها اتصل بالفنانة مها صبري وعرض عليها الأغنية فأعجبتها جدا وقررت أن تغنيها وحصل بليغ في هذا اليوم على أضعاف المبلغ الذي كان يحتاجه لشراء هدية وردة.

وردة بين رياض ووداد
كان نجل وردة - رياض - الأقرب إليها، في حين شابت علاقتها بابنتها وداد الكثير من الجفاء، لأنها لم تغفر لها أنها تركتها وهي طفلة، واختارت طريق الفن، ولذلك ظلت العلاقة بينهما مرتبكة إلى حد ما، وصرَّحت وردة أنها حاولت التأثير على ابنتها لتتراجع عن إحساسها تجاهها، وقالت وردة إن عيونها المنتفخة سببها الدمع الذي ذرفته على وداد طوال حياتها.

وردة قالت أيضاً في أحد البرامج التليفزيونية: أنا ظلمت وداد ورياض وحاولت أزورهما كل صيف وأقضي معاهما وقتاً أطول، وبليغ كان منزعجاً بعض الشيء من ذلك، حتى هرب رياض من أبيه إلى أميركا، ودرس هناك لمدة 3 سنوات، ثم عاد إلى حضني في مصر، ويومها كلمت زوجي السابق وقلت له: «رياض معي وهو شخص ناجح ومتفوق في دراسته، وكأنني كنت أريد الانتقام منه بسبب إبعاد ابني عني».