البريطانيون يحددون غداً مصير بريطانيا وأوروبا

الصحف الرئيسية حسمت موقفها بين البقاء والخروج... والاستطلاعات منقسمة بين الخيارين

نشر في 22-06-2016
آخر تحديث 22-06-2016 | 00:04
No Image Caption
تتجه الأنظار إلى بريطانيا، التي تشهد غداً استفتاء مصيرياً حول البقاء في الاتحاد الأوروبي، أو الخروج منه.
وقد حسمت الصحف الرئيسية موقفها، وانقسمت بين تأييد البقاء وتأييد الخروج، في وقت انسحب الانقسام على استطلاعات الرأي، التي أظهرت توقعات متناقضة لنتيجة الاستفتاء، في خطوة تظهر تقارب المعسكرين وحجم الانقسام الحاد في المجتمع البريطاني حول هذا الأمر.
يتوجه الناخبون البريطانيون غداً إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في استفتاء مصيري حاسم حول البقاء في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه، وسط تقارب شديد بين معسكر الخروج ومعسكر البقاء.

لمن يحق التصويت

ويحق التصويت لمن هم فوق الثامنة عشرة من المواطنين البريطانيين والأيرلنديين الذين يعيشون في المملكة المتحدة، وأي شخص صوت في الانتخابات المحلية باسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية الشهر الماضي لن يحتاج للتسجيل مجدداً.

ومُنح حق التصويت للمواطنين البريطانيين والأيرلنديين، الذين يعيشون خارج البلاد، ممن سجلوا للتصويت في المملكة خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، ومن أعضاء الكومنولث ممن لديهم إذن دخول أو بقاء في المملكة المتحدة. ويسمح للمواطنين بالتصويت عبر البريد.

بطاقة التصويت

وستحمل بطاقة التصويت سؤالاً مفاده «هل ينبغي على المملكة المتحدة البقاء كعضو في الاتحاد الأوروبي أم مغادرته؟»، وسيكون هناك اختياران البقاء في الاتحاد أو مغادرة الاتحاد، ويحصل الناخبون في ويلز على نسخة اقتراع خاصة بهم.

وفي السابق، كان من المقرر أن تحمل البطاقة سؤالاً وهو: هل ينبغي أن تظل المملكة المتحدة عضواً في الاتحاد الأوروبي وكانت الاختيارات نعم أو لا، لكن تم تغييره بعد الادعاء بأنه يعد انحيازاً لخيار البقاء.

اللجان والنتيجة

وتبدأ لجان الاقتراع بإنكلترا وأسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية في العمل صباح غد «23 يونيو الجاري»، ويبدأ فرز الأصوات بمجرد إغلاق اللجان على أن تعلن النتيجة صباح اليوم التالي، حول الاستفتاء المثير للجدل، الذي أظهرت استطلاعات أولية حوله تقارباً في الرأي ما زاد من ضبابية المشهد البريطاني.

الصحف

واختارت الصحف البريطانية الرئيسية معسكرها. ونشرت صحيفة «ذي غارديان» (يسار الوسط) افتتاحية تدعو إلى التصويت للبقاء.

وقالت الصحيفة، إن «الاتحاد الأوروبي مثل الديمقراطية، يمثل طريقة غير كاملة لمواجهة تحديات العالم. لكن للتصدي لهذه الثغرات يجب إصلاحها، وليس الابتعاد عنها».

حتى إن الصحيفة نشرت دليلاً من أجل البقاء في الاتحاد ونصحت قراءها بإقناع صديق أو قريب أو جار باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي أو الالتحاق بالحملة الرسمية للبقاء في الاتحاد، والموقف نفسه اتخذته صحيفة «ذي أوبزرفر».

أما صحيفة «ذي تايمز» المحافظة تقليدياً فقد كشفت موقفها في افتتاحية بعنوان «إعادة تأسيس أوروبا»، ورأت أن الاتحاد الاوروبي بحاجة إلى تغييرات، لكن يجب البقاء فيه لتنفيذ ذلك.

والأمر المهم هو أن هذه الصحيفة تملكها مجموعة روبرت مردوخ الإعلامية، التي تملك أيضاً «صنداي تايمز» و»ذي صن» اللتين تؤيدان خروجاً من الاتحاد.

أما صحيفة «ذي اندبندنت» (يسار الوسط)، فكتبت في افتتاحيتها، أمس الأول، أن التصويت من أجل البقاء في الاتحاد الأوروبي ليس دليلاً على الجبن بل على الثقة.

من جهة أخرى، قالت الصحيفة الاقتصادية المرموقة «فايننشال تايمز» إن «التخلي عن قضية الإصلاح البناء لأوروبا هي فعلاً غير كاملة سيكون خطوة أكثر من انهزامية. سيكون عمل عملية مجانية لإلحاق الضرر بأنفسنا».

أما مجلة «ذي ايكونوميست» العريقة فقد اتخذت موقفاً مماثلاً وعنونت: «إذا لم نتحد فسنسقط»، مضيفة أن مغادرة الاتحاد قد يتسبب بأضرار جسيمة ودائمة للنظام السياسي والاقتصاد البريطانيين، ورأت أن خروجاً من الاتحاد سيشكل هزيمة للنظام التقدمي الذي دعم ازدهار الغرب.

من جهتها، أعلنت الصحيفة الأوسع انتشاراً في بريطانيا «ذي صن» موقفها الأسبوع الماضي، وأكدت أن الخروج من الاتحاد «فرصة لجعل بريطانيا افضل ولاستعادة ديمقراطيتنا، وحماية قيمنا، والثقافة التي نفخر بها على وجه حق».

ورأت الصحيفة، أن مستقبل المملكة المتحدة، الذي يعطله «توسع لدولة الفدارلية بلا توقف، سيكون أسوأ إذا بقيت المملكة المتحدة داخل الاتحاد».

أما صحيفة «ديلي تغراف» (اليمينية)، فقد دعت أيضاً إلى الخروج من الاتحاد أمس الأول. وكتبت أن «عالماً من الفرص ينتظر مملكة متحدة مستقلة»، مؤكدة أن دعمها لمغادرة التكتل، لم يأت من حنينها إلى زمن ولى بل نابع من الرغبة في انطلاقة جديدة. وأضافت «إذا كان استفتاء الخميس خياراً بين الخوف والأمل، فإننا نختار الأمل».

استطلاعات

واستطلاعات الرأي منقسمة إذ يشير اثنان منها إلى تقدم معسكر البقاء، فيما يظهر ثالث فوز معسكر الخروج.

وكتب لينتون كروسبي الخبير السياسي الاستراتيجي في صحيفة «ديلي تلغراف «إن جميع المؤشرات «تدل على استفتاء لن تحسم نتيجته حقاً حتى اللحظة الأخيرة».

وأجريت تلك الاستطلاعات في غالبيتها بعد اغتيال النائبة العمالية جو كوكس، البالغة من العمر 41 عاماً والوالدة لطفلتين، بعد إطلاق النار عليها وطعنها أثناء توجهها للقاء الناخبين في دائرتها في شمال إنكلترا الأسبوع الماضي.

والقاتل المفترض توماس مير البالغ من العمر 52 عاماً، عرف عن نفسه بـ»قاتل الخونة، الحرية لبريطانيا» عند مثوله للمرة الأولى امام المحكمة التي وجهت له تهمة القتل.

وينتظر أن يكشف حزب الاستقلال (يوكيب) المناهض للاتحاد الاوروبي عن ملصق دعائي جديد، بعد أن قال منتقدون، إن الملصق السابق الذي يصور طوابير من المهاجرين التي تسير في أوروبا وتحتها عبارة «نقطة الانهيار»، يحرك الكراهية.

5 نتائج للخروج
في حال صوت البريطانيون على خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي غداً، فإن ذلك سيشكل زلزالاً حقيقياً لهذا البلد، وصدمة للاتحاد الأوروبي والاقتصاد الدولي. وفي ما يلي تبعات محتملة لمثل هذا السيناريو:

● استقالة كاميرون: قد يستقيل رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون من منصبه كرئيس للحكومة وللحزب المحافظ، لأنه راهن بمصداقيته عند إطلاقه الاستفتاء المقرر غداً، وشنه بعد ذلك حملة للبقاء في الاتحاد. ويقول مراقبون، إن الرئيس السابق لبلدية لندن بوريس جونسون، الذي يقود حملة مؤيدي الخروج هو المرشح الأوفر حظاً في أن يحل محله.

وقال السياسي المحافظ كينيث كلارك، إن كاميرون لن يصمد 30 ثانية في حال صوت البريطانيون على الخروج.

*استقلال اسكتلندا وعزل أيرلندا الشمالية: قد تقرر رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجون المتمسكة بالبقاء في الاتحاد، تنظيم استفتاء جديد حول الاستقلال عن المملكة المتحدة.

وفي أيرلندا، يعاد ترسيم حدود جديدة تعزل أيرلندا الشمالية (جزء من المملكة المتحدة) عن جارتها جمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد، ما يضعف الحركة التجارية بين طرفي الحدود.

وحذر رئيسا الوزراء البريطانيان السابقان جون ميجور وتوني بلير من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمكن أن يهدد عملية السلام. وكان كل من ميجور وبلير لعب دوراً أساسياً في وضع حد لأعمال العنف في أيرلندا الشمالية.

في المقابل، يقول معسكر مؤيدي الخروج، إن احتمال حصول اسكتلندا على الاستقلال لا علاقة له بعضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وأن الترتيبات الثنائية بين بريطانيا وأيرلندا الشمالية ستستمر لضمان التبادلات عبر الحدود مع جمهورية أيرلندا.

● إجراءات «الطلاق» المعقدة: تباشر البلاد مفاوضات معقدة مع الاتحاد الأوروبي تستمر سنتين كحد أقصى، ستقرر شروط الوصول إلى السوق المشتركة. وحذر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر منذ الآن بأن المملكة المتحدة ستكون دولة ثالثة لن نراعيها.

● الركود: بلبلة في الأسواق وفي حي المال والأعمال في لندن، يمكن أن تؤدي إلى هبوط سعر الجنيه الإسترليني بنسبة 15 إلى 20 في المئة، وإلى تضخم بنسبة 5 في المئة، وزيادة في كلفة العمل، فيما سيتراجع النمو 1 إلى 1.5 في المئة.

ومع أن غالبية المؤسسات الاقتصادية تتوقع صعوبات على المدى الطويل نتيجة لخروج بريطانيا، لكن معهد كابيتال إيكونوميكس للأبحاث أشار إلى أن الأمر لن يكون كارثة مدى الحياة للبلاد، وشدد على أن البلاد تتمتع بميزات عدة تدعم قطاعها المالي خصوصاً النظام القضائي واللغة والتوقيت وتوفر يد عاملة ماهرة.

● تراجع في الهجرة: عدد المهاجرين القادمين من الاتحاد الأوروبي سيتراجع بشكل حاد، ما سيؤدي إلى نقص في اليد العاملة في قطاعي البناء والخدمات.

(لندن - أ ف ب، رويترز، د ب أ)

back to top