قرار وزارة الداخلية بوقف قبول الطلبة الضباط في كلية الشرطة عامين دراسيين متتاليين، بدءاً من العام الحالي، كان قراراً لافتاً ومهماً لوزير الداخلية الشيخ محمد الخالد وأركان وزارته، بعد التداعيات المتتالية في ما يتعلق بأداء وانضباط الجهاز الشرطي في الكويت.

علماً بأن "الداخلية" حققت نجاحات في مجال أمن الدولة من تتبع خلايا إرهابية وكشفها قبل أن تقوم بأعمال تخريبية، وكذلك توصلهم السريع إلى الجناة في قضايا إرهابية أخرى، أهمها الخلية التي خططت ونفذت تفجير مسجد الصادق، وهي الجريمة الكبيرة التي شهدتها الديرة العام الماضي.

Ad

ورغم ذلك فإن جهاز الشرطة يعاني الترهل وتدني الانضباط بين أفراده، وهو أحد أسباب أزمة مطار الكويت، وغياب الالتزام المروري والأمني في شوارع الكويت، وأيضاً كثرة الجرائم التي يتورط فيها رجال الشرطة من ضباط وأفراد، وغياب التغطية الأمنية للمساحة الجغرافية من دوريات راجلة وآلية، واعتماد أسلوب الحملات الأمنية الموسمية التي يغيب رجل الأمن ودورياته عن الشارع بمجرد انتهائها والاعتماد على الدوريات "الساكنة" على جنبات الطرق وتقاطعاته برجل أمن داخلها، غالباً ما يكون مشغولاً بهاتفه النقال!

بالطبع التدخلات السياسية و"الواسطة" في الفترة التي تلت تحرير البلاد من الغزو العراقي أضعفت مستوى الأكاديمية الأمنية ومخرجات كلية الشرطة، وأدت إلى قبول أعداد هائلة من الضباط الذين يملأون المكاتب دون حاجة لهم، وقبول رجال شرطة بمواصفات بدنية غير ملائمة إطلاقاً لطبيعة ومهام رجل الشرطة، ما أدى إلى توالي الاعتداءات على بعضهم وإصابتهم إصابات حرجة من المجرمين والخارجين عن القانون، إضافة إلى أن غياب المواصفات العلمية وطبيعة الشخصية عند بعضهم جعلا تعاملهم مع الجمهور والمواقف الحرجة يتم بشكل ضعيف وأحياناً سلبي، وكذلك أدى غياب المواصفات الجسدية المطلوبة لرجل الشرطة إلى صعوبة تزويدهم بزي وتجهيزات ملائمة، كما نشاهدها لدى رجل الشرطة في الدول المتقدمة.

من جانب آخر، فإن قرار وزارة الداخلية يشير لأمر سياسي بالغ الأهمية، فنادراً ما يتخلى وزير داخلية في الكويت عن ورقة القبول في كلية الشرطة خلال السنة الانتخابية، لاستمالة النواب وخلق كتلة له داخل مجلس الأمة المقبل، خاصة أن القبول سيتوقف عامين متتاليين، ورغم نقدنا للوزير الخالد في بعض قراراته التي تستجيب لبعض النواب المتشددين، فإن الشيخ محمد الخالد اختار مصلحة البلد وجهاز الشرطة وأوقف القبول في كلية الشرطة، متجاهلاً أي اعتبار آخر سياسي أو طموح شخصي، وهو ما يثبت أن الوزير الخالد لا يمارس أي نوع من التدخل أو التأثير على الانتخابات، وهو بذلك أفضل وزير داخلية يمكن أن يشرف على العملية الانتخابية.

***

بالتأكيد نقدنا لجهاز الشرطة لا يعني أنه لا يوجد عدد كبير منهم من المتميزين والمثابرين في خدمة البلد في جميع المجالات الأمنية، وخدمة الجمهور في مراكز الخدمة والمخافر والمرور والمباحث العامة.