كان بليغ يقول عنها: «وردة هي حبيبتي قبل أن تكون زوجتي وتوأم روحي قبل أن تكون شريكة حياتي»، بينما كانت وردة تهدي إليه أرق كلمات الحب في أغانيها، وقد قدمت لأول مرة أغنية رومانسية بعنوان «أيه وألا أيه» للشاعر مأمون الشناوي على المسرح يقول مطلعها:أيه وألا أيه يعجبني فيك
وبحبه فيك نظرتك.. رقتك.. بسمتك روحك الحلوة.. الملايكة من حلاوتها تغير يومها قالت وردة للجمهور: نفسي أهدي الأغنية دي لشريك عمري وحياتي الأستاذ بليغ حمدي. ومثل كل قصص الحب الخالدة لم يصمد زواج وردة وبليغ كثيراً، ووقع الطلاق المر بينهما عام 1979.لم يكن هناك مفر من الانفصال، فبوهيمية بليغ تتنافى مع رغبة وردة في الاستقرار، وجنونه يتعارض مع عقلها، ونزواته تتنافى مع قدرتها على استيعابها، وأسلوب حياته يتنافى تماماً مع الشكل والأسلوب الذي تربت واعتادت عليه.الغريب أن هذا الانفصال كان متوقعا من الكثيرين ومنهم عبدالحليم حافظ، فبليغ لم يستطع تحمل قيود الزواج أكثر من هذه السنوات الست، بالإضافة إلى الملل من الزواج الذي جعله لا يبالي بالتزامات أو ارتباطات، وقيل وقتها إنه عاد لاستئناف غرامياته وزاد من إهماله لزوجته، وأنه لم يبال بها في فترة مرضها إثر الوعكة الصحية التي ألمت بها وكانت عبارة عن جلطة في القلب وقد أثر هذا كثيرا فيها وجعلها تقول إن موقفه أثناء مرضها شرخ جدار حبهما الصلب، وهي التي قالت فيما بعد «بليغ حمدي ملحن وموسيقار رائع، لكنه زوج فاشل»، وقالت أيضا: «رغبتي في غناء أغنية (مش عوايدك) التي قدمها بليغ لميادة الحناوي كانت أحد الأسباب، لأنني سمعت منه هذه الأغنية وهو يلحنها فأعجبتني، وطلبت منه أن أغنيها، لكنني فوجئت بالمطربة ميادة الحناوي تغنيها، فطلبت الطلاق، وسبب آخر عجل في موضوع الطلاق، وكان بعد إجرائها جراحة دقيقة حيث رقدت بعدها في المشفى لأيام عديدة لم يتصل خلالها بليغ أو يزورها للاطمئنان عليها.
بعد الطلاق
ورغم حدوث الطلاق بين أشهر ثنائي في الوسط الفني لكنهما لم ينفصلا روحيا، فقد كان بليغ مستمرا في رسائل حبه لوردة على حنجرة مطربين آخرين مثل ميادة الحناوي التي جسدت الحب بينهما في أغاني (الحب اللي كان) و(فاتت سنة) و(أعمل أيه) و(أنا بأعشقك). وعلى الرغم من الانفصال بين الزوجين، فقد تعاونا فنيا، لكن ليس بنفس القدر الذي كان أيام زواجهما، ومن أهم هذه الأعمال قصيدة الدكتور مانع سعيد العتيبة (وعد الحبيب) و(حب الحبيب) و(من بين ألوف) كلمات منصور الشادي، وأخيرا «بودعك».وكان بليغ يقول دائما بعد تجربة الطلاق: الإنسان أحيانا يكون عنيداً مع نفسه بدون داع أو تفكير. وبعد الانفصال بدأت وردة مرحلة جديدة مع ألحان عبدالوهاب والموجي ومكاوي وعمار الشريعي وحلمي بكر. أما بليغ فاتجه لاكتشاف أصوات جديدة مثل عزيزة جلال وسميرة سعيد ولطيفة وميادة.وتعددت علاقات بليغ بعد انفصاله عن وردة ونمت مشاعر بينه وبين ابنة الموسيقار محمد عبدالوهاب، إلا أن الأخير رفض زواجهما وتوفيت الابنة قبل أن يتزوجها بليغ. ورغم كل هذه الغراميات ظلت وردة هي الأقرب إلى قلب بليغ، وهي حبه الأول والأخير. وفي أحد الأيام وبعد طلاق وردة بفترة طويلة نشرت إحدى الصحف خبراً عن قرب زواج وردة من صحافي شاب كان صديقا لعبدالحليم حافظ ورفيقا له في كل رحلاته. وتلقت وردة مكالمة تليفونية من باريس تخبرها بأن ابن شقيقها نقل إلى المشفى في حالة حرجة، فطارت فورا إلى فرنسا للاطمئنان عليه وبعد يومين وصلت القاهرة إحدى المطربات لتشيع في كل مكان أن وردة لم تكن في باريس وإنما في مدينة «كان» مع حبيبها الجديد وكانت شائعة كاذبة.وعندما عادت وردة وجدت الدنيا كلها تتحدث عن قرب زواجها، واتصل بها عبدالوهاب وقال لها: يا وردة ماتسبيش الإشاعات اللي من النوع ده تحوم فوق راسك وإذا كنت بتحبي الصحافي ده اتجوزيه، بينما قال لها محاميها محمود لطفي: مكانتك الفنية ماتسمحش بأننا نسيب علامات استفهام حول حياتك الخاصة.. احسمي أمرك إما أنك تتجوزي الصحافي ده أو تقطعي علاقتك به. وفي يوم رن جرس التليفون وكان بليغ حمدي يتحدث من لندن يسألها: هو أنت صحيح بتحبي الصحافي ده؟فسألته: مين قال لك كده؟أجاب: وجدي الحكيم كان سهران في ملهى بورسليتر في جاردن سيتي مع نجاة الصغيرة وشافك هناك والصحافي ده معاكِ. ضحكت وردة وقالت: أنت بتسألني بصفتك أيه وبأي حق تتدخل في حياتي الشخصية؟قال لها: على الأقل أنا صديق لك وأحب أطمن عليكِ. ردت: اطمن يا بليغ.. أنا ست عاقلة وعارفة طريقي كويس. وانتهت المكالمة عند هذا الحد. وأدركت وردة أنها لم تعد حرة رغم طلاقها، فإذا أرادت الطلاق فإن طلاقها قضية، وإذا تزوجت فإن زواجها يتحوَّل إلى قضية، وإذا أحبت أو جربت أن تحب فكل ذلك يصبح قضية، وهنا تملكها العناد وأعلنت أمام الجميع: نعم «أحب هذا الصحافي ولكن لن أتزوجه». وتعالت أصوات الاحتجاج والاعتراض والتذمر، وكان ردها: «لقد جربت الزواج مرتين.. وكان الطلاق هو النهاية»... ولم تكتمل فصول القصة.أرادت وردة أن تمضي شهر رمضان مع ابنيها وعائلتها في الجزائر وسافرت، وفي طريقها أمضت يومين في باريس للتفاهم مع إدارة مسرح «أوليمبيا» على 7 حفلات ستقيمها هناك، وكان هناك بالصدفة لقاء جمعها مع بليغ في فندق «برنس دوجال» ومنذ أن التقى بها لم يتركها إلا في اللحظة التي ركبت فيها الطائرة متجهة إلى الجزائر. سألها: هل أنت مرتبطة عاطفيا برجل غيري. فسكتتفقال لها: حاتتجوزي؟ استمر سكوتها فقال: عموما أنا واثق إني لسه في قلبك وإن حبك ليّ لسه ماخلصش.وسافرت وردة إلى الجزائر، بينما سافر بليغ إلى القاهرة. وعاد بليغ إلى باريس مجدداً وبقي هناك طوال الأسبوع الذي قدمت فيه وردة حفلاتها الرائعة على مسرح «أوليمبيا»، وقبل أسبوع واحد من هذه الحفلات كان قد أسمعها لحن أغنية جديدة تحمل كلماتها معاني ومشاعر تجيش في صدره وتملأ قلبه. قال لها: يا وردة يا حبيبة عمري أنا وأنت كنا ضحية الآخرين. ردت بعنف: مين هم الآخرين دول اللي كنا ضحيتهم.. يا ترى هم اللي خلوك تقيم شهور طويلة في أبوظبي وتبعتلي جواب واحد كل 10 أسابيع.. يا ترى هم اللي خلوك تسيب القاهرة في نفس اليوم اللي دخلت أنا فيه المشفى عشان أعمل عملية إنت عارف مدى خطورتها.. يا ترى هم اللي خلوك تقيم في فندق وأنا في فندق مختلف لما جت لك أبوظبي!!قال لها: أنا عارف إن الأزمة اللي حصلت بيني وبينك سببها صوري في أبو ظبي اللي نشرتها مجلة الموعد.ردت: بليغ.. حكايتنا انتهت وكان لازم تنتهي. الوداعورغم ذلك كان بليغ يراها مصدر كل دقات قلبه وظل بعد انفصاله عنها يرسل لها رسائله العاطفية عبر الأصوات التي لحن لها، وأكبر دليل على استمرار تواصل المشاعر داخل بليغ، رغم مرور سنوات، أنه لحن أغنية لحفيدة وردة (دلال) ابنة وداد في عيد ميلادها وكان يقول مطلعها:يا بنت بنت الغاليةسنة حلوة يا دلال أما وداد فكانت تناديه «بلبل»، وكانت صورتها موجودة بجوار سريره ودائما كان يردد ويقول: «نفسي يكون عندي بنت زي وداد». وبعد الطلاق ترك بليغ لوردة شقته في ميدان سفنكس بضاحية المهندسين، إلى أن تعد لنفسها شقة خاصة في منطقة الزمالك. وفي إحدى السهرات عام 84 والتي كان يقيمها بليغ في بيته حدثت واقعة قلبت حياته رأسا على عقب.. جريمة انتحار أو جريمة قتل.. لا أحد يعلم. المهم أن هناك جثة لمغربية اسمها «سميرة مليان» أسفل العمارة.. جثة أثارت الضجة والجدل وفجرت الاتهامات واللعنات والتساؤلات والألغاز والحكايات، وكانت النتيجة هروب بليغ إلى باريس خوفاً من المساءلة القانونية. إنه بالفعل لا يعلم شيئاً عن هذا الانتحار الذي تم من إحدى غرف البيت.. فقد كان حادثاً غامضا وسيظل غموضه سرا رهيبا في حياة بليغ يجعله مغتربا وحيدا خائفا مرعوبا من الحكم عليه بالسجن في جريمة لم يرتكبها.وذات ليلة كانت وردة تحيي حفلا لوزارة الداخلية والتقت بزكي بدر وزير الداخلية وقتذاك وقالت له: يا سيادة الوزير بليغ لو اتسجن.. أنا هاروح أقعد على باب السجن ومش هامشي من قدامه. فرد عليها مازحا: ياريت هو إحنا نطول.. على الأقل حانجيب ناس كل يوم وناخد منهم تذاكر عشان يتفرجوا عليكِ. وطمأنها الوزير بأن بليغ لن يمسه مكروه، إلا أنه في جلسة الاستئناف كان أحد القضاة وهو مأمون الهضيبي نجل حسن الهضيبي المرشد الثاني لجماعة «الإخوان المسلمين»، وحكم على بليغ غيابياً بسنة سجناً وسنة مراقبة وسنة متابعة، وكان بليغ وقتها في باريس بينما كانت وردة شديدة التأثر والخوف عليه. بعد صدور حكم نهائي بعد 4 سنوات ببراءة بليغ في قضية مقتل سميرة مليان، امتلأ بيته بالزائرين الذين علت الفرحة وجوههم ابتهاجا بزوال الكابوس الرهيب الذي جثم على حياته 5 سنوات وكانت وردة في مقدمة الزائرات المهنئات وقالت لبليغ برغم طلاقها منه قبل 10 سنوات: ماقدرتش أنام طول الليل وفضلت صاحية للصبح وبعدين رحت كل ربع ساعة أسأل بالتليفون عن القضية.فابتسم بليغ وقال لها: أنت لو ماعملتيش كده ماتبقيش وردة اللي عرفتها.. طول عمرك إنسانة وأصيلة وطيبة. ثم قال لها: وأنا في الطيارة يا وردة كملت تلحين أغنية (بودعك) وأنا جاهز لتسجيلها من بكرة.فضحكت هي هذه المرة وقالت: وهو الناس هيسيبوك اليومين دول. وغنت وردة «بودعك»: بودعك وبودع الدنيا معك جرحتني .. قتلتني غفرت لك قسوتك بودعك من غير سلام ولاملام ولاكلمة مني تجرحكأنا .. أنا أجرحكبسم الآلام .. ارحل قوام حبي الكبير حيحرسك في سكتك كانت وردة تبكي وهي تنطق بكلمات الأغنية أثناء التسجيل الذي توقف أكثر من مرة، حتى أن الموزع الموسيقي ميشيل المصري قال لها: لازم اسم الأغنية دي يتغير من بودعك إلى بوجعك وهي الأغنية التي كتبها بليغ بعد أن كان ينتظر اتصالا من وردة في عيد ميلاده إلا أنها لم تتصل ففهم أنه الوداع الأخير بينهما وكأنها كانت تشعر أنها آخر أغنية في مشوار بليغ. أما بليغ فقد تدهورت حالته الصحية والنفسية بسبب العذاب الذي عاشه بعيدا عن وطنه والذي حوله إلى مأساة إنسانية بكل المقاييس فأجرى في باريس عدة جراحات في الكبد وظل أصدقاؤه يتابعون أحواله عن بعد حتى عاد إلى مصر وسرعان ما عاد إلى باريس ليستكمل علاجه إلى أن تٌوفي هناك في سبتمبر 1993 وهو يردد اسم وردة في لحظاته الأخيرة وتنتهي أسطورة المشاعر التي ربطته بوردة وأصيبت وردة بنوبة اكتئاب شديدة بعد فراقه ومنذ رحيله وهي تتحدث عنه في كل لقاءتها الفنية وتتحدث عن فضله في وصولها للنجاح والنجومية.أغنية: بكره يا حبيبي
كلمات: محمد حمزة ألحان: بليغ حمديغناء وردة الجزائريةبكره يا حبيبي .. يحلو السهر بكره يا حبيبي .. يطل القمر بكره يا حبيبي .. أنا وأنت يا حبيبي حنعيش يا حبيبي .. حبايب حبايب الحب فينا دايب يا قمرنا ... يا قمرنا ضوي فوق شجرنا خلي الدنيا وردي خلي الحب وردي ده مهما يقابلنا في سكة سفرنا الدمعة بتعدي .. الفرحة بتعدي واللي بيفضل ليا حب حبيبي ليا
«ماعندكش فكرة» من أم كلثوم إلى وردة
رشح الموسيقار رياض السنباطي للفنانة أم كلثوم أكثر من مرة الملحن حلمي بكر مؤكدا لها أنه موهوب وسيقدم لها طعما مختلفا في أغانيها، وفي أحد الأيام قال كمال الطويل لبكر: أنا حاطلب لك أم كلثوم، فتخيل حلمي أنه يمزح وبعد أن أعطاه سماعة التليفون سمع صوتها يقول: أزيك يا حلمي أنا أم كلثوم. فرد عليها بصوت ساخر وقال: نعم يا أختي؟فقالت له: آه يا قليل الأدب.. يا ريت ألحانك تكون أفضل من أخلاقك. ثم التقى بها حلمي وهو لا يصدق نفسه واتفقا على أغنية بعنوان معدنكش فكرة وعندما انتهى من تلحين نصف مذهبها سمعها اللحن فقالت له: حلو قوي.. لما أرجع من السفر نسجله. لكنها سافرت في رحلة مرضها الأخيرة وكانت الأغنية من نصيب وردة الجزائرية وبعد ذلك بلغ عدد ألحان حلمي لوردة 13 أغنية.
نصيحة عبدالوهاب
كان عبد الوهاب يقدم من حين لآخر نصائحه لوردة وفي يوم قال لها : يا وردة أنت أحسن واحدة تخسري الناس وعند ما سألته عن السبب قال لها : لأنك لست لينة في التعامل مع الناس وكل اللي في قلبك بتقوليه على طول وده غلط.
تغيير النهاية
في فيلم «حكايتي مع الزمان» أثناء التصوير كان المخرج حسن الإمام يصرخ مستغيثا من بطل الفيلم رشدي أباظة والذي يرفض أن تتركه البطلة وتذهب لغيره (سمير صبري) فكان رشدي يقول للمخرج: مين دي اللي تجرؤ على ترك رشدي أباظة وتروح لحد غيره.وفعلا تم تغيير النهاية وفقا لما أراده بطل الفيلم لا المخرج.