في هذا الزمن من التداعيات المختلفة الناجمة عن الاحتباس الحراري، وعندما يشهد العالم أحوالا مناخية قاسية على غرار ما حدث في الآونة الأخيرة من خلال هطول أمطار غزيرة أفضت الى حدوث فيضانات في باريس وأنحاء اخرى من فرنسا، اضافة الى ألمانيا، فإن السؤال الذي يطرح بقوة هو هل ادى تغير المناخ دوراً من نوع ما في هذا التطور الذي تمثل في ارتفاع منسوب مياه نهر السين في باريس الى أعلى مستوى له منذ سنة 1982؟

حول هذا الموضوع كتبت صحيفة نيويورك تايمز تقول: قبل فترة غير بعيدة كان الاعتقاد السائد لدى معظم علماء المناخ هو أن الاحتباس الحراري سيفضي بشكل أو بآخر وبصورة محتمة الى هطول مزيد من الأمطار، وأن ارتفاع درجة حرارة الهواء سيتسبب في زيادة الرطوبة في الجو، ولكن قد يكون من الصعب أن ننسب هذه الظاهرة الجديدة إلى سبب واحد فقط، على أي حال، ويتشاطر العديد من الخبراء هذه الحصيلة العلمية.

Ad

وقد يكون الجواب الأكثر تحديداً ودقة هو ما يمكن أن تتوصل إليه بحوث العلماء في وقت لاحق وبعد قيامهم بدراسة متأنية لهذه الظاهرة اللافتة. وربما يستمر هذا الجهد الميداني عدة أشهر أو سنوات حتى قبل أن تتضح الصورة بشكل جلي.

وقالت الصحيفة إن علماء المناخ عمدوا إلى إجراء تقييم سريع في ظل الأوضاع الراهنة حول دور محتمل لتغير المناخ تسبب في حدوث الفيضانات التي شهدتها قارة أوروبا عندما بلغ معدل الأمطار التي هطلت على فرنسا خلال أيام قليلة فقط ما يعادل هطول شهر كامل في السنوات السابقة.

والاستنتاج الذي توصل اليه اولئك العلماء هو أن تغير المناخ ساهم في زيادة احتمالات حدوث فيضانات في فرنسا، ولكن ذلك لم ينسحب بالضرورة على الحال في ألمانيا على سبيل المثال.

من جهة اخرى، عمد باحثون في مجموعة دولية تعمل في دراسة أوضاع الطقس والتغير المناخي إلى طريقة تعتمد على السجلات التاريخية لدرجات الحرارة في أوروبا من خلال عمليات محاكاة بالحاسوب، ومضى البعض منهم الى حد افتراض غياب أي دور للإنسان في ذلك التغير.

وبحسب الصحيفة، فإن تقديرات العلماء في هذا الصدد تمحورت حول زيادة معدل الاحتباس الحراري بالنسبة الى هطول الأمطار على حوض نهر السين مقارنة مع مناطق اخرى من العالم لم تشهد تغيراً كبيراً في المناخ.

وبلغت نسبة احتمال حدوث تلك الفيضانات في اقليم حوض نهر لوفوار الى الجنوب والغرب من العاصمة باريس 90 في المئة، كما قال العلماء انهم على ثقة كبيرة بأن تغير المناخ هو السبب الرئيس وراء ما شهدته فرنسا في الآونة الأخيرة.

أما في ألمانيا وعلى الرغم من هطول الأمطار نتيجة الظروف المناخية ذاتها فقد كانت نسبة حدوث الفيضانات أقل، كما أنها كانت أكثر كثافة وحدة على أي حال.

وأضافت «النيويورك تايمز» ان الباحثين وفي تحليلهم للوضع السائد في ألمانيا لم يتمكنوا من اقامة صلة مباشرة بين هطول الأمطار وتغير المناخ. وقد هدفت الدراسة التي قام بها علماء من معهد الأرصاد الجوية الملكي في هولندا وجامعة أكسفورد وغيرهما من المراكز العلمية المتخصصة إلى زيادة تعريف العامة بالتأثيرات المختلفة التي يمكن أن تنجم عن تغير المناخ في العالم.

ووفقا لأحد علماء التغيرات المناخية، فبعد كل حادث من النوع الذي شهدته فرنسا أخيراً يتم طرح العديد من التكهنات والتوقعات حول مسؤولية تغير المناخ في هذا الصدد، مع الاشارة الى أنه على المجتمع العلمي مسؤولية تحليل ما حدث بصورة موضوعية.

وكان اللافت، بحسب الصحيفة، أن فيضانات باريس هددت المؤسسات الثقافية في العاصمة الفرنسية، اضافة الى أنها غمرت أرياف شرق المدينة بالمياه.

وحثت الحكومة الفرنسية السكان على نقل مقتنياتهم الثمينة من سراديب الأبنية المعرضة لخطر الفيضان في اجراء غير مسبوق في ذلك البلد، كما أنها اتخذت اجراءات طارئة من أجل نقل أعمال الحكومة من قصر الاليزيه في حال خروج الوضع عن السيطرة.